على المقاربة التربوية المهتمة بتربية وإعادة إدماج الأطفال في سياق صعب أن تعتمد مجموعة من الخطوات:
 + الخطوة الأولى: القيام بالبحث الاجتماعي والتشخيص بالإضافة إلى التشخيص السيكولوجي بهدف قياس الشخصية. من ذكاء وانفعالات وطباع.. والقيام بالفحص الطبي للبدن بالتأكد من حقيقة أداء الأعضاء لوظائفها، وفتح الملف التربوي الشخصي للطفل الذي يدعم بكل البيانات النفسية والاجتماعية والصحية والتعليمية، بتواز مع جهود العناية والرعاية المساعدة على الاستئناس بالمؤسسة. والتكيف مع نظمها وأعرافها وتقاليدها...كفترة أولى.

 + الخطوة الثانية: يجب أن تصب على مهارات تطوير الشخصية في كل الأبعاد الصحية والمعارفية، والمهاراتية والنفسية والاجتماعية والحركية والروحية بالتركيز على دعم كل سلوك إيجابي. والحرص الدقيق على ضبط حقيقة وسوابق وكلواحق وأهداف ونتائج ومواقيت كل سلوك سلبي. وتطوير الشخصية يتطلب من الناحية التقنية جهودا مضنية من لدن الطاقم التربوي لرصد ذلك التطوير بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه شخصية الطفل وما يتطلب من تدخل يقتضي التخطيط والبرمجة المسبقة لاستثماره في البعد الإيجابي وانسجاما مع هذا التوجه يتفق كل من "Drake Fond" و "Haines في مسألة العناية بالأطفال الجانحين، على وجوب التدخل المبكر المبني على الدراسة العلمية الدقيقة لهؤلاء، لرصد مدى إدراكهم لخطورة الأفعال أو الامتناعات التي اقترفوها وكيف يعبرون عنها، وآرائهم حول الأسباب التي أدت بهم إلى ذلك.

 مع التركيز على مشكلات تفسيرهم لنشاطاتهم المتصارعة مع النظام الاجتماعي، وقد حددا عناصر المقاربة التربوية الموجهة لهذه الفئات بغاية استهداف حماية قدراتهم وتوظيفهما في علاقات ايجابية مع الاخر مثل ربط الشخص المستهدف بالأخرين عاطفيا وإحساسا وشعورا ومشاركة في الآمال والطموحات، والاقتناع بأهمية المعايير في صيانة الحياة الفردية والجماعية وتنميتها وترقيتها عبر السلوك الإبداعي المتحضر. بتوظيف الأنشطة التشاركية والتضامنية في كل المجالات، واستخدام الذات فكرا وجسدا في تنفيد الواجب موظفة كل الفضاءات المكانية والزمانية بالشكل الأفضل في تنمية البعد الروحي والمعرفي الإدراكي والحضاري بشكل متجدد يطال الشخص والمجتمع. ومن البرامج التي يجب أن تحتويها المقاربة التربوية:

1 - برامج العلاج السلوكي المتعدد المحاور.
2 - البرامج السيكو درامية والسسيو درامية.
3 - برامج السيرورة التقويمية لتحيين الأنى اعتمادا على النفس والاقتدار المعرفي الواثق في المستقبل والقادر على متابعة الأهداف. والوعي بالكفاءة الذاتية والوفاء بالاختيارات.
4 - برامج التمرس على حل المشكلات.
5 - برامج العلاج الجماعي.
6 - برامج الإنصات والإصغاء.
7 - المقابلة المساعدة.
8 - برامج الخدمة التطوعية.

 وتأكيدا على أهمية الأبعاد النفسية والمعرفية والاجتماعية بالبرامج لابد من الإشارة إلى أهمية اعتبار الفروق الفردية بين الأطفال في صياغة المقاربة التربوية التي يجب أن تكون خدماتها مختلفة حتى تكون أكثر فعالية. بمعنى وجوب استجابة المقاربة التربوية للاحتياجات الحمائية والعلاجية والنمائية للطفل المستهدف منها. فشخصية الطفل المهمل ليست هي شخصية الطفل الذي يعاني من العناد أو الطفل ضعيف العقل أو الطفل ذو العاهات السمعية أو البصرية أو النطقية الخاصة، أو الطفل الذي تنقصه المهارات الحياتية أو الطفل الخارج من الإصلاحية.

 وهنا لا بد من التركيز على أهمية التفاعل بين الطفل والطاقم التربوي وفضاء المؤسسة ومناخها النفسي والاجتماعي وشخصية مؤطريها والصراعات القائمة بين المستهدفين من تدخلاتها...وفي هذا السياق لابد من التأكيد على ضرورة عناية الطاقم التربوي بالمشاكل الدائرية للأطفال في المقاربة التربوية وخاصة من زاوية انتقال الطفل من وسط صعب إلى فضاء اَمن متواز فإن ذلك له بعض السلبيات كالمبالغة في البيروقراطية داخل المؤسسة التي قد تشكل عامل انزعاج لدى الطفل في أول وهلة يتعامل فيها معها، ينضاف إلى المشكلة الخاصة التي كان سببا في إحالته عليها وقلقه على المستقبل الغامض بالإضافة إلى إدراكه لذاته ولأسرته وللمجتمع. وهي مشاكل تتفاعل مع بعضها في حركة دائرية "Brown" تحتاج إلى مقاربة تربوية تعتمد مهرات عالية وتستثمر كل الجوانب الإيجابية المؤسسة على التقبل والفردية والاحترام أكثر من وسائل الضبط والوعيد والتأديب لأن الغاية هي التربية والتكوين والتنمية والإدماج وليس مجرد الرعاية الاجتماعية.

 أو ما يسمى بالتأديب والضبط أو الإصلاح الاستعراضي. وهذا يحتاج إلى طاقم تربوي متخصص ومتمرس وباحث من درجة عالية في علوم التربية وعلوم إعادة تربية وإدماج الأشخاص في سياق صعب وعلى الأخص طاقم بمقدوره علميا وتنظيميا وقانونيا وماديا تحقيق الإدماج الإيجابي للمستهدفين بمقاربته التربوية بالتركيز عليهم مباشرة اعتمادا على توظيف خلفياتهم الأسرية والمحيطية والثقافية والمهنية والاقتصادية والإسهام في أعادة تأهيلهم للقيام بأدوارهم التربوية والاجتماعية ولاحتضانيه وهذا هو الهدف المتوخى من جهود إعادة الادماج. فالأسرة والمحيط والمرافق الثقافية والاقتصادية العامة والخاصة هي الأخرى في حاجة إلى تدعيم وتطوير يجب أن تراعى داخل المقاربة التربوية بشكل كبير.

بقلم: عبد الله أبو إياد العلوي (بتصرف)

أضف تعليق


كود امني
تحديث