بالعودة إلى الدراسات والبحوث الرامية إلى صياغة المقاربة التربوية المتطورة نجد عدة نتائج تبرز الصعوبات التي تواجه المربين عند الإقدام على صياغة المقاربات ووضع الخطط والبرامج وتقويم النتائج. منها ما هو مادي ومنها ما هو قانوني ومنها ما يعلق بالمورد البشري المؤهل من حيث الكم والنوع. ومنها ما يتعلق بضرورة تطوير وسائل رصد تطور شخصية الطفل المستهدف بإدخال التقنيات التكنولوجية في تسجيل الملاحظة وإعادة النظر في التنظيم الهيكلي والمهني للمؤسسة... ومن السبل المساعدة على تجاوز تلك العوائق يمكن عرض ما يلي:
أ - تمكين المؤسسات المعتنية بتربية وإدماج الأطفال في سياق صعب. من الموارد البشرية المؤهلة وذلك بتوظيف المستند على المؤهل العلمي المناسب في مجال التربية من أجل التنمية البشرية المستدامة والإدماج الاجتماعي مع الانفتاح على البحث العلمي المتخصص بهدف تطوير قدرات المؤسسات وترقية مقارباتها التربوية وإنجاع أدائها الوظيفي الذي يتطلب العمل وفق منهجية دراسة الحال.
ب - خلق تواصل فعال بين المعاهد العلمية التكوينية والمؤسسات وتمكين المربين من حوافز تساعدهم على التميز في الأداء التربوي ترتكز على التأهيل المتواصل والبحث العلمي والابتكار وربطه بتحرير الإدارة من التشنجات البيروقراطية وجعلها أداة لوجيستيكية مساندة مسهلة لتنفيد المقاربات التربوية للمؤسسات.
ج - إعادة نظام جلسات التحليل والتوجيه والتتبع والتقويم التربوي داخل المؤسسات المعتنية بالأطفال في سياق صعب أبعادا علمية متخصصة في عمليات البحث والتشخيص الملائم وأساليب العمل المشترك بين المربين والمساندين والاجتماعيين والإداريين لتمكين المستهدفين من كل أساليب التكيف والتوافق والإدماج.
د - إنشاء نظام المؤسسة التربوية على قواعد تطبيقية للمستهدفين من أنشطتها يرتكز على نوع الصعوبات الخاصة بكل طفل مع مراعات السن والميولات ومستوى الذكاء والطبع. وذلك من أجل توفير الفضاءات النفسية والاجتماعية الأوسع لرصد المشاهدات الخاصة بتطوير سلوك المستهدف بكل مدلولاته عبر الملاحظة العلمية والبحث التشخيصي المتواصل تمهيدا للتدخل التربوي.
وتخصيص مساحات لضبط وتناول الأسباب التي أدت إلى الوقوع في أحضان السياق الصعب ووسائل تجاوزه على أسس الفردانية، ما دام أن لكل شخصية فردانيتها وأحوالها الخاصة، وهذا يحتاج إلى مقاربة تحتوي عدة برامج تساعد على فهم الشخصية المستهدفة والظروف التي رمت به في المشكلة والأفراد والجهات التي لها علاقة بالمشكل بالإضافة إلى التحديد الدقيق لهذه المشكلة والسمات الاجتماعية والنفسية والثقافية التي تتسم بها. وهذه الشروط تمكن من مساعدة الطفل على الاستئناس بمناخ المؤسسة التربوية وبدع جهود الطاقم التربوي من أجل تفسير المتغيرات المحيطة والمرتبطة بالسياق الصعب الذي يعانيه الطفل. ويمكن من اختيار الفريق المهني المتخصص لإدارة المقاربة التربوية والذي قد ينظم إليه أولياء أمور الطفل وأصدقاؤه ومنظمات غير حكومية أخرى ذات نفس الاهتمام.
بقلم : عبد الله أبو إياد العلوي (بتصرف)