شهدت المقررات الدراسية المكثفة والمفتوحة على الإنترنت المعروفة اختصاراً باسم ”موك MOOC“ على مدى السنوات القليلة الماضية انتشاراً غير عادي وبشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم. ويعد موقع ”كورسيرا Coursera“ الذي يتخذ من كاليفورنيا – الولايات المتحدة الامريكية – مقراً له أكبر موقع للدورات التعليمية المفتوحة عبر الانترنت في العالم حيث يفتخر بوجود أكثر من ٧ ملايين مستخدم مسجل لديه ويقدم دورات تعليمية مجَّانيِّة من كليات دولية رائدة منها ”ستانفورد“ و”ييل“ بالولايات المتحدة وجامعة ”تورونتو“ بكندا وجامعة ”لندن“ ببريطانيا. وقد بدأت جامعة طوكيو في سبتمبر/أيلول عام ٢٠١٣ بتقديم محاضرات باللغة الإنكليزية من خلال ”كورسيرا“.

وكانت أولى مقرراتها ”من الانفجار الكبير إلى الطاقة المظلمة“ الذي قدمه البروفيسور ”موراياما هيتوشي“ و ”شروط الحرب والسلام“ للبروفيسور ”فوجيوارا كيئيتشي“ وشارك أكثر من ٨٠٠ ألف طالب من ١٥٠ دولة وإقليماً في تلك البرامج التعليمية وأنهى أكثر من ٥٠٠٠ طالب أحد هذين المقررين. وكان ”فوجيوارا“ مسؤولاً عن الإشراف على أولى الدروس التي تقدمها جامعة طوكيو عبر الإنترنت بالإضافة إلى إلقائه المحاضرات. وتحدث لنا عن إيجابيات وسلبيات ”موك“ والفرق بين التعليم العالمي والمحلي.

اللغة الإنكليزية هي لغة الدورات الأكاديمية المفتوحة عبر الإنترنت:

الصحفي: تؤدي الزيادة في دورات ”موك“ إلى خلق فرص تعليم للكثير من الذين كانوا غير قادرين على الحصول على تعليم عالٍ في السابق. أي نوع من التأثير العالمي تُضفيه هذه الدورات ؟

فوجيوارا كيئيتشي: إحدى ميزات هذه الدورات هي أنها متاحة لأي شخص لديه اتصال بشبكة الإنترنت. تعتبر الجامعة اليابانية المفتوحة والجامعة البريطانية المفتوحة مثالين إثنين تدلاّ على توفر برامج مشابهة مفتوحة ومتاحةً للجميع، ولكنهما تقدمان تعليماً عن بعد عبر البث التلفزيوني. بينما يسمح القيام بدورات عبر شبكة الإنترنت بقدر أكبر من الحرية مع قيود أقل فيما يتعلق بالوقت والذي يمكنك فيه مشاهدة برامج الدورة.

والميزة الثانية هي أن هذه الدورات تُقدم باللغة الإنكليزية. وتعد اللغة الإنكليزية عموماً لغة مشتركة في البحوث الأكاديمية، ولذلك يمكن لهذه الدورات أن تصل إلى أعداد كبيرة من الطلاب حول العالم حتى مع البلدان التي لا تتحدث اللغة الإنكليزية، وهي نقطة إيجابية بالطبع. ولكن هذا أمر مستحيل في الدورات المقدمة باللغة اليابانية. هناك نقطة أخرى وهي أنه يمكن للطلاب عادة من الذين اجتازوا امتحانات القبول ودفعوا الرسوم الدراسية في تلك المؤسسات فقط أن يحضروا الدروس الجامعية، ولكن هذه القيود لا تنطبق على دورات ”موك“.

من ناحية أخرى، لا يعرف المحاضرون نوعية الطلاب الذين سيحضرون الدورة قبل بدئها. كنت أعتقد أن معظم الطلاب في دورتي سيكونون من أوروبا الغربية والولايات المتحدة، ولكن في الواقع كان هناك طلاب من العديد من الأماكن الأخرى أيضا بما فيها الهند، صربيا، وسوريا. و أعتقد أن الدخول إلى شبكة الإنترنت كان أمراً صعباً خاصة للمشتركين من سوريا. وعندما نظرت إلى المناقشات على لوحة الإعلانات التي كانت تجري جنباً إلى جنب مع الدورات شعرت بحجم ونطاق المشتركين في الدورة.

تجاوز المفاهيم الثابتة:

الصحفي: قمت بتدريس ”شروط الحرب والسلام“ على موقع ”كورسيرا“ منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠١٣. لماذا اخترت الحرب موضوعا للتدريس؟

فوجيوارا: من الصعوبة بمكان الحصول على إجابة صحيحة حول موضوع الحرب والسلام. على سبيل المثال تعمل وسائل الإعلام حالياً في اليابان على رسم صورة للسلمية والدفاع عن الدستور الياباني السلمي أصبح رمز يدل على الغباء وأن رفض هذه الشعارات هو الأمر المطلوب ليبني الإنسان موقفه باعتباره ”واقعيا“. لكن على المستوى العالمي لا يزال موضوع الحرب والسلام يثير جدلاً حاداً. ففي أجزاء كثيرة من العالم تعتبر الحرب جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية ومن الواضح أن هناك حاجة إلى وجود قوة عسكرية لمنع نشوب صراعات. يمكن للجيوش أن تُحل السلام أو أن تدمره، هذه هي المفارقة في مركز القوة العسكرية. هناك إمكانية للتوسع بهذا الموضوع بصورة غير محدودة.

على سبيل المثال، رد بعض الطلاب على بيان في لوحة الإعلانات حول أن الصراع أمر حتمي مع وجود وجهات نظر مخالفة تتضمن أمثلة محددة. بينما آثار آخرون فكرة أنه لا يوجد بين الدول حلف دائم بل مصالح دائمة فقط، أو أنه عند النظر في النزاعات سواء كانت تاريخية أو حديثة، فمن الضروري التأكد من النتائج التي وصلت إليها. هناك العديد من النقاشات الحية والمثيرة للاهتمام.

وكنت آمل وأهدف من الدورة في جعل الطلاب يفكرون بأنفسهم ووضعهم في موقع بحيث يتوجب عليهم إيجاد أجوبة خاصة بهم. أردت أن يكون من الصعب عليهم التوصل إلى نتيجة بدون تجاوز مفاهيمهم الثابتة. ولهذا السبب اخترت هذا الموضوع. إنها نوع من الخدع التي يستخدمها المعلمون في فصولهم الدراسية بشكل يومي.

إعداد :  فوجيوارا كيئيتشي Fujiwara Kiichi