يمثل الأطفال والمراهقون المستقبل الواعد لكل مجتمع من المجتمعات، فالطفولة والمراهقة مرحلتان مهمتان تمثلان موضوعا حيويا وهاما بما للكلمة من معنى وللعبارة من دلالة. وعلى هذا أساس هذا المنظور فإنهما تكونان الحلم الأكيد، يعقد عليه كل مجتمع آماله المستقبلية وطموحاته بحثا عن الإنتاجية والتفوق.

  فتقدم المجتمع يقاس بمدى اهتمامه ورعايته وتنشئته لأطفاله ومراهقيه بحكم أن المجتمعات ترتقي أساسا بفضل عنصرها البشري. لذا يشكل الأطفال والمراهقون  المرجعية الأساسية للمستقبل كذوات وشخصيات فاعلة تمثل تركيبا اجتماعيا ينشد التغيير ويحلم بغد أفضل.ولما الأمر كذلك فالمجتمع المتخلف تخلف في رعاية وتنشئة الأطفال والمراهقين.

  ينظر المراهق والشاب دائما نظرة أمل في المستقبل وهذا أمر طبيعي لكل واحد منهما سوي التركيب والنفسية، مليئة بالحيوية والتفاؤل، متشبعا بكل ما اكتسبه وتعلمه من قيم حميدة وتربية حسنة وتمثله من سلوك مدني.

  إن التوجه الحكيم في مسألة تنشئة الأجيال يدعو في عمقه وجوهره إلى تنشئة الأجيال الصاعدة على فطرة النمو والارتقاء والتطور مع ضرورة تجاوز السلبي من مرحلة الجيل الذي سبقه. يتأسس هذا التصور على التحديث دون القطيعة ويروم إذكاء الاحتفاظ بالموروث العاداتي والتقاليدي الحسن ويفسح المجال لتحقيق التجاوز الذي يحدث بفعل أجيال  الطفولة والمراهقة، فإعادة  التربية والتنشئة الاجتماعية بنفس المعايير معناه الركوض وتوقف نمو المجتمع الطبيعي. إنّه الاجترار والتقليد والتخشب.

  نمط التربية والتنشئة الاجتماعية محددان أساسيان لنوعية الطفولة والمراهقة وبالتالي للشباب، فشخصية الراشد يتحدد تكوينها وترسم معالمها في السنوات الأولى من حياة الفرد. بهذا الخصوص يؤكد علم النفس التربوي وعلم النفس الطفل أن مرحلة الطفولة محدد أساسي لميولات الطفل والمراهق وحاجاته وتنمية ميولاته، وذكاءاته وصقل مواهبه وإبراز إبداعاته شريطة نمو سليم واهتمام صحيح وتنشئة اجتماعية سوية.

  ولما كان الطفل قادرا على التمييز بناء على فطرته وما اكتسبه من البيئة الاجتماعية التي يترعرع فيها بين الحسن والقبيح ولكي يكون مستجيبا لما يطلب منه متفاعلا إيجابا، اعتمادا على تواصله البريء وعلاقاته الاجتماعية لابد من بناء علاقة ثقة معه سواء داخل الأسرة أو خارجها بمختلف المؤسسات الاجتماعية، والمؤسسة التعليمية خصوصا.

  تقوم هذه العلاقة على الاحترام والحق في السؤال مبنية على التحاور والتشارك والتحسيس بالمسؤولية وإذا كان حسب علم الاجتماع النتيجة تستمد قوتها من السبب فلتكن تربية الأطفال ورعاية المراهقين وفق أسس صحيحة واليات منسجمة وطبيعة سنهم ونموهم ملبية لمتطلباتهم المعقولة حريصة على التناغم وقدراتهم العقلية والإدراكية تقديرا لدواتهم فمن الأقوال المخلدة لغاندي أفضل المعلمين الأطفال فعلينا حبهم وتقبلهم وتوجيههم مع ضرورة تحبيبنا لهم بتواصل لطيف رحيم فالمجتمع مليء بالأعطاب لدرجة نكاد نصدق أن الجريمة ظاهرة اجتماعية سليمة. فالتربية حقيقة علمية، في مجتمعنا تشوبها جملة من الأخطاء وجب تصحيحها.

بقلم: الطاهر مورتجين (بتصرف)

أضف تعليق


كود امني
تحديث