نظرًا للتقدم الهائل والمستمر في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتطور الكبير في مجال القياس والتقويم التربوي والنفسي، والتوجه نحو ضرورة أن يتعلم المتعلم كيف يتعلم Learn How to Learn، من هذا المنطلق ظهرت توجهات عالمية وحديثة نحو تطوير أساليب وأدوات تقويم الطالب، ومازالت البحوث مستمرة في هذا المجال. من هذه التوجهات ما يلي:
1 - التقويم التكويني أو البنائي:
- التقويم التكويني: هو ذلك النوع من التقويم الذي يرافق الطالب منذ بداية البرنامج التربوي ويستمر في جميع مراحل هذا البرنامج للتأكد من مدى اكتساب الطالب للأهداف التربوية المنشودة. ويهدف التقويم التكويني إلى تطوير البرنامج التربوي ومساعدة الطالب على تطوير أدائه وتمكينه من بلوغ الأهداف. وفي المقابل فإن التقويم الختامي هو ذلك النوع من التقويم الذي يتم بعد الانتهاء من البرنامج التربوي، ويركز على المحصلات التي حققها الطالب. والفرق بين هذين النوعين من التقويم، أن (التقويم التكويني) يركز على تطوير أداء الطالب وتحسينه، بينما يركز (التقويم الختامي) على معرفة مستوى الأداء الذي بلغه الطالب وإصدار الحكم عليه، وذلك بعد الانتهاء من البرنامج التربوي.
- التقويم الكيفي: في بداية الستينيات من القرن العشرين ساد الاعتماد على العديد من وسائل التقويم الكمية في قياس المتغيرات والسمات والخصائص التي يمكن إخضاعها للقياس الكمي، بينما أغفلت الظواهر والسمات والمتغيرات النوعية (الكيفية) التي يصعب قياسها قياسًا كميًا دقيقًا، وفي السبعينيات بدأ تأييد وتشجيع البحوث النوعية التي تعتمد على أساليب تقويم كيفية، وحدث جدل بين أنصار الطرق الكمية وأنصار الطرق الكيفية، حيث رأى أنصار الطريقة الكمية أن الطريقة الكيفية غير علمية وغير دقيقة. وعندما حل عقد الثمانينيات بدأ التكامل بين التوجه الكمي والتوجه الكيفي في مجال التربية والتعليم.
2 - التقويم المهاري والعقلي والسلوكي:
ركز التقويم في العديد من الدول العربية على قياس نواتج التعلم المعرفية في أدنى مستوياتها (التذكر- الفهم- التطبيق)، مما أدى إلى قصور في المخرجات التعليمية، وبناءً على ذلك رأت بعض الأنظمة التربوية ضرورة امتداد التقويم ليشمل قياس وتقويم المهارات العملية لدى الطالب، أساليب ومهارات التفكير، حل المشاكل، صنع القرار، قيم الطالب، سلوكه، توجهاته...إلخ. وقد أدت هذه النظرة الشمولية في تقويم الطالب إلى ظهور العديد من الاختبارات والمقاييس المناسبة لقياس كل واحد من نواتج التعلم هذه.
3 - تقويم الأداء:
يحدد تقويم الأداء أو التقويم المعتمد على الأداء قدرة الطالب على استخدام وتطبيق المعرفة والمهارات في سياقات أصيلة متنوعة، ومرتبطة بواقع الحياة. ويعرف تقويم الأداء بالتقويم الحقيقي (الأصيل) أو التقويم البديل. وهناك عدة أمثلة يمكن أن تساق على تقويم الأداء مثل تنفيذ مشروع ما في مقرر دراسي، أو إجراء تجربة علمية،أو حل مشكلات رياضية، أو تقديم عرض عملي على الحاسوب عن بعض التصميمات، وهذا النوع من التقويم يزود المعلم بمعلومات حول فهم الطالب للمعارف والمهارات وقدرته على تطبيقهما.
4 - تكنولوجيا التقويم:
يعد هذا العصر عصر التكنولوجيا، ولقد اقتحمت التكنولوجيا جميع المجالات ومنها مجال التربية والتعليم، وأثرت تأثيرًا إيجابيًا متقدمًا في هذا المجال، ومن فوائد تكنولوجيا التقويم أنها تزودنا بأجهزة وأدوات تكنولوجية حديثة تفيد كثيرًا في عمليات التقويم، تتيح صياغة مفردات الاختبار في مواقف حقيقية واقعية وذلك باستخدام تقنيات الكمبيوتر والفيديو، تحفز المتعلمين على التفاعل الإيجابي مع الخبرات في الموضوعات التي يدرسونها وذلك من خلال تزويدهم بتغذية راجعة مستمرة، تنقل محور التقويم من قياس قدرة المتعلم على حفظ وتذكر ما يتعلمه داخل الصف إلى قدرته على تقويم وتطبيق تلك الخبرات والمعلومات.
5 - الحقيبة التقويمية:
الحقيبة التقويمية تعد شكلًا من أشكال التقويم البديل، وهي مجموعة من أعمال الطالب منتقاة انتقاءً مقصودًا لتدلل على مستوى معارف الطالب، ومهاراته، وقيمه، واستعداداته، واتجاهاته، وإنجازاته، وأبحاثه، وأوراق عمله، وتقدمه، ومستوى تحصيله. كما أن للطالب حق المشاركة في انتقاء محتوى الحقيبة، والمشاركة في معايير الحكم على الجودة، وبهذا يعزز محتوى الحقيبة التقويم الذاتي لدى الطالب.
6 - التقويم متعدد القياسات:
لا يعتمد هذا التوجه الحديث من التقويم على أسلوب واحد من أساليب التقويم في إصدار الحكم على المتعلم، حيث إنه يعتمد على أكثر من أسلوب، ويمتاز التقويم المتعدد القياسات بالدقة في إصدار الحكم على الطالب، واستخدام التقويم القائم على الأداء، وجودة عمليات التقويم؛ وذلك لتنوع أساليب وطرق التقويم.
7 - الاختبارات الموائمة حاسوبيًا:
هناك فرق بين الاختبارات الموائمة وبين الاختبارات المداراة بواسطة، ففي النوع الأخير لا يحدث تغيير في طريقة تقديم الاختبار بناء على التغيير في أداء المفحوص، فالاختبار يقدم بواسطة الحاسوب متبعًا في ذلك نفس الطريقة التسلسلية التي يقدم بها اختبار الورقة القلم، أي أن طريقة تقديم بنود الاختبار أوبنائها أو ترتيبها أو الوقت اللازم لإتمام الاستجابة عليها واحدة لجميع المفحوصين دون استثناء، أما في الاختبارات المواءمة فإن طريقة تقديم البنود وتسلسل الأسئلة وترتيب ظهورها يعتمد على الأداء الفردي لكل مفحوص، فلكل مفحوص اختباره الخاص به والذي يتناسب مع قدرته الفردية، فبعد تقديم البند الأول إلى المفحوص غالبًا ما يكون في مستوى من الصعوبة متناسبًا مع قدرة المفحوص يقوم الحاسوب بناءً على (صحة أو خطأ) الاستجابة بتقديم بند آخر أكثر (صعوبة أو سهولة)، وهكذا يتم الحصول على تقدير أدق لقدرة المفحوص بعدد أقل من البنود ووقت أقصر ومرونة مناسبة.
8 - بنوك الأسئلة:
بنوك الأسئلة هي مجموعات كبيرة نسبيًا من أسئلة الاختبارات تمت معايرتها وتقويمها وفهرستها وتخزينها والانتقاء منها لبناء أنواع متعددة من الاختبارات التحصيلية وغيرها. ومن مميزات هذه البنوك أن الاختبارات تكون أكثر صدقًا في محتواها لأنها تغطي محتوى المقرر كله من خلال المفردات الاختبارية المنتقاة من بنك الأسئلة.
9 - مجموعات التركيز:
يتم تطبيق مجموعات التركيز في مجموعات مصغرة يتراوح عددها من خمسة إلى عشرة متعلمين، ويجلس المنسق أو المعلم مع كل مجموعة يطرح عليهم تساؤلات حول موضوع تعليمي محدد، ويتم الحوار بين المتعلمين والمناقشة بشكل تفاعلي. ويكشف هذا الأسلوب عن الأنماط السائدة في المرئيات المختلفة لأفراد المجموعة حول الموضوع، وكذلك تشخيص الأفكار (البديلة) الخاطئة، كما أنه يعد طريقة تدريس مجدية في تعديل الأفكار والمفاهيم الخاطئة.
10 - التقويم الذاتي:
يقصد بالتقويم الذاتي للطالب تلك العملية التي يتم من خلالها جمع الطالب للمعلومات والبيانات التي تتعلق بأدائه، ويصدر أحكام منطقية وعلمية على أدائه في ضوء محكات محددة، ويتعرف على نقاط قوته وإبداعه ويعززها ذاتيًا ونقاط ضعفه ويعمل على علاجها ذاتيًا. ويتم ذلك تحت دعم وإشراف معلمه، المدرسة، ولي الأمر، ومن له صلة بتعليم الطالب.
بقلم : أيمن عبد المجيد بشاوري