لا شك أنكم أبليتم البلاء الحسن في الاستعداد للمباراة وقد حاولنا جاهدين مدكم بما تركز لدينا وتيسر و رأيناه يجدي و يعين على استجلاء الظواهر التربوية التي نتوقع أن تكون موضع أسئلة، كما حاولنا توجيهكم إلى منهجية تناول مواضيع المباراة والتعامل معها، لأننا نرى بأن الحلقة المفقودة لدى فئة عريضة من المترشحين تتمثل في عدم تمكنهم من منهجية قراءة و فهم و بناء موضوع الإجابة، و أن كل ما راكمه المرشح خلال استعداده لامتحان المهني قد يشكل ضغطا معرفيا يمكن أن يجعله يحيد عن المطلوب.
وقد ارتأينا بحكم مشاركتنا المتكررة في تصحيح إنتاجات المرشحين في هذه المباراة، وكذا ما استقيناه من لدن مجموعة من الزملاء الذين ساهموا أيضا في التصحيح، أن نمدكم بمجموعة من التوجيهات و النصائح و التي تنم عما تمت ملاحظته خلال هذه العملية المضنية و المتعبة.
1 ـ إن فهم السؤال و فهم المطلوب منه في استقلالية عن أي حمولة معرفية مسبقة لدى المرشح يعتبر مدخلا أساسيا و حاسما في الإجابة الصحيحة، لأننا لاحظنا أن نسبة كبيرة من المرشحين لا يكلف نفسه التدقيق في ما يطلبه السؤال و قد تؤثر عليه الحمولة المعرفية المتدفقة التي راكمها خلال الاستعداد فتدفعه ليرتمي في طرح ما يعرفه لا ما يطلبه السؤال، وقد تجده يحلل و يناقش و يدلي بأفكار جيدة و متناسقة و متساوقة ومضبوطة كذلك، لكن المصحح يأسف لأنه يجدها تجانب المطلوب و لا تجيب عن جوهر السؤال، خاصة و أن المواضع التربوية شديدة التداخل و أن البرزخ بينها جد دقيق و لا يكاد يميزه إلا متمعن حكيم، لذا فإنني أنصح إخواني و أخواتي بأخذ الوقت الكافي لفهم السؤال و التحديد الدقيق لما يطلبه، و من أجل ذلك يجب قراءة السؤال بتمعن مرات عديدة، و لما لا محاولة صياغته صياغات مختلفة لتحديد المتشابه منه و المتداخل والمتعاضد و المتنافر و المتقابل والمتساوق و المتسق، ثم العودة للصيغة الأصلية، لاستجلاء الكلمات و المفاهيم و المعاني المفاتيح.
2 ـ بعد الفهم الجيد للسؤال و لما يطلبه، لا بد من سرد و تحديد الأفكار التي سيطرحها المرشح، ومن ثم إعداد الخطة التي سيعتمدها في تنظيم هذه الأفكار و بناء الموضوع، وليكن كل هذا على المسودة، عندما يجد نفسه قد استوفى ما لديه، أو استوفي ما بتطلبه السؤال يعمد إلى تحرير ذلك على ورقة الامتحان.
3 ـ إن التحرير بعتبر أيضا مدخلا لا يقل أهمية وخطورة عن سابقه، فلا بد أن يكون الخط واضحا من حيث المقروئية و الجمالية . تنظيم الفقرات و استعمال علامات الترقيم و تجنب التشطيب وكذا الأخطاء الإملائية أمر جوهري و مطلوب.
4 ـ استعمال اللغة يجب أن يكون وظيفيا بمعنى تجنب الحشو و الإطناب ، فكم من ورقة تحرير تجد المصحح يقرأ فقرات و فقرات بلغة سليمة و أسلوب جيد لكنه فقط ركام لغوي لا أفكار فيه. و لهذا أنصح المرشحين بالتعبير عن أفكارهم بالكم اللغوي الضروري فقط، و أن يكون استعمال كل كلمة أو مفهوم أو عبارة لغوية فقط للتعبير عن فكرة معينة أي استعمال وظفي دقيق و مركز.
5 ـ التركيز و الإيجاز أمران محددان في التحرير و كسب تعاطف المصحح.
6 ـ استعمال الاستشهادات الموثقة يجب أن يكون هو الآخر وظيفيا، لا يتم استعمالها إلا إذا كانت ستعطي قيمة مضافة للتحليل، و بقدر مساهمتها في اعطاء قيمة علمية للموضوع بقدر إساءتها له إذا لم توظف بقدرها، أو كانت كثيرة تطغى على أصالة المرشح و بنائه للموضوع.
7ـ تجنب كتابة إنتاجات الآخرين (النقل)، فشخصيا و معي العديد من الزملاء، كنا مضطرين لوضع نقطة الصفر (في العديد من الحالات) في سؤال أو في ورقة كاملة لتشابه الأجوبة أو تطابق جزء منها. فاعلم اخي أن غيرك لن يحلل السؤال أفضل منك، ولو أعملت عقلك وفكرت قليلا لكان إنتاجك أفضل و أأصل من إنتاج غيرك.
8ـ تجنبوا نقل الفقرات الجاهزة التي يمكن تحميلها من الأنترنيت، فقد تسمح ظروف الحراسة باستعمال الهاتف (و هذا غير مسموح به). و قد يعمد الكثير، كما لاحظنا ذلك من تحميل فقرات جاهزة عن مفهوم أو ظاهرة تربوية، لكن توظيفها في الموضوع لا يتميز بالسلاسة، مما يجعل المصحح يجد نفسه في مطبة و كأنه يقرأ فقرة غير متناغمة مع ما بدأ قراءته في هذه الورقة، فيكتشف أن تلك الفقرة غير أصيلة، و كم اضطررنا إلى توظيف الأنترنيت و إدخال جزء من الفقرة لنكتشف أنها منقولة حرفيا من أول موقع يظهر في البحث.
9ـ خلاصة القول، كن أصيلا، فقد استجمعت من الخبرة و التجربة و المراس، من خلال الممارسة و من خلال المطالعة والاستعداد ما يمكنك من تناول أي موضوع تربوي بالتحليل، إعمل عقلك، و اعلم أن فقرة من إنتاجك أفضل من صفحات من إنتاج الآخرين.
إعداد: عبد الغني السليماني (بتصرف)