أرى في المصروف الشخصي أسلوباً تربوياً جيداً في عقاب طفلتي حنان عندما تسيء التصرف كعدم إنجازها لفرضها المدرسي فأقوم بحرمانها من مصروفها لأنها في سن تدرك فيه أهمية المال وقيمته الأمر الذي يجعلها تعرف أين خطأها وتتفاداه ما أمكن وأجد أن أسلوب التوبيخ والإهمال لا يجدي نفعاً معها في كل الأوقات ولا أحبذه كثيراً مصروف الطفل الشخصي مجال للتدريب النفسي والتربوي يعد مصروف الطفل مجالاً جيداً لتدريب الطفل عملياً على أخلاقيات المجتمع في البذل والعطاء، ويجب أن نحسن التعامل مع أطفالنا في مصروفهم اليومي.
فيما تقول السيدة وداد والدة الطفلة رنا:
أحب ابنتي كثيراً لهذا فأنا أعطيها كل ما تطلب، ولكنني مع هذا فأنا أحرمها أحياناً من المصروف عندما أجد أن هذا الموضوع يمكن أن يكون رادعاً لها في حال أصرت على رأيها ولم تستمع إلي.
علاقة المصروف بالتربية:
يقول المرشد النفسي ماجد العبد: إنه من الأفضل أن يكون للطفل مصروف محدد، إذ يستطيع الآباء تحديد قيمة المصروف استناداً إلى وضع تصور عام للمصروف الأسبوعي الذي يغطي احتياجاته ونفقاته في الترفيه والحلوى واللعب وتحديد مسؤولية الطفل في تغطية مصروفه لهذه النفقات وإعداد قائمة بالنفقات التي يرغب بها ، وأن يزداد المصروف سنوياً في حين لا يعد الحرمان من المصروف اليومي على أنه أحد أنواع العقوبات التي تلجأ الأسرة إليها في التربية ، لوجود أنواع أخرى من العقوبات المرتبطة به، كأن يحرم من حفلة أو رحلة أو مشاهدة التلفاز أن نجعل من المصروف تعزيزاً للطفل في تنمية اتجاهات سلوكية محببة وتتلاءم مع الواقع الاجتماعي والضبط الأخلاقي. وأما الهدف من المصروف، أو الفائدة التي يجنيها الطفل من الاعتماد على نفسه في المصروف بأن يشعر الطفل منذ صغره باستقلاليته ويكتشف قيمة الادخار، ويجب تدريب الطفل في سن مبكرة على استعمال النقود التي معه كي يشعر بالارتياح والاعتماد على النفس والاستقلال لتنمية قوة الشخصية لديه.
مستوى نضج الطفل يحدد متى تعطيه مصروفه:
وعن الوقت المناسب لإعطاء الطفل المصروف يقول : يعتمد ذلك على مستوى النضج لدى الطفل ، وقدرته على القيام بالعمليات الحسابية البسيطة ، وتخمين أسعار بعض المواد التي يرغب بشرائها ، ومدى مقاومته لأي إغراء قد يتعرض له لبعض المأكولات والألعاب التي يجب ألا يقوم بشرائها، وغالباً ما يكون عمر الطفل في الفترة مابين( ثماني سنوات إلى عشر) مناسباً ليبدأ التعامل مع مصروفه الشخصي. كما ينبغي على الأهل أن ينتبهوا إلى ضبط مصروف الطفل ليكون معتدلاً بين الإسراف والتقتير بما يلائم تلبية احتياجاته الخاصة، ويسعون إلى تربية أبنائهم وفق أخلاقيات محددة راقية، فزيادة مصروف الطفل بلا ضوابط تنعكس وبالاً عليه وخصوصاً في كبره وهذا لا يبني شخصية الطفل بطريقة إيجابية، بل ينتج طفلاً أنانياً ، لا يعرف سوى أن ما يريده ينبغي أن ينفذ، كما أن الإفراط في العطاء المادي للطفل، قد يدفعه إلى السرقة إذا لم تتحقق رغباته عندما يكبر، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه يجب على الأسرة أن تلقن أطفالها دائماً أن المال وسيلة نهيئ بها لأنفسنا حياة كريمة، ونستغني بها عن الحاجة للآخرين ، ونتعفّف بها عمّا في أيدي الناس ، ونتقرب بإنفاقها في وجوه الخير إلى الله تعالى، وليست غاية في ذاتها، وأن هناك الكثير من الأشياء العظيمة لا يستطيع المال شراءها، وهناك أشياء لا تباع ولا تقدر بثمن كالفضيلة والشرف والصدق. ولابد من التربية السليمة التي تتطلب اكتساب أطفالنا حقائق وقيماً ومهارات واتجاهات معينة نحو ترشيد الاستهلاك وحسن الإنفاق ليتم ذلك بالاتزان والموضوعية لأن التبذير قد يؤدي إلى الانحراف والسلوك الخاطىء.
العقاب والمكافأة المالية:
وعن العقاب والثواب بالأمور المادية وأثرها على نفس الطفل فيقول : يدور نقاش حامٍ حول جدوى إعطاء الطفل المزيد من المال عندما يقوم بإتمام المهام الموكلة إليه أو إنجاز الفروض أو تحقيق النجاح في المدرسة، أي المال كجائزة . حيث يقول الكثيرون بأن العقاب المالي والمكافأة التي تستند إلى مثل هذه العوامل تفسد الروح المعنوية عند الأطفال، وبأن التعزيز الإيجابي والسلبي من خلال التعليقات الأبوية يعتبر أفضل من هذه الوسيلة حيث تختلف وجهات النظر، لأن الصراخ، أو الإهمال أو إلقاء المحاضرات على الأطفال عندما يحصلون درجات سيئة فيه ضرر أكثر، وأقل فعالية من تقليل المصروف أو حرمانهم من الجائزة المالية المتوقعة . الأطفال مثل كل الناس، يقعون ضمن تصنيفات مختلفة، لذا سيتجاوبون بطريقة مختلفة مع الأنواع المختلفة من التعليقات لذا ,المصروف الأساسي سيغطي ضرورات أساسية على أية حال، بالنسبة للجوائز الأخرى، مثل ألعاب الفيديو والنشاطات المترفة الأخرى، نعتقد بأن الآباء يجب أن يستعملوا قراراتهم المنطقية لوضع نظام للجوائز مبني على الإنجازات، والاستقلالية، والتعاطف.
كيف تخصص المصروف لطفلك؟
ويضيف : إن أفضل طريقة ليتعلم الطفل إدارة المال هي تخصيص مصروف يومي ثابت له، كما أن دخول الطفل المدرسة يعد أفضل توقيت للبدء، وغالباً ما يكون ذلك بين 5 – 6 سنوات، على أن يعطى مصروفاً مناسباً (5 ليرات لكل سنة من عمره في اليوم)، وهذا لا يعتبر كثيراً؛ لأنه سيوفر غالباً معظم المشتريات الجانبية على الوالدين . وتجدر الإشارة إلى أن زيادة مصروف الطفل بعد فترات متباعدة من الأمور التي ترفع معنوياته. وفي الوقت نفسه يعتبر الحرمان الجزئي من المصروف أسلوبا تربوياً جيداً للعقاب على سوء التصرف، أو كسر قوانين المنزل ولتحقيق نتائج إيجابية ينصح بالتالي:
يعطى الطفل أول مصروف له في جو احتفالي بسيط، مثل اجتماع الأسرة بعد الغداء، ويعلن فيه استلام فلان من الأولاد أول مصروف له لبلوغه السن المناسبة، ولأنه أصبح يحسن التصرف فيه و يشارك أفراد الأسرة بآرائهم حول أهمية الادخار وكيفيَته كما يقسم مصروف الطفل إلى وحدات صغيرة؛ ليسهل عليه استعمالها وليقلل من نسبة الصرف، على الوالدين عدم السيطرة على طريقة صرف الطفل لمصروفه، والمطلوب هو التوجيه لا التحكم؛ لأن شعور الطفل بسيطرة الوالدين على مصروفه يفقده الرغبة في التوفير. ويوجه الطفل ابتداءً على كيفية استخدام المال بطريقة الاقتراح وبالنقاش المثمر، فعلى سبيل المثال يطرح عليه بعض الأسئلة : ماذا ستفعل بمصروفك؟ سأشتري لعبة و... و... وإذا نفد مصروفك قبل نهاية الأسبوع؟ لماذا لا تقسم مصروفك: جزءاً للصرف اليومي، وجزءاً للادخار، وجزءاً للمشتريات؟ وهكذا. هذا النقاش يحفز ذهن الطفل للتفكير في طريقة جيدة تنظم مصروفه، وحينها قد يطلب رأيك في الطريقة المثلى لتوزيع المصروف. وبعد وضع الخطوط العريضة لطريقة الصرف اتركه يخطئ ويتحمل النتيجة.. فإذا نفد مصروفه قبل نهاية الأسبوع لا تدعمه بأية مساعدات مالية، بل دعه يتحمل النتيجة دون تأنيب أو تعليق، وهذا يعلمه حرية الاختيار وتحمل المسؤولية وعليك ألّا تحقر شيئاً من مشترياته، فهي تعني له الكثير حيث يشعر بالانتصار عندما يشتري من مصروفه الخاص ـ اغرس فيه بالقدوة والنقاش المثمر أننا نشتري ما نحتاج لا ما نحب ـ أرشده إلى توفير جزء من مصروفه، وسيشعر الطفل بسحر التوفير كلما زاد رصيده تمكن من توفير احتياجاته.