أنهيتُ قراءة كتاب "الفلسفة طريقة حياة" لبيير هادو. وأحببتُ أن أقدِّم لكم جملة مختارة من الاقتباسات. أتمنى لكم دوام المتعة والفائدة:
 
 * اقتباسات من مقدمة المترجم:
 
١ - ليست المهمة الأولى للفيلسوف إيصال معرفة موسوعية في شكل نسقٍ من القضايا والمفاهيم تعكس على التقريب نسقَ العالم. إنما ترمي الفلسفة إلى تحويل شخصية المرء و تعليم فن العيش، العيش حياة فلسفية. 
 
٢ - كان الفيلسوف في العصر القديم يعدُّ نفسه فيلسوفاً لا لأنه يُشيِّد خطاباً فلسفياً، بل لأنه يعيش على نحو فلسفي. وكانت لفظة فيلسوف تُطلَق على من يعيش حياةً فلسفية حتى لو لم يكن دارِساً ولا أستاذاً. 
 
٣ - إذ تنظر إلى الأحداث من منظور الكوزموس، تتضاءل فيكَ الفردية الضيقة، وتنمو "المُواجَدة" حتى تسع البشر جميعاً وتشملهم بالرعاية والعطف والإيثار. 
 
٤ - يُظهرنا وعيُّ الموت على أن القيمة النهائية هي في الحياة نفسها لا في أعراضها الزائلة، وأن علينا أن نعيش مِلء اللحظة، وألا نتركها نهباً لأوجاع الماضي أو لهواجس المستقبل. استحضار الموت إذن هو في صميمه استحضارٌ للحياة. استحضارٌ لقيمة الحياة ونفاسة كلِّ لحظة فيها. 
 
٥ - لا تنتظر سكرةَ الموت، حتى تفهم. تدرَّب على الموت منذ الآن. يَردُّكَ وعي الموت إلى نفسكَ يا هارباً من نفسك. لن تموت إلا وحدكَ، ولن يسعَ أحداً أن يموتَ نيابةً عنك. سيمنحكَ الموتُ المسافةَ اللازمة لرؤية الحقيقة.
 
على نورِ الموت سترى حجمَ همومكَ وشؤونكَ، بل حجم هموم البشرية وشؤونها. على نورِ الموت ستخلع أهواءكَ العابِثة و انفعالاتك الغثّة. وعلى نورِ الموت سترى هول الثروةِ التي ذُخِرت لك في كل آنةٍ من آناتِ الحياة، وكلِّ نفس من أنفاسِ العيش. العيش، مجرّد العيش، هو كلُّ الثروةِ أيها الأعشى. الكونُ البهيُّ الهائل، بأقمارهِ وشموسه ومجرَّاتهِ... كل هذا مُلكك أيها الأحمق. ثروتكَ النهائية المتعةُ البسيطةُ بالوجود.
 
٦ - لقد أُعِدَّ لك كل مافي الكون من جمالٍ وجلالٍ لكي تختلج وتندهش. إذ ما جدوى كل هذه الأكوان اللانهائية، ما جدوى كل هذه الخلائق الجامدة، إذا لم يبتهِج وعيٌّ واحد بوجوده الخاص ؟ ربما لأجل هذه اللحظة الفذّة كان الأزلُ يغزِل كل هذا الغزل. 
 
٧ - الحوار الحقيقي نقيضُ المُماحكة، أي الجدال من أجل قهرِ الخصم، لا من أجل الوصول إلى الحقيقة. يشرع المُماحِك في الجِدال وقد وقرَ في نيَّته ألا يُغيِّر رأيه مهما تبين له من نقاط ضعفه وهشاشته.
 
أما المُحاوِر الحقّ فيشرع في الحوار وقد عقدَ النيّة على أن يكتشف الحقيقة و أن يُغيِّر رأيهُ إذا تبيّن له خطؤهُ، أو يُقوِّمه إذا تبيّن له اعوجاجهُ. إن علينا أن نُخلِّي بين أنفسنا وبين الحقيقة، أن ندع أنفسنا تتغير. علينا من ثمَّ أن نتحاور مع أنفسنا، أن نشتبِك مع أنفسنا، أن نألف عِشرة الأسئلة، وأن نجعل المسيرَ.
 
أهم من الوصول، والمنهج أهم من الموضوع، والطريقة أهم من الحلّ. الحوار الحقيقي صعودٌ مشترك صوب الحقيقة، و أداة لصقلِ النفس وتهذيبها.
 
٨ - إن المناقشة التي تنتصر فيها بينما تفشل في أن تعينك على تغيير أفكارك أو توضيحها ولو إلى حدّ يسير، يجب اعتبارها خسراناً مبيناً. 
 
 * اقتباسات من متن المؤلِّف: 
 
١ - إن الحكمة فيما تقول "ديوتيما" في محاورة المأدبة، ليست حالة بشرية، إذ هي حالة من كمال الوجود والمعرفة لا يمكن أن تكون إلا إلهية. إن عشق هذه الحكمة هذا العشق الغريب عن العالم، هو ما يجعل الفيلسوف غريباً فيه. 
 
٢ - هذا العمل على نفسك أمر ضروري، هذا الطموح مبرَّر. كم من أناس غارقين إلى الأذقان في السياسة النضالية وفي الإعداد للثورة الاجتماعية، ولكن ما أندر أولئك الذين لكي يُعدّوا للثورة يريدون أن يجعلوا أنفسهم جديرين بها. 
 
٣ - الفعل الفلسفي يرفع الفرد منا من حالة حياتية أصيلة يمتلك فيها المرء الوعي الذاتي، والرؤية الدقيقة للعالم، و السلام الداخلي، والحرية. 
 
٤ - لنقل عندما نكون على وشك الذهاب إلى النوم : " لقد عِشتُ، لقد اجتزتُ الطريق المقسوم لي". فإذا ما جادَ الرَّب علينا بالغد أيضاً فلنقبله مبتهجين. سعيدٌ ذلك الشخص وذو سيادة مطمئنة على نفسه، من ينتظر الغد دون هموم. كل من يقول " لقد عِشتُ" يقوم كل يوم لكي يتلقى ثروات غير مُنتظَرة. 
 
٥ - ليس يعني الاستمتاع بالحاضر دون تفكير في الماضي أو المستقبل أن نعيش في لحظية تامة، بل يعني أن ننقي اللحظة الحاضرة من أن تُنغَّص بإعادة معايشة خيبات الماضي والخوف من متاعب المستقبل، فمن شأن ذلك أن يُشتِّت انتباهنا بعيداً عن الحاضر الذي يجب أن نركِّز عليه و نعيشه. 
 
٦ - لم تعد الفلسفة الآن هي العلم الأسمى، بل خادِمة اللاهوت، فقد كانت تُزوِّد اللاهوت بالمادة التصورية والمنطقية والميتافيزيقية التي تلزمه. وأصبحت كلية الآداب مجرد إعداد لكلية اللاهوت.
 
٧ - كانت الفلسفة القديمة تقترح على الجنس البشري فنّاً للعيش. وعلى العكس من ذلك تبدو الفلسفة الحديثة فوق كل شيء كتشييد لرطانة تكنيكية مقصورة على المتخصصين. 
 
بقلم: محمد رشوقي

أضف تعليق


كود امني
تحديث