تركز البرامج الخاصة بذوي صعوبات التعلم على النمو المعرفي والنمو العقلي وتتجاهل عاملا مهما ألا وهو العامل الوجداني. إلا أنه من الصعب أن نجد برامج محددة تتضمن طرقا لتقويم النواحي الوجدانية للسلوك والتي يمكن أن تسهم في الارتقاء بذوي صعوبات التعلم أو تعوق من علاجها.
إن الجوانب المعرفية والوجدانية في الحقيقة مترابطة ومتفاعلة. فطريقة أداء الفرد لعمل ما بطريقة معرفيه تتأثر بالجوانب الوجدانية الخاصة بالفرد، وتؤثر فيها وهذا التفاعل المتبادل هو الذي يجعل العامل الوجداني مهما، فالفرق بين العوامل العقلية وغير العقلية في كون العوامل العقلية تشير إلى القوى والعمليات الذهنية التي يحتاجها الفرد من أجل تكوين الأفكار.

أما العوامل غير العقلية فتشير إلى الخصائص الاجتماعية والعاطفية والسلوكية التي يمكن أن تساعد أو تمنع استثمار الفرد لكل طاقاته، ونستطيع أن نجمع بينهما في نقاط مشتركة، فالعقل وظيفة والمخ نسيج فالذكاء والطموح وكلامنا وسعادتنا ومشاعرنا هذا كله في المخ،وهذه النقاط المشتركة هي منطقة الارتقاء والنماء وتعتبر سر البقاء وسر النماء في آن واحد إن القدرة أو المهارة وحدها لاتؤدي إلى إنجاز كبير فهي تتطلب أيضا التقاء العوامل غير العقلية المتباينة مثل قوة الأنا أو تكريس الأداء أو المجال الذي يهتم به الفرد ،والاستعداد من أجل الأداء على المدى الطويل،وكثير من العوامل الأخرى،

فهذه الخصائص متممة للشخصية التي تنهض بالأداء لصرف النظر عن المجالات التي تظهر فيه صعوبة التعلم.وغالبا ماتهتم البرامج التي تقدم لذوي صعوبات التعلم بتنمية الأداء الأكاديمي الذي يركز على المعرفة والمهارات، وبالتالي تصبح أهداف هذه البرامج أهدافا معرفية أو عقلية فالتربويون يتحدثون في الغالب عن الإسراع بالنمو المعرفي لذوي صعوبات التعلم دون النظر إلى إمكانية الإسراع بتفجير العاطفة.
إن إعاقات التعلم ومشكلات التعلم تكمن في عدم استخدام الأبحاث المتاحة في التخطيط لإنتاج خبرات تربوية لسد أو الحد من هذه الاعاقات والمشكلات،نعم قد تفتقر هذه الأبحاث إلى المعلومات الكافية أو التي لاتعطي المتغيرات البحتية وقتها الكافي لقطف الثمار ناضجة تمام النضوج ،

ينبغي أن نفرق بين إنتاج المحصول والاهتمام بالمكروم فالإنسان مكرم وأغلى مانملك لتعمير وتحقيق خلافة الله في أرضه.إضافة إلى ذلك عامل هام وحيوي وهو الاتصال الضعيف بين الباحثين وذوي صعوبات التعلم في البيئة المدرسية وعدم النجاح في إقناع القائمين على البرامج المدرسية بأهمية الخصائص الوجدانية وسحريتها،بوصفها أحد العوامل المهمة في تخطيط البرامج هذا بالإضافة إلى عدم القدرة على وضع تعريف إجرائي للخصائص الوجدانية ومن هنا كانت أهمية استعراض الحاجات الوجدانية وخصائص ذوي صعوبات التعلم ومناقشة بعض العناصر التعليمية والبيئية التي تؤثر في الصعوبة التعليمية.

1 - الخصائص والحاجات الوجدانية لذوي الصعوبات التعليمية:

إن أحد الأسباب الرئيسية التي تعلل ماأسماه تيرمان بالدراسات الوراثية للعبقرية هو محاولة دراسة الخصائص الجسمانية والعقلية والشخصية من أجل دراسة المفاهيم الشائعة حول الطفل المبشر بأنه عرضه للموت المبكر،وقد حاولت دراسات عدة دحض هذه الخرافات مع الإسهام في فهم الوظائف الوجدانية أو الحاجات الوجدانية الخاصة بذوي صعوبات التعلم، فالأطفال ذوي صعوبات التعلم يمرون بمراحل النمو المعرفية والعاطفية والاجتماعية والجسمية نفسها مثل كل الأطفال الآخرين إلا أنهم قد يمرون ببعض هذه المراحل ببطء نوعا ما ،وقد يكون النمو والتطورفي مختلف مراحل النمو التي قد تكون متفاوتة والأطفال ذوي الصعوبة التعليمية فإن النمو الوجداني قد يسبق النمو المعرفي،

فهؤلاء الأطفال قد يظهروا أداء متقدم في النمو الاجتماعي، والعاطفي إلا انه قد يكون ضعيفا في الناحية العقلية والأكاديمية وهذا الفرق قد يخلق مشكلات لهؤلاء الأطفال لان الأفراد المحيطون غير ملمي بسيكولوجية هذه الفئة والدائرة الر ئيسية للدخول إلى الارتقاء بذوي صعوبات التعلم يعتقد الباحث بأنها أولا وأخيرا الخصائص الوجدانية فقد تسهل أو تعرقل أنواعا مختلفة من أداء ذوي صعوبات التعلم من خلال قراءات الكاتب عن الخصائص الاجتماعية والانفعالية لذوي صعوبات التعلم فقد تبين أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم مقارنة بمن هم في مثل عمرهم، يشعرون بالنفور من علاقاتهم الشخصية، وهم يرون أنفسهم في حيز محدود وفي دائرة مغلقة من زملائهم العاديين في البيئة المدرسية. كما يظهرون مشاعر سلبية نحو أنفسهم ونحو الآخرين .غالبا مايفضل الأطفال ذوي صعوبات التعلم اختيار أصدقائهم من نفس المستوى العقلي ولا يهتمون بالأطفال ذوي العمر العقلي المرتفع.

غالبا مايظهر أطفال ذوي صعوبات التعلم الانسحاب والانزواء وربما يظهر البعض منهم العدوانية والعنف،والسلوك المتهور . قد يظهر أطفال ذوي صعوبات التعلم الاعتمادية وقلة التوافق مع آراء القرناء كما أنهم يميلون إلى الخضوع والى التقهقر والإحجام في عرض آرائهم.وتوضح الأدبيات في هذا المجال أن أطفال ذوي صعوبات التعلم مقارنة بالأطفال العاديين يتصفون بقلة الدافعية وإحجام الرغبات في التقدم الذاتي كما يتكون لديهم مفهوم منخفض للذات ،وتكون عندهم الانزوائية كما أنهم يكونون أكثر حساسية لتوقعات ومشاعر الآخرين ولا يميلون إلى التعبير عن أنفسهم أو حاجاتهم.

2 - الخبرات والبيئات التعليمية المناسبة:

إن الخصائص الوجدانية وحاجات الأطفال ذوي صعوبات التعلم لها أبعادها المهمة حيث تتضمن أمرين :التوصل إلى معرفة أوخبرة جديدة وإدراك الفرد لمعنى هذه الخبرة،في نوعية التعليم وفي طبيعة التعرض لخبرات تعليمية تقدم لهم، وفي البيئة التعليمية التي ينبغي أن تتوفر لهم والإرشادات والتوجيهات الخاصة التي يحتاجونها حيث إن هناك قدر من العاطفة في أي خبرة أو سلوك بما في ذلك عملية التعلم إن التعليم الذي لايتضمن عوامل وجدانية لايؤثر في السلوك كما أن النظام التربوي الذي يلغي المشاعر أو العاطفة يعد غير ذي اثر.

3 - العوامل الوجدانية التي تؤثر على التعلم:

توجد أربعة عوامل لها أثرها المعروف على عملية التعليم وهذه العوامل هي: مفهوم الذات، مشاعر التهديد ومشاعر الاهتمام.

إن أي مجال تربوي له أبعاده الوجدانية فإلى جانب إكساب الأطفال المفاهيم والأفكار الأساسية والعلاقات التي تشكل الجانب الأكاديمي مثلا فان الأطفال بحاجة إلى التميز والتذوق بمعنى أنهم بحاجة إلى تذوق الصلة بين المفاهيم الأكاديمية ومظاهر الثقافة في المجتمع وكذلك تذوق جماليات المفاهيم وجمال القدرة على حل المشكلات وتذوق أهمية التعليم التي تؤثر وتتأثر بالعلم ويمثل الأدب مصدرا للبحث في الأحوال الإنسانية واستنباط المعاني والنماذج من القصص والمشكلات التي يقدمها.

كما يعتبر الأدب وسيلة لتنشيط التفكير،وكل مجال من مجالات المنهج يمكن أن يسهم في تنمية المهارات والعمليات الوجدانية مثل الاهتمام والتعاون والاتصال ونبذ الخلافات وفي عالمنا المعاصر الذي تحاصره المشكلات من كل جانب مثل التلوث البيئي والأمراض واستنزاف موارد الطبيعية والصراعات الثقافية فان الحاجة تصبح ملحة إلى المناهج التي تخلق الإحساس والوعي بالمسؤولية الشخصية لاستثمار طاقات وقدرات وميول واستعدادات الأفراد ذوي صعوبات التعلم وهذا يحتم على التربويين ضرورة إيجاد مناهج تعمل على تنمية الشعور بالاهتمام والعاطفة من أجل استثمار المواهب والطاقات الكافية لدى أفراد هذه الفئة.
لذا ينبغي تصميم وتنظيم العملية التعليمية بحيث تعمل على تنمية وتعزيز الآتي:

* فهم عمليات التعامل الاجتماعي بما في ذلك الأقران والعائلات والمجتمعات؛
* الفهم الثقافي للقيم والمعتقدات السائدة؛
* فهم الأبعاد الأخلاقية وتعميق مبدأ المرونة والتسامح؛
* تعميق الفكر المستقبلي وما ينبغي على الفرد تحمله لمسؤولية ما.

من خلال هذه المنطلقات، فإن المنهج ينبغي أن يقدم عونا لأسلوب التعلم الفعال لذوي صعوبات التعلم.خاصة في المجال الوجداني مثل:
الانتباه والاعتبار والاثاره والشعور أن قدرتنا على تنمية المجال الوجداني هي التي تقود إلى الارتقاء والنماء لذوي صعوبات التعلميه. لذا، ينبغي أن نولي هذا المجال الوجداني اهتماما مثله مثل المجال المعرفي.
فالمناخ الفصلي والبيئة المدرسية يعد ان من المؤثرات المهمة على سلوك وتعلم الطفل خاصة في النمو الوجداني، فمفهوم الذات والاتجاهات والالتزامات والرغبة في المساهمة في نظام الثواب المدرسي كل ذلك يتأثربالمناخ الذي يجد التلاميذ أنفسهم فيه.

لذا ينبغي الانتباه إلى أن النتائج الاجتماعية والسيكلوجيه لتقسيم الطلاب إلى مجموعات له أثره الاجتماعي والنفسي على نمو الأفراد ومن هذا المنطلق فان الاتصال اللفظي وغير اللفظي والرسمي وغير الرسمي والمقصود وغير المقصود ينبغي أن يتم في الفصل الدراسي وبدوره يسهم في خلق بيئة جذابة يشعر فيها الأطفال بان لهم كيانهم وقيمتهم التي يتم فيها تعزيز مفهوم الذات لديهم والأطفال ذوي صعوبات التعلم لديهم حاجاتهم التربوية للتعبير والاستكشاف كأقرانهم. ولكن بسبب محدودية القدرة من وجهة نظر البعض_ ولا أقول محدودية القدرة. ولكن بسبب العجز لدى المسؤولية عن اكتشاف قدرات هؤلاء الأطفال والنبش عن النفيس الكامن داخلهم مما يسبب لهذه الفئة من الأطفال ضيقا بالانظمه المدرسية الجامدة التي يتعاملون معها مثل التعلم الروتيني والتكرار. ويعتقد الكاتب بأنهم لديهم القدرة كقرنائهم على النجاح في بيئة تربوية ايجابية في مجالات تتفق وإمكاناتهم الكامنة التي هي في حاجة إلى كشف وإيقاظ لنبت بذور التفوق والانبهار في نفس المجال.

4 - التعامل مع الحاجات الوجدانية لذوي صعوبات التعلم:

لقد اكدالتربويون على أهمية المثلث الذهبي في التربية والممثل في المنزل والمدرسة والمجتمع عندما تكون هذه البيئات للنمو السليم فان هؤلاء الأطفال سوف يظهرون تفوق واضح حيث ان كثير من معيقات تفوقهم تنتج من الرغبات العادية والأساسية والتي لاتهتم بالاشباعات العادية.

إن خصائص هؤلاء الأطفال قد تعني أنهم عرضه لبعض المتطلبات والضغوط في المدرسة أو المنزل أوفي المجتمع والتي قد تؤدي إلى مشكلات سلوكية وأمراض نفسية فالأطفال ذوي صعوبات التعلم قد يتكون لديهم أحاسيس عاطفية واجتماعية قد تكون نتيجة لتعرضهم لعدم النجاح الأكاديمي ومن هنا فان حاجاتهم النفسية يجب أن تشبع إذا أردنا تجنب حدوث مشكلات. ويعتقد الكاتب أن المشكلات الوجدانية الخاصة بالأطفال ذوي صعوبات التعلم.يمكن تقسيمها إلى:

  1. مشكلات بيئية حيث تتركز حول المدرسة التي لايتوفر فيها الظروف الشيقة ومن ثم فإن بيئة كهذه تجعل الأطفال يشعرون بالملل.
  2. ومشكلات مع الأقران وتنتج من الفكرة التي ترى ذوي صعوبات التعلم مصنفون عن غيرهم ومن هنا يسودهم الشعور بالدونية وهذا بدوره يجعلهم في تقهقر مستمر قد يصل إلى التسرب الدراسي.

أما المشكلات الشخصية فتتمثل في مفهوم الذات فبعض الطلاب ذوي صعوبات التعلم قد تنمو لديهم استجابات تعبر عن الاختلال الوظيفي .ويرى الكاتب بان أزمات النهوض بتربية ذوي صعوبات التعلم تتمثل في دوائر ستة وهي:

  1. - الدائرة الاقتصادية؛
  2. - الدائرة التعليمية؛
  3. - الدائرة الاجتماعية؛
  4. - دائرة إعداد المعلم؛
  5. - الدائرة العمودية وهي الأزمة الدينية، والأزمة الأخلاقية.

فالتعليم بدون تربية يعطي مهارات توظف في الشر. لأن الجانب الروحي والنفسي أهم من الجانب العقلي والجسدي. لذا فإنه يتحتم على التربويين الذين يضطلعون بتربية ذوي صعوبات التعلم الاهتمام بالخصائص والحاجات الوجدانية وتبني خبرات تربوية واجتماعية واستشارية من أجل إشباع تلك الحاجات الضرورية.

 بقلم : محمد صالح الإمام (بتصرف)