1-  تعريفـات:

يواجه تعريف الطفل المتفوق gifted child أكثر من صعوبة ويعود السبب في ذلك إلى أمور عدة يأتي في مقدمتها: استخدام الباحثين أكثر من مصطلح للدلالة على الطفل المتفوق مثل (الموهوب، المبدع، النابغة، المتميّز، العبقري) والخلاف حول المحكات التي يمكن الاعتماد عليها في الكشف عن الطفل المتفوق. ومع ذلك هناك تعريفات كثيرة توضح المقصود بالطفل المتفوق، منها:

تعريف تِرمَن Terman للطفل المتفوق: «هو الطفل الذي تجاوزت نسبة ذكائه 135 درجة إذا طبق عليه مقياس ستانفورد بينيه للذكاء». أما باسوڤ Passow فإنه يربط بين التفوق والتحصيل ويقول: «إن التفوق هو القدرة على الامتياز في التحصيل». حين يعرّف فيه عبد الغفار الطفل المتفوق أنه: «الطفل الذي لديه من الاستعدادات العقلية ما يمكنه في مستقبل حياته من الوصول إلى مستويات أداء مرتفعة في مجال معين من المجالات التي تقدرها الجماعة إذا توافرت للطفل ظروف مناسبة»، فإن رينزوللي Renzulli يعرّف الطفل المتفوق: أنه الطفل الذي يتمتع بالذكاء العالي والقدرة العقلية العالية على الإبداع وعلى الالتزام والمثابرة في أداء المهمات المطلوبة منه.

ويذهب «مكتب التربية في الولايات المتحدة الأمريكية» (U.S.O.E) في تعريفه للطفل المتفوق لعام 1978 والذي تبناه فيما بعد قانون الكونغرس الأمريكي عام 1981 إلى أنّ: الطفل المتفوق ـ وحيثما استخدم هذا المصطلح في مستوى ما قبل المدرسة أو المدرسة الابتدائية أو الثانوية ـ هو الذي يحمل قدرات كامنة تقدم الدليل على مقدرات إنجاز عالية في ميادين عقلية وإبداعية ودراسية أو في مجالات القيادة أو في مجالات الفنون المعتمدة على البصر، وهو الذي يحتاج إلى خدمات أو فعاليات لا توفرها المدرسة العامة.

وانطلاقاً من هذه التعريفات وغيرها يمكن تعريف الطفل المتفوق: أنه الطفل الذي يظهر أداء أو سلوكاً متميزاً ـ مقارنة بالفئة العمرية التي ينتمي إليها ـ في جانب أو أكثر من الجوانب الآتية:

ـ القدرة العقلية العامة (أي النمو في الوظائف العقلية والمعبر عنها بحاصل الذكاء).
ـ القدرة الإبداعية العالية.
ـ القدرة على التحصيل الدراسي المرتفع.
ـ القدرة على القيام بمهارات متميزة (مواهب متميزة) وبينها المهارات في اللغة أو الرياضيات أو العلوم أو الفنون أو غيرها.

ـ القدرة على المثابرة والالتزام والمرونة والاستقلالية في التفكير.

2 - صفات الطفل المتفوق:

تشير الدراسات والأبحاث التي تُعنى بالتفوق والمتفوقين إلى مجموعة من الصفات والخصائص التي يتصف بها الطفل المتفوق، وهذه الصفات يمكن إجمالها بما يأتي:

ـ التفوق في مستوى النمو الجسمي مقارنة بأقرانه العاديين، مثل الوزن، والطول، والبنية، والحيوية والمشي والتكلم في سن مبكرة. ولكن هذا لايعني أنه لا يوجد بين الأطفال المتفوقين من هو أقل حظاً في نموه الجسمي.

ـ التفوق في العمر العقلي، فهو لديه يفوق سنه الزمني ونموه الجسماني. إن معدل ذكاء الطفل المتفوق يعادل ذكاء من يكبره سناً بسنة أو سنتين، أو أكثر من ذلك في حالات من النبوغ.

ـ التقدم اللغوي الواضح في المحصول اللغوي وعدد الأفكار، إضافة إلى المواهب المتميزة في الحساب والموسيقى والفن أو بعضها.

ـ الدافعية القوية للتعلم والقدرة على تعلم القراءة والكتابة في سن ما قبل المدرسة إذا ما تلقى مساعدة من الكبار في الأعم الأغلب، وهذه السن قد تكون في حدود الثالثة أو الرابعة من العمر.

¨      القدرة على تركيز الانتباه مدة أطول من العاديين، وتفضيله الألعاب التي تخضع لقوانين وقواعد، والألعاب المعقدة التي تحتاج إلى تفكير، وغالباً ما يميل الطفل المتفوق إلى أن يكون رفاقه في اللعب أكبر منه سناً.

¨      الميل القوي إلى الاستطلاع والاستكشاف ودقة الملاحظة والفضول القوي للمعرفة والاطلاع وفهم العالم من حوله.

¨      الثقة بالنفس والجدية في العمل والمثابرة والميل أكثر من غيره من أقرانه إلى المخاطرة والمجازفة.

¨      السرعة في التعلم والقدرة على الحفظ والتذكر والاستيعاب والبديهة الحاضرة.

3 - التفوق بين الوراثة والبيئة:

إن العلماء والباحثين لم يتفقوا بعد فيما بينهم على نسبة ما يرجع من التفوق إلى الوراثة ونسبة ما يرجع منه إلى البيئة، إلاّ أنهم على الرغم من ذلك لا ينكرون ما للبيئة المحيطة بالطفل من دور في تفوقه وفي صقل مواهبه وإبداعاته وتفتحها ونموها. فالأسرة التي تهيئ لأطفالها الفرص والأجواء التربوية والثقافية واللغوية والاجتماعية والاقتصادية والمتسمة بالديمقراطية والتسامح مع الأخطاء والاحترام المتبادل والدفء في العلاقات؛ إنما تسهم حتماً في التفوق وفي تكوين المواهب. وكذلك يمكن أن يقال في المدرسة وقدرة المعلم على إثارة الدوافع لدى تلامذته، وطريقته في التدريس والتعليم، ومراعاة الفروق الفردية (أو تفريد التعليم) وإمكانية التصرف بأمور المنهاج، وحسن التواصل والتعاون بين المدرسة والأهل، وقد وجد أن الفقر يحد من نمو الذكاء، كما أن الفقر في الجو الثقافي والفكري العام والبيئة المحيطة غير الغنية بالمثيرات التعليمية قد يحد من الذكاء أيضاً ويعرقله عن النمو.

4 - الكشف عن الطفل المتفوق:

يمكن الكشف عن الطفل المتفوق عن طريق:

ـ الملاحظة المباشرة لعدد من الأنشطة والفعاليات والسلوكات التي يقوم بها الأطفال وهم في المدرسة أو في البيت. فبعض الأطفال يكون بمقدورهم التعلم بسرعة ، وقد يظهر لديهم حب القيادة لأترابهم ومصاحبة من يكبرونهم سناً، أو الفضول القوي للاطلاع والمعرفة، أو الاستغراق في التفكير والعمل لفترات طويلة من دون كلل أو ملل، أو المهارة الفائقة في الرسم واستخدام الألوان، أو تحسس الموسيقى أو أداؤها على نحو غير عادي، أو المهارة في كتابة الشعر أو القصص أو الروايات أو الخواطر. وهذه كلها مؤشرات إن وجد مؤشر واحد أو أكثر منها وتكررت ملاحظته أو ملاحظتها فإن في ذلك ما يقدم الأساس المهم للقول بتفوق الطفل.

ـ تدعيم الملاحظة المباشرة بمجموعة من المقاييس الخاصة التي تكشف عن الطفل المتفوق والتي تؤكد صدق ما تمت ملاحظته أو نفيه وهذه المقاييس يمكن حصرها في الاختبارات أو الروائز الخاصة بقياس الذكاء، والاختبارات الخاصة بقياس الإبداع، والاختبارات التحصيلية، والروائز الخاصة بقياس السمات الشخصية والروائز الخاصة بالمواهب. على أن يتم في عملية الكشف عن الطفل المتفوق البدء أولاً بالمعلومات التي يسهل الحصول عليها ومنها: ملاحظات المعلمين والأهل، وملاحظات الأتراب، ودرجات التحصيل المدرسية، ويلي ذلك العودة إلى الروائز أو الاختبارات التي غدت اليوم ضمن مجموعات متكاملة.

5 - الأساليب التنظيمية في تربية المتفوقين:

الأساليب التنظيمية في تربية المتفوقين ثلاثة أنواع رئيسة هي:

1ـ التجميع: grouping ويقصد به تجميع الأطفال المتفوقين بحسب قدراتهم أو ميولهم أو نوع التفوق لديهم، وعزلهم عن باقي الطلبة لكل الوقت أو بعضه، ومن أكثر أقسامه شيوعاً المدارس الخاصة، والصفوف الخاصة، والمجموعات الصغيرة وبحسب نوع التفوق، وتوفّر لهم فرص اللقاء مع العلماء والخبراء والفنانين لمشاركتهم خبراتهم وتجاربهم، كما يُسمح لهم بإجراء بعض المشروعات والتجارب العلمية أو الفنية المتقدمة وبإشراف نخبة من أساتذة الجامعات أو مراكز البحوث أو الفنون.

2ـ الإسراعacceleration: ويقصد به عدم التقيد بالخطة التربوية بل ترفيع الطفل المتميز في قدراته إلى صفوف أعلى بسرعة أكبر من المعتاد، ولعل من أهم مظاهره: القبول المبكر في رياض الأطفال أو المدرسة الابتدائية، وتخطي الصفوف، والقبول المبكر في الجامعة، وقد يسمح مثل هذا الأسلوب للتلميذ المتميز في قدراته أن ينهي مرحلة التعليم الأساسي المحددة غالباً بتسع سنوات بثماني سنوات مثلاً أو أقل، وكذلك المرحلة الثانوية ومن ثمّ دخول الجامعة في عمر لا يتجاوز السادسة عشرة أو الخامسة عشرة في حالات النبوغ.

3ـ الإثراءenrichment: ويقصد به تزويد الطفل بخبرات تربوية إضافية مكملة للخبرات الصفية العادية؛ لأن المتفوقين غالباً ما يتمكنون من إنهاء النشاطات الصفية العادية بسرعة وبكفاءة أكبر من غالبية التلامذة. ومن أكثر أساليب الإثراء شيوعاً: الدراسة المفردة للطفل والدراسة الخاصة في مجموعات عمل صغيرة، واستخدام المكتبة، وغرف المشروعات الخاصة، والمصادر التعليمية في المجتمع المحلي وغيرها.

                                                                  إعداد : مها زحلوق