تعد نظرية (ارسونز 1909) أقدم نظرية تناولت الميول ،وقد كانت في المجال الصناعي من أجل زيادة الإنتاج، حيث رأت أن وجود الميول في العمل بمقدار مناسب لدى العاملين في المصنع يحقق أكبر إنجاز، وهذا الميل لم يكن موجودا فيما سبق، فكانت المصانع وأرباب العمل لا يهمهم إلا أن يقوم العامل بأداء عمله فقط دون الاهتمام بميله أو حتى رضاه عن هذا العمل، لذا جاءت نظرية بارسونز التي تفترض أن التكيف المهني يزداد عندما تنسجم خصائص الفرد وميوله مع المهنة وذلك ينعكس بشكل كبير على العائد.
 
وتشكل الميول جانباً مهما في تحديد الأنشطة التي يسعى الفرد للقيام بها كنتيجة لميله لها, ولقد أشار سجبرج 1984 Sober إلى أن للميول تأثيراً كبيراً على تحديد المجالات والمواقف التي يزج بها الفرد بنفسه فيها، مثل مواقف التحصيل والمواقف الاجتماعية, لذلك تعد إحدى مصادر الفروق الفردية المهمة التي لابد من الالتفات إليها، خاصة إذا علمنا أن دراستنا لها سوف تفسر لنا إقبال بعض الطلاب على أداء بعض الأعمال وتفور البعض الآخر من أداء هذه الإعمال.
 
 تعرف الميول:
 
- الميول جمع كلمة [ميل] وعرفها جيلفورد بـ : هو نزعة سلوكية عامة لدى الفرد تجذبه نحو نوع معين من الأنشطة.
- ويعرف سترونك: الميل هو استعداد لدى الشخص يدعو إلى الانتباه وجدانه.
- والميل أيضا: هو شعور يصاحب انتباه الشخص، واهتمامه بموضوع ما.
وتبرز أهمية دراسة الميول كما يلي:
 
               1- التوجيه التربوي والمهني: حيث يبرز ذلك في أهمية الميول في تحديد وتوجيه حياة الأفراد التعليمية، وحياتهم المهمنية كذلك؛
2- الاختيار والتصنيف: حيث تستعمل الميول لاختيار الموظفين الذين يلتحقون بمهنة معينة؛
3- البحث التربوي والاجتماعي: حيث يستخدم الباحثون الميول لاكتشاف التغيرات والاستقرار في المجتمع؛
4- تعتبر أداة اتصال مباشرة بين المرشد النفسي والطلاب؛
5- تعتبر وسيلة مفيدة تساعد على المناقشة بين الطالب ووالديه؛
6- تستعمل كدليل لمساعدة الشخص على التكيف وتطوير خططه المهنية.
7- تساعد الناس على فهم عدم رضاهم الوظيفي؛
8- عمل بعض الإحصاءات اللازمة بناء على مقاييس الميول؛
9- دراسة العلاقات الشخصية الداخلية مثل زواج ذوي الميول المتشابهة؛
10- دراسة سلوك المجتمعات؛
11- المساعدة في تصميم الوظائف والظروف المحيطة بها بناء على ميول الناس.
 
أهمية الميول في العلمية التعليمية:
 
- تساعد الميول على تقديم المواد الجامدة في قالب سعيد وسار، لأنها تمثل طاقة فعل يمكن أن تنشط عمليات التعلم، وبالتالي فإن استثمار ميول كل مرحلة عمرية وتوظيفها يمكننا من تحقيق التعلم الكفء والذي يمكن أن يترك أثره في حياة الفرد وينتقل أثره إلى أعمال أخرى؛
- تساعد الميول في التنبؤ بأداءات الأفراد شرط أن يتوفر قدر من القدرة المناسبة لأداء الأنشطة؛
- بمعرفة ميول الأفراد يمكن تنظيم العمل الصفي، حيث يوكل كل طفل الأعمال التي تتناسب مع ميوله, فمن لديه قبول على المسائل يمكنه أن يساهم في حل المسائل الحسابية والمساهمة في الاشتراك في الرحلات، وجمع التبرعات.. الخ، كما أن الذي لديه ميول إقناعية يمكنه أن يقدم الأطروحات أو الاقتراحات في مجلس إدارة المدرسة كما يمكنه عرض الأبحاث.
 
آراء العلماء في ميول المتعلمين:
           
 أولاً: علماء العرب:
- الإمام الغزالي: وقد نادى بمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، ونبه إلى ضرورة الترويح عن النفس واللعب أثناء التعليم،وكما نادى بالتدرج في التعليم أثناء تعليم الطفل.
- ابن خلدون: وقد نادى بعدم إرهاق الطفل أثناء التعليم ومرعاة حالته النفسية وما يميل إليه.
ثانياً: علماء الغرب: هناك الكثيرون من الكتاب أحدثت أفكارهم في ذلك العصر ثورة عظيمة. من القرن السادس عشر إلى الآن يوجد أفكار وكل عالم يبث رأيه بعد العالم الذي سبقه وهكذا. وبالتالي أصبحت الحصيلة تراكمية لأفكار هؤلاء العلماء وغيرهم.ومن هؤلاء العلماء نجد؛
- روسو: أعطى الطفل الحرية ليكتسب الخبرة،وضرورة أن يتعلم من خلال تجاربه الشخصية والحرية وفق ميوله وما يرغب في تعلمه؛
- بستالوتز: هدف التربية ليس الحشو ولكن الهدف تهيئة الجو لنموها أي أن كل شيء موجود ويجب أن نترك له المجال لنموها (الحرية)؛
- فروبل: وقد ركز على مبدأ النشاط الذاتي. وهو الذي تسيطر عليه دوافع الفرد النابعة من ميوله الخاصة؛
- مارجريت وماكميلان: وقد أكدتا على أن الحرية في التعليم تساعد على تنمية القدرات العقلية لدى المتعلمين؛
- مانتسورى: وقد نادت بضرورة احترمت استقلالية الطفل وإعطائه الحرية ومرعاة ميوله وما يرغب في تعلمه؛
- جون ديوي: وجه نقدا كبيرا للنظام التعليمي الموجود وطريقة التعليم والمناهج وأشار إلى أنها حشو للطلاب ولا تراعى ميول واحتياجات المتعلمين؛
- بياجيه: أشار إلى ضرورة فهم النمو العقلي للطفل وتهيئه البيئة بالخبرات التي تساعد على تطويره.
 
مناهجنا وميول المتعلمين:
 
يمثل المنهج الدراسي نظاماً فرعياً من نظام رئيسي أكبر هو التربية، ومن ثم تنعكس عليه كل ما يصيب التربية من متغيرات، وكل ما يمتد إليها من آثار لكونها أيضا نظاماً فرعياً لنظام كلي أشمل هو المجتمع، والمنهج الدراسي فوق هذا كله هو المؤسسة المنوط به ترجمة الفلسفة التربوية إلي أساليب تدريس وإجراءات تأخذ طريها ليس إلي المدرسة فقط بل إلي حجرة الدراسة ذاتها.
 
وقد أهمل المنهج بمفهومه التقليدي التلميذ وركز على المعرفة والمعلومات التي تزود بها المدرسة التلميذ واستمر الحال على هذا النحو سنوات طويلة.
وقد تفاوت اهتمامات المناهج بالميول تفاوتا ملحوظاً، إذ نجد من خلال دراستنا للمنهج التقليدي أنه أهمل التلميذ وكل ما يرتبط به من ميول وعادات واتجاهات ومشكلات وقدرات. وقد يرجع ذلك لتأثر مناهجنا القديمة بفكر وفلسفة أرسطو (الفلسفة الواقعية) وهو تلميذ أفلاطون الذي يرى أن الرغبات والميول ما هي إلا أمور أو نزعات طارئة وعارضة وهي أشياء متغيرة؛ لذا لا يجب أن يهتم بها المنهج الدراسي.
 
 لكن الحقائق والأساسيات العملية التي يحتويها المنهج هي أمور جوهرية لأنها ثابتة غير متغيرة. أما مناهجنا الحديثة فقد أخذت منحى مختلف تمام عما كانت عليه المناهج قديما بعدما أثبتت تلك المناهج ضعفها في تحقيق النمو المتكامل للمتعلم من جميع الجوانب، فظهرت المناهج الحديثة التي تحاول أن تستفيد من النظريات والآراء التربوية الحديثة لتخريج المواطن الصالح المعتز بعروبته وقوميته، وهذه المناهج راعت جيدا أهمية ميول المتعلمين ووضعتها في بوتقة الاهتمام والرعاية؛ كي تحقق أكبر قدر ممكن مما ترنو إليه من أهداف، خاصة بعد إدراكها لأهمية الفروق الفردية بين المتعلمين وأهمية مراعاة ميولهم واحتياجاتهم.
 
دور المنهج الحديث نحو الميول في النقاط التالية:
 
    - العمل على تنمية الميول التي تؤدي إلي صالح الفرد والجماعة والتصدي للميول التي تحمل في طياتها روح العدوان، أو التي لا تمثل أهمية حيوية للتلاميذ؛
- يجب أن تؤدي عملية إشباع ميول التلاميذ إلي توليد ميول جديدة في اتجاهات مختلفة بحيث يتحقق مفهوم الاستمرارية فالميل نحو الرحلات مثلا ممكن أن يؤدي إلي ميل جديد نحو التصوير وتحميض الصور وهكذا؛
- يجب العمل على ربط الميول بحاجات التلاميذ من ناحية وبقدراتهم واستعداداتهم من ناحية أخري. فارتباط الميول بحاجات التلاميذ يؤدي إلي إقبالهم على الدراسة والنشاط بحماس شديد وجهد متواصل، وارتباطها بقدرات التلاميذ واستعداداتهم يتيح الفرصة لهذه الجهود بأن تثمر وتحقق الأهداف التربوية المنشودة؛
- يجب توجيه التلاميذ مهنياً ودراسياً، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة أمامهم للقيام بالدراسات التي تتفق مع ميولهم وتتمشي مع قدراتهم، ومن هذا المنطلق تكون الميول بمثابة الموجه للدراسات المهنية ويتطلب ذلك ملاحظة التلاميذ أثناء قيامهم بالأنشطة المتنوعة؛
- يجب استغلال ميول التلاميذ في تنمية القدرة على الابتكار والإبداع؛
- يجب استغلال ميول التلاميذ في تكوين مجموعة من العادات والاتجاهات المفيدة، أي أن طريقة إشباع الميل يجب أن تسهم في إكساب التلاميذ عادات.
 
واجب المعلم لمراعاة ميول المتعلمين:
 
وظيفة المعلم هو اكتشاف الميول وتقويتها وليس تكوين ميول, لذلك يتحدد دور المعلم في الخطوات الآتية:
 
- تنمية الميول بما يتلاءم والقدرة العقلية والجسمية للفرد ولا يجب لها أن تتخطاها؛
- تقوية الميول المعروفة للمعلم والمتعلم؛
- إثراء البيئة الأساسية لاكتشاف وتنشيط الميول الغير معروفة؛
- الاعتماد على توجيه الميول الوجهة الصحيحة وعدم الخضوع التام لميول الطلاب؛
- استثمار مدخل الميول لإثارة انتباه الطلاب نحو الموضوعات الضعيفة أو الصعبة؛
واتجاهات إيجابية.
 
 ---------
المراجع:
- أكرم فروانة ، "الميول والاتجاهات.. ما الفرق؟".
- جودت جابر وآخرون ، المدخل إلى علم النفس.عمان: مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، والدار العلمية الدولية، 2002.
- عبد الكريم بن صالح الحميد" محتوي المناهج وطرق التدريس ودورها في إعداد الإنسان الصالح لتحمل مسؤولياته الوطنية والإنسانية والمجتمعية" وزارة التربية والتعليم، 1424هـ.
- "مظاهر الفروق الفردية في مجال الشخصية من حيث الميول والاتجاهات ".
 
بقلم: وحيد حامد عبد الرشيد (بتصرف)

أضف تعليق


كود امني
تحديث