أزعم أنّي لاحظت كما لاحظ غيري من خلال علاقتنا بأولادنا من الجنسين أن البنات منذ مرحلة الطفولة يجلسن مع الحكايات والقصص لفترة أطول من الأولاد الذكور، وحتى في حياتنا اليومية لا يفوت الروائيين، وأصحاب المكاتب، والناشرين، ومتابعي الأنشطة الثقافية ملاحظة أن النساء يقرأن أكثر من الرجال، وأن أغلب نوادي القراءة تشرف عليها النساء.
أذكر في هذا السياق زوجا كان يرافق زوجته في إحدى الأنشطة القرائية، حين سئل عن الكتاب قيد المناقشة، كان جوابه الصريح، أني لست مهتما بالكتب، انا هنا فقط مع زوجتي، وهي حادثة دفعتني للبحث أكثر فوجدت تجربة طريفة تتحدث عن أحد الكتاب البريطانيين الذي خاض تجربة خاصة في حديقة لندن ساعة الغذاء وبدأ بتوزيع الكتب المجانية هو وابنه، ليسجل أنه لمس حماسا وامتنانا من النساء، بينما جوبهت تجربته بكثير من العبوس والشك لدى الرجال.
لست ممن يميل للتعميم، لكني وجدت أيضا من يفسر إقبال المرأة على الروايات بالإحالة إلى فروقات بيولوجية ترتبط بخلايا عصبية في دماغ المرأة تجعلها أكثر تعاطفا وحساسية مع شخصيات الرواية التي تقرؤها، وهو ما يفتقر إليه رجال يفضلون لعب الغولف مثلا على القراءة، بل ولا يحبون أن يروا الرواية بين يدي المرأة لأنها بنظرهم نشاط متمرد خطير.
في كتابها "لماذا تقرأ النساء الخيال" تسجل هيلين تايلور وهي أستاذة في جامعة إكستر ما يدعم اهتمام المرأة الشديد بالرواية، من ذلك ما تنقله عن أم تستغل عملية فرز الغسيل كي تنزل للطابق السفلي وتسرق عشر دقائق ثمينة لقراءة رواية. وبلغ الحال عند إحداهن أن تقول إن قراءة الرواية بالنسبة لها أقل أهمية فقط من التنفس، تستثني من هذا الحكم روايات الخيال العلمي والرعب التي يقبل عليها الرجال الذين لن تعدم بينهم من يقبل على قراءة الرواية لأسباب خاصة، تتعلق أحيانا بالفضول لمعرفة المراة أكثر، كما حين يصارح أحدهم الروائية (لويز دوتي) بأنه تعلم كثيرا عن شعور المرأة من خلال روايتها، ليصبح بالإمكان القول إن المرأة تقرأ الرواية لتفهم نفسها، بينما يقرأ الرجل الرواية للهرب من نفسه.
يبقى أني أنحاز للرأي القائل إن القراءة تتطلب صبرا وقدرة على الإحساس بالآخرين تهتم به النساء أكثر من الرجال الذين ينظرون بعين الريبة والخوف من امرأة بيدها رواية.
بقلم: د. رزان إبراهيم (بتصرف)