الحق في التعليم من الحقوق الأساس البالغة الأهميه، لتأثيره البالغ في إعمال حقوق الإنسان الأخرى، ولأهمية النتائج المترتبة عنه في التطور والنماء الاقتصادي والاجتماعي ومن ثم إنعاكسه على الدولة، والحق بالتعليم مرتبط بكثير من الحقوق الاخرى التي من خلاله يمكن للمرء المطالبة بحقوقة وحمايتها.
ويمكن تعريف التعليم بانه: عملية منظمة يتم من خلالها إكساب المتعلم الأسس العامة للمعرفة بطريقة مقصودة ومنظمة ومحددة الأهداف، ويتمثل التعلُّم في أن هناك مجموعة من المعارف والمهارات تُقدم للمتعلم، ويبذل المتعلم جهدًا بهدف تعلمها، أو كسبها.

1 -  مفهوم التعليم النظامي:

أما مفهوم التعليم النظامي أو التربية والتعليم فهو عملية التحكم في المعرفة والمحتوى العلمي المقدم للمتعلم؛ بالتقنين، والضبط، والتنظيم، وذلك لتوصيله إلى المتعلم بهدف إعداده سلوكياً، ووجدانياً، وعقلياً وفق الفلسفة المتفق عليها.
لقد تم الاعتراف بالحق في التعليم عالميا منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 ومنذ ذلك الحين نصت عليه مختلف الاتفاقيات الدولية (اهمها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989) وغيرها من الاتفاقيات التي اكدت على جمله من المبادئ منها حصول الجميع على التعليم الابتدائي المجاني والالزامي وامكانية الحصول على التعليم الثانوي والأخذ تدريجيا بمجانية التعليم، والمساواة في الحصول على التعليم العالي على أساس القدرات.
في 14 /12/ 1960 اعتمد المؤتمر العام لليونسكو اتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم. وكانت هذه الاتفاقية – ولا تزال - أول وثيقة دولية ملزمة على مستوى القانون الدولي تهدف إلى تنمية مفهوم حق الجميع في التعليم، بأبعاده كافة.
وتُعدّ هذه الاتفاقية التي دخلت حيز النفاذ في 22 /5/ 1962 من الركائز المحورية لحركة التعليم للجميع، كما أنها تعبّر عن المبدأين الأساسين المرسخين في الميثاق التأسيسي لليونسكو والمتمثلين في عدم التمييز وتكافؤ الفرص في مجال التعليم.

2 - حضور مفهم التعليم في الدستور الأردني:

على المستوى الوطني أكدت المادة السادسة من الدستور الاردني في فقرتها الثالثه على أن «تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين». كما كرست المادتان التاسعة عشرة والعشرون من الدستور حق المواطنين في التعليم ؛ فقد جاء نص المادة التاسعة عشرة ليؤكد بانه «يحق للجماعات تأسيس مدارسها والقيام عليها لتعليم أفرادها على ان تراعي الاحكام العامة المنصوص عليها في القانون وتخضع لرقابة الحكومة في برامجها وتوجيهها». أما المادة العشرون، فتنص على أن «التعليم الابتدائي إلزامي للأردنيين، وهو مجاني في مدارس الحكومة».
وفي أعقاب إعادة تنظيم بنية التعليم العام في الاردن في ضوء قرارات المؤتمر التربوي الاول (أيلول 1987) اصبح «التعليم الاساس تعليما إلزاميا ومجانيا في المدارس الحكومية»، وفقا» للمادة العاشرة من قانون التربية والتعليم رقم 3 لسنة 1994. ومرحلة التعليم الاساس هي تلك التي تمتد من الصف الاول ولغاية الصف العاشر.
فيما يتعلق بالتربية والتعليم، في الميثاق الوطني الاردني فقد جاء به أن: «نظام التربية والتعليم الاردني نظام متكامل متطور، تعبر فلسفته عن فكر الامة وقيمها، وتقوم على ثوابت العقيدة الاسلامية والمثل العليا للامة العربية والتجربة الوطنية الاردنية». وهذا يتطلب «تنشئة الفرد المتكامل روحيا» وجسميا» ونفسيا» وعقليا» واجتماعيا»، الواعي لحقوقه الملتزم بواجباته ...) المتمتع بالروح العلمية والديمقراطية، المؤمن بحقوق الانسان ومبادئ العدل والخير والمساواة». كما جاء به أيضا: «أن نظام التعليم معني بتنمية التفكير المستقل المبدع، وذلك بتحريك دوافع العمل والجدية والاتقان والتميز، وتوجيه التعليم نحو إعداد الإنسان الاردني للمستقبل، بتنمية معرفته وتطوير قدراته العقلية والنفسية، لمواجهة تحديات المستقبل وأخطاره، وبناء منهجية التفكير العلمي والناقد، بتوجيه التعليم نحو مهارات استخراج المعرفة واستيعابها ومحاكمتها محاكمة عقلانية».

وقد انعكست هذه المضامين بشكل عام في قانون التربية والتعليم وتعديلاته. ووفقا للمادة الخامسة من القانون، تتمثل مبادئ السياسة التربوية بـ « توجيه النظام التربوي ليكون اكثر موائمة لحاجات الفرد والمجتمع وإقامة التوازن بينهما» وتأكيد أهمية التربية السياسية في النظام التربوي وترسيخ مبادئ المشاركة والعدالة والديمقراطية وممارستها»، وتوجيه العملية التربوية لتطوير قدرة المواطن على التحليل والنقد والمبادرة والابداع والحوار الايجابي، وتعزيز القيم المستمدة من الحضارة العربية الاسلامية».
كما نص القانون على تعزيز العلاقة بين المؤسسة التعليمية ومجتمعها المحلي، وذلك من خلال إنشاء مجالس محلية للمدارس ومجالس أولياء امور الطلبة والمعلمين، وتفعيل الانشطة الخاصة بخدمة المجتمع والعمل التطوعي.
جدير بالذكر ان الامم المتحدة انشأت برنامجا دوليا للتعليم يسمى (التعليم للجميع) تحت إشراف اليونسكو، يلزم جميع الدول بتحقيق الالتحاق الشامل في البرنامج فيما يخص مرحلة التعليم الابتدائي، بحلول العام 2015.
                                                     بقلم: عيسى المرازيق