من الكتاب إلى الجامعة، رفعنا القلم وتعلمنا كيف نكتب وكيف نقرأ. ومع ازدهار صداقتنا مع المعرفة، كان القلم يكبر معنا كما كان حبنا يزداد لمن يعلمنا.
كنت دائما أتساءل كيف يرى المربي كل شيء وكيف يحس كل شيء… كنت أتابع خطواته، أرتحل أينما ارتحل، منبهرة بما وهبه الله من قوة متمثلة في معاملته لنا وفي حركاته في الكتاب، في القسم وفي المدرج. كنت أعتقد أنه منهمك في شرحه، ولن ينتبه لأي شيء لكنه كان يرى كل شيء…
كنت أتساءل كيف وهبه الله كل هذا؟! كيف وهبه الصبر والتفهم؟! كيف وهبه الله تقمص دور الصديق ودور المرشد ودور المعلم؟! كنت أتساءل كيف يتقن كل المهارات؟!
احترت في ماهية حرفته، هل هو طبيب نفساني أم خبير في علم الفراسة؟ من يكون هذا المعلم؟! كيف يحلل مشاعر التلميذ طفلا، مراهقا، شابا وكهلا؟! كيف له كل هذا؟ كيف يتقن هذه الكيمياء الغريبة؟!
في ظل ما كان وما يزال يعتريني من أسئلة وحيرة، كنت أراني في نعمة كلما استمعت إلى المعلم. .. و الله إن المستمع للمربي لفي نعمة حقيقية، لا يدركها إلا من توقف عن الدراسة أو من تخرج حاملا شهادة عليا.
عندما تشاء الظروف و تحيا العزيمة من جديد بدواخلنا بحثا عن المعرفة. نجد الفرحة تتربع على عرش قلوبنا، لأننا سنصافح من جديد ملاك العلم. ننتشي بتتبعه داخل القسم، نخترع أسئلة كثيرة ونخترع كلاما كثيرا لا لشيء وإنما لإشباع اشتياقنا للمربي الفاضل. المربي تراث حقيقي، وجب علينا الحفاظ عليه كما نحافظ على تراثنا الثقافي. المربي جزء من حضارتنا وجزء جماليتنا.
لو قطفت كل الكلمات الجميلة من بستان اللغة العربية، ولففتها في شكل أنيق كباقة ورد ورافقتها بموسيقى "السنباطي" أو موسيقى الراشدي أو موسيقى الجاز…
ولو اقتنصت أحلى الكلمات من حديقة اللغة العربية، وألبستها أجمل الثياب ورافقتها بموسيقى الملحون أو موسيقى "كناوة…" لما استوفيت حق المربي الفاضل.
ولو سرت على درب أحمد شوقي، وحاولت مدح المربي الفاضل لما استوفيت حقه.لك يا معلمتي ويا معلمي اشتياقي وتقديري واحترامي…
إننا نشتاق لكم لأنكم حقا تراث يسكن أعماقنا ويحيي بدواخلنا نوستالجيا جميلة.
يقلم: خديجة الخليفي