بالرغم من أن علاقتهما كانت تبدو ملتبسة وغامضة على الدوام، إلا أنه كان مُصرًّا على أن تَصْحبه أيْنما حلَّ وارتحل. أهْلُها وعَـدٌوه بفيضِ العَـطايا وملء حياته رفاهية ومَزايا، فاستسلم  لإغراءاتها، غير آبهٍ بجُنونها. كيف لا وقد منَحتْه وحْدَه سرّها الدفـين، وأوْهَمتْه بأن رصيدَه عِـندها باقٍ لكل وقـتٍ وحين. 

فجأة، كَشفت عن سِتار وجهها الخَفِي، وبعبارة شديدة الوضوح قالت له: رصيدك غير كافٍ... لقد خَانت وعدها، بعد أن أَمِنَ مَكْرَها وصَدَّق أهْلَها حين أَلبسٌوها ظلما صِفة " الائتمان". لقد أربكت حساباته، ووضعته بين فكَّي رَحَى تطحنه بلا رحمه، غَيظ يخْنق أنفَاسه وحٌزْن يعْـصر قـلبه.

ترك صاحبٌنا بطاقته الائتمانية، التي لَم تعد تلك الصَّاحبة الأمينة الواعدة بنعيم لا ينضَب، ثم قال: أنا الغريق فما خوْفي من البَلل، خَاضَ مع الخائضين... قَرضٌ ثم دَيْن ثم قَرضٌ...؛ تكالبت علية الأقساط فانْقَـرضَت أحلامُه بكمالياتها، وزُخْرفها وزَيْف تَرَفها. لم يكٌن المسكين يدرك أنَّه يتعامل مع " نظام مالي" ماكر و جَائِر، يَعِـدُ بالنعـيم ويُقَـرِّب للجحيم. 

ما عاد يملك سوى دعاء واحد: ربَّنا تولَّنا فيمن تولَّيت، وبَارك لنا فيما أعْطيت، وقِنا واصْرف عنَّا شر ما قضيت، أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَـلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْـرِ الرِّجَالِ.

                                                      بقلم: سعيد أولاد الصغير

 

التعليقات  

#1 رَحيم 2020-06-06 19:00
نصٌ مكتنز..دالٌ على نحو مفجعٍ..يعرّي واقع لا يني يتناسلُ بوجوه مختلفةٍ..لغةُ تسيلُ بعذوبة من البداية إلى النّهاية..دمت مُشرقا أبها البهيّ
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث