"كم مرة شعرت أنك مجبر أو مكره أو شعرت بالخجل مما دفعك لتعامل أطفالك بطريقة غير معتادة لأنك كنت في مكان عام؟ أنا أعرف أني فعلت ذلك، وما زلت إلى الآن حتى بعد أن تخطى أبنائي مرحلة نوبات غضب الصغار."
وتقول آن "أنا أعاني من نظرة النقد في عيون الأجداد الذين يؤمنون بفرض عقاب وعواقب على الأطفال عندما يتخطون حدودهم. وأكاد أسمع أصواتهم المعترضة بينما أربي أبنائي بتفهمي لما يشعرون. ومهما كبرت، ما زلت أرغب في استحسان والدي لي." لا يتصرف الأطفال دائمًا كما نرغب عندما نكون في الخارج، حيث يشعرون بالإثارة المفرطة والتوتر. وعندما يحضر الأطفال التجمعات العائلية، غالبًا لا يكون هناك التزام بروتينهم المعتاد ويشعرون بحماس شديد، لذا قد يصعب التعامل مع سلوكياتهم.
الجزء الصعب في ذلك هو أننا يجب أن نبدع لمساعدة أطفالنا على التأقلم دون تعدى على حقوق الآخرين. بل ويجب أن نفعل ذلك أمام أشخاص آخرين! بينما نعتقد أن أولئك الأشخاص يحكمون علينا بأننا آباء سيئون. لا فارق إذا كان الأجداد من يحكمون علينا بأننا متساهلون وندلل أبنائنا، أو ان العاملون بالمتجر يحكمون علينا أننا كسولون أو قُساة. فلو كنا آباءً جيدين لما أساء أبناؤنا السلوك في المقام الأول. أليس كذلك؟
في الواقع لا ليس كذلك. حتى الأطفال الرائعين المتزنين الذين تربوا على أيدي آباء يستحقون إعجابنا جميعًا يمرون بأوقات مماثلة. وما زال أبي وزوجته يتذكران نوبة الغضب العجيبة التي مر بها ابني في السيارة عندما كان في الثالثة من عمره. بل أظن أنهما كانا متفاجئين أن ابني قد صار طفلًا رائعًا. ما أدركته من هذه التجربة أن ابني كان محقًا. وكنت لأتصرف بطريقة مختلفة لو كنا وحدنا. لكن لأنهما كانا موجودين، تجاهلت غريزتي التربوية ولم أنصت لابني. بالطبع اعتقد الجدّان أن عليهما الانتصار على طفل. لكن عندما أرجع بالزمن 20 عامًا إلى الوراء، ما زلت أعتقد أن ابنى اعتبر مسايرتي لهم خيانة لعلاقتنا.
هل ابني في حالة جيدة بعد أن مر بهذه التجربة؟ نعم بالطبع، طالما نحن متفهمون لمشاعر أطفالنا عادةً، فما من مشكلة في المرور بتلك الأوقات. بل ربما تعلم ابني شيئًا عن كيفية إصلاح التصدعات في العلاقات وعن الدفاع عن رأيه. لكن نتيجة لتلك التجربة والكثير من القصص التي سمعتها من الآباء، أنا هنا لأشجعكم على الالتزام بمعتقداتكم في التربية حتى أمام الآخرين وحتى مع الأجداد.
هل كان سلوك طفلك سيصبح أفضل أمام الآخرين إذا كنت أكثر سلطوية؟ ربما. لكننا نعلم أن أسلوب التربية هذا لا يشجع التطور والنمو الصحيين للطفل وأنه يدوم فقط طالما كنت قادرًا على التحكم حسيا في طفلك. أنت بالطبع تحتاج إلى أن تضع حدودًا لطفلك، سواء كانت خاصة بالقفز على أريكة الجدة أو الجري في أنحاء المطعم. لكن يمكنك أن تضع الحدود دون اللجوء إلى العقاب. فبدلًا من تهديد الأطفال بعواقب تترتب على سوء سلوكهم، لمَ لا تساعد طفلك أن يصبح شخصًا يدرك السلوك المناسب ويرغب في التصرف بتلك الطريقة؟ فيما يلي أوضح لكم كيفية فعل ذلك.
1. اهتم بالاحتياجات الأساسية. كن استباقيًّا. لا تأخذ طفلًا مرهقًا جائعًا إلى أي مكان. حتى إذا كنت ذاهبًا لتناول وجبة، افترض أن طفلك سيجوع قبل تقديم الطعام واحضر معك وجبات خفيفة. إذا كنت في متجر البقالة، اذهب أولًا إلى المأكولات التي ستسمح لطفلك بتناولها، واختر له وجبة خفيفة يأكلها أثناء التسوق. قبل أن تذهب إلى بيت الجدة، دع طفلك يجري وينطلق في الخارج لبضع دقائق واغمره بحبك أثناء ضحكه واستمتاعه. فكلما شعر بتواصلكما معًا، صار أكثر هدوءًا في الداخل.
2. هيء طفلك. وضح لطفلك و لو كان رضيعًا ما سيحدث. صف ما ستفعله وأي تتوقعه منه. ("في بيت الجدة نحن نصلي معًا جماعة، وخلال صلاة الجماعة لا يتحدث أحد إلا الشخص الذي يؤم الصلاة، ونحن المأمومون نتبعه فقط").
3. ادعُ طفلك ليساهم مساهمة إيجابية. وضح الموقف وتساءل مع طفلك ما المساهمات التي قد تكون مفيدة. "يتحرك النادلون في المطعم بسرعة وهم يحملون الطعام. كيف يمكننا مساعدتهم ليحسنوا عملهم ولا يُسقطوا الأشياء التي يحملونها؟" وعندما تتحدثون عن زيارة بيت الجدين، تمرنوا على إلقاء السلام عند الترحيب والوداع حتى يشعر طفلك بمزيد من الارتياح عند إلقاءه.
4. كن موجودًا من أجل طفلك. عندما يسيء الأطفال التصرف أمام الأخرين أو عند زيارة الأقارب، غالبًا ما يكون السبب هو شعورهم بعدم حصولهم على انتباهنا، مما يُشعرهم بالقليل من عدم الأمان، فيسيئون التصرف ليطمئنوا أننا ما زلنا نهتم بهم ونرعاهم. فإذا كنت تتوقع مثلًا أن تقضي رحلة جوية مسترخيًا، فتأكد من أن طفلك سيحتاج إلى أن يتواصل معك باستمرار تقريبًا. وكلما زاد تواصلنا مع أطفالنا، أحسنوا التصرف أكثر في جميع الأوقات.
5. اعثر على طريقة لإشراك طفلك. ليس من المعقول ببساطة من حيث نمو الطفل الصغير وتطوره أن يشاهدك بهدوء بينما تتجول في متجر المعدات. فوظيفته هي أن يتعلم ويعرف عن العالم من خلال الاستكشاف العملي. لذا دعه يلمس ما حوله إن أمكن واطرح عليه أسئلة مثل "انظر إلى أحجام المسامير المختلفة. هذا المسمار صغير للغاية. فيمَ يمكن أن يُستخدم؟" ودعه يساعدك في العثور على المفك الذي تحتاجه وفي اختباره ثم دفع النقود. سيستغرق ذلك وقتًا أكثر مما كان سيستغرقك لو سحبت طفلك ورائك فقط، لكنك ستنهي مهمتك مع طفل أكثر سعادة وفضولًا.
6. عندما يصبح طفلك مستاءً ومتململًا لا تتجاهله. يصاب معظمنا بالمزيد من الاضطراب والقلق ونحاول أن نتحرك أسرع. ونقول "كدنا أن ننتهي من التسوق.اصبر لبضع دقائق أخرى." لكن الطفل الصغير لا يستطيع أن يفعل ذلك بهذالبساطة بل يحتاج مساعدتك ليستعيد اتزانه حتى لا ينهار. ابدأ بتخفيف سرعتك وخذ نفسًا عميقًا. ثم خذ دقيقة لتتواصل معه مجددًا من خلال العناق أو التواصل بالعين أو الغناء له بصوت رقيق أو احمله ودُر به. قد يكون ذلك كافيًا لتغيير مزاج طفلك ومنحك الوقت لتستكمل مهمتك وكلاكما بمزاج جيد.
7. جِد طرقًا لاحترام أو إعادة توجيه رغبات طفلك."تريد أن تجري! فلنعد إلى خارج المتجر لبضع دقائق لتجري، فأنت كنت جالسًا في السيارة. ثم عندما نعود إلى المتجر دعنا نمشي هكذا!" (بالغ في تمثيل مشية بطيئة سخيفة لتُضحك طفلك.)
8. ابدأ بتفهم المشاعر قبل حل المشكلات. بمجرد أن يشعر الطفل بأن هناك من ينصت إليه ويفهمه يصبح أكثر قدرة على تهدئة نفسه. "أنت تبدو غاضبًا جدًا. ما الأمر؟. إذًا فأنت مستاء لأن ابن عمك قال. هذه مشكلة صعبة. أنت تريد كذا وابن عمك يريد كذا. أتساءل كيف يمكننا حل هذا الأمر؟".
9. افرض حدودك المعتادة كلما أمكن حتى عندما يقاوم طفلك. عندما ينتحب طفلك قائلًا "لكني أريد الحلوى، أنا أحتاجها!" يجب بالطبع أن تقر بمقدار رغبته في الحلوى، لكن لا يعني ذلك أن تشتريها له، ما لم ترد أن تشتريها كل مرة. بدلًا من ذلك عبر له عن تفهمك لمشاعره وأعِد توجيه رغبته إلى نوع آخر من الطعام تراه أنسب. ربما يصرخ الطفل في المرات الأربع الأولى أو ربما يبكي بين ذراعيك بشدة لدرجة تضطرك إلى مغادرة المتجر. لكن في النهاية سيتعلم من خلال الخبرة أنك لا تشتري الحلوى، لكنك ستشتري له أي فاكهة يريدها.
لكن وجودك في طائرة أو في أي موقف لا يُمكّنك من المغادرة ليس الوقت المناسب لتتيح له البكاء بشدة. لذا انسَ التطور طويل الأمد (لذلك التصرف في المواقف المشابهة في الطائرات والمطاعم يكون بالحد الأدنى) واعتمد على الإلهاء. فإذا كان الطفل يريد النهوض والجري خلال الإقلاع أكّد قائلًا "تريد النهوض! من الصعب الانتظار." وأخبره متى يمكنه أن يحصل على ما يريد: "يمكنك النهوض بمجرد أن تحلق الطائرة في السماء!" ثم أشركه فيما يحدث: "انظر! نحن نقلع! ستحلق الطائرة!" أو أخرِج كتابًا أو لعبة صغيرة خاصة مغلفة أحضرتها معك من أجل هذه اللحظة وقُل له "انظر، مفاجأة! ما هذا؟".
10. خذ طفلك إلى مكان أكثر خصوصية. إذا كان طفلك منهارًا، فمن المستحيل أن تتمكن من الانتباه له وإنهاء التسوق في الوقت ذاته. فاحمله وارحل عن المكان فحسب. ربما يمكنك أن تذهب إلى سيارتك أو إلى منطقة جانبية بعيدة في السوق التجاري بحيث لا تسبب الإزعاج للآخرين. ويُعد بالأهمية ذاتها أنك لن تفضل تربية ابنك بالطريقة التي يراها المتفرجون، لذا حينها يمكنك أن تتبع غرائزك التربوية الخاصة بك.
وكالعادة عبر لطفلك عن تفهمك لمشاعر الضيق التي يشعر بها: "أنت تريد أن تجري في الممرات، لكني أحتاجك أن تبقى في العربة. من الصعب البقاء في العربة." وعادةً ما يهدأ الأطفال عندما يشعرون بوجود من يتفهمهم. عندما ينتهي من البكاء عانقه وهدئه. إذا كان متيقظًا، قرر إذا كنتما مستعدين لإعادة المحاولة، وإن كنتما مستعدين قرر كيف يمكن أن تنجح المحاولة. "ربما يمكنك أن تمشي بجواري وتساعدني على العثور على الأشياء في نهاية التسوق، ثم تجلس في العربة مجددًا عند دفع الحساب؟".
11. هدئ نفسك باستمرار. من المتوقع أن يتصرف الأطفال بطفولية. ولا عيب في اصطدام احتياجات طفلك باحتياجات الأسرة من حيث توفير الطعام في المنزل. الأمر المحرج الوحيد الممكن حدوثه هو الاستجابة لهذا الصدام بأسلوب تربوي أنت لا ترغب في تبنّيه. لذلك عندما تدرك أن هذا هو ما يحدث، توقف وخذ نفسًا عميقًا وافعل شيئًا آخر. استخدم شعارًا مثل "ليس هذا ظرفًا طارئًا...إنه يتصرف كالأطفال لأنه طفل كل ما يحتاجه هو البكاء ليشعر بالراحة."
12. فكّر في شيء تقوله لأي من المتفرجين الذين يعلقون. يمكنك في معظم الحالات تجاهل الآخرين والانتقال مع طفلك إلى منطقة جانبية بعيدة عنهم، لكن سيحاول عامل ما أو حماتك أحيانًا التدخل لإلهاء طفلك. لذا من الأفضل أن تستعد بإجابة نموذجية تؤكد بها لذلك الشخص أن بالرغم من انتحاب طفلك، ليس الأمر خطيراً وأنك لا تحتاج منهم مساعدة طفلك أو إصلاح الموقف. كأن تقول "سيكون بخير. نحن فقط نريد قضاء بعض الوقت وحدنا."
13. تذكر أن طفلك هو أول مسؤولياتك. عندما يصرخ طفلك في الطائرة وتتجه الأنظار إليك، تدفعك فطرتك إلى الرغبة في السيطرة على طفلك لإسكاته حتى لو لم تكن السيطرة هي المنهج الذي تنتهجه عادةً. وبالطبع يحق للراكبين الآخرين في الطائرة التمتع برحلتهم دون أن يزعجهم طفلك الصغير. لكن تركيزك عليهم سيضعف قدرتك على مساعدة طفلك، وهو لن يتوقف عن الصراخ غالبًا إلى أن تساعده في حل المشكلة التي تجعله يصرخ. وفي الحقيقة الركاب الآخرون مهتمون بالتمتع برحلة هادئة أكثر من اهتمامهم بالحكم عليك.
14. افترض أن من حولك يدعمونك. الأشخاص الذين يشاهدونك يريدون لك ولطفلك أن تنجحا مثلما يريد الجمهور للمؤدين والممثلين أن ينجحوا. وهم يعلمون أن الأطفال يمكن أن يكونوا غير متوقعين وغير عقلانيين. وقد يفترضون أن الموقف سينتهي أسرع إذا تصرفت بطريقتهم، لكن تخيل مدى إعجاب الجدّين عندما يرون كيف تماسك طفلك لأنك عبرت له عن تفهمك لمشاعره وقلت "حبيبي، أنت تود حقًا أن تحصل على كعكة أخرى، أنا أعلم! أخبرني كم كعكة تريد أن تأكل؟ 10000؟! يا إلهي، هل ستصبح طويلًا للغاية فتلمس السماء حينها؟"
وماذا عن الأوقات التي لا مفر منها حين تشعر بالحرج بسبب سلوك طفلك؟ ربما تود أن تتحدث بهدوء مع الجدّين في وقت ما لتوضح لهما لماذا ستنشئ السياسة التربوية التي تنتهجها أحفادًا أذكياء اجتماعيًّا، ولماذا لن يحقق العقاب النتيجة ذاتها. لكن ماذا عن أولئك الغرباء الموجودين في متجر البقالة؟ لن تراهم مجددًا أبدًا. فابتسم ابتسامة أسف وقل "أحيانًا نمر جميعًا بأوقات سيئة." ولا يمكن لأحد أن يختلللف مع ذلك.
بقلم : لورا ميركهام ؛ ترجمة : ضحى أحمد