كل المستويات الدراسية، تتضمن موردًا يتعلق بالقراءة. القراءة من أهم الوظائف والرهانات التي على المنظومة التربوية، إن ترسخها في سلوك المتعلم. لماذا لا نقرأ نحن العرب، مثلا، كبقية  الشعوب المتقدمة والتي مهما كبروا وتقدموا في السن، نجد الكتاب دومًا حاضرا في ترحالهم وغرف نومهم ومقاهيهم، وفي كل فضاءاتهم العامة والخاصة، الخ؟. الجواب، بعض عناصره يكمن في هذه التعلمات المتعلقة بالقراءة داخل الفصل.
 
  نعرف جيدا وضع العائلات المنشغلة في المجمل بالبحث عن قوت يومها طيلة النهار، وبالتالي لا حضور للكتاب في ظل زحمة الحياة والتوظيف  الجاهل للتكنولوجيا إلخ. يبقى، إذن، القسم والمدرس وحصص القراءة،بمثابة فرصة حقيقة لجعل المتعلم يقرأ. لا نكون من المبالغين إذا قلنا ان حصص القراءة في القسم ربما هي الحصص الوحيدة التي يلامس فيها المتعلم كتابا ويقرا ويبصر ويلامس عن قرب ما خطته تلك الأيادي في ذلك الكتاب المدرسي . عادة ما نطلب (إن فعلنا)، من المتعلم في البداية أن يقرأ قراءة صامتة ما يوجد في الكتاب المدرسي خلال تلك الحصة.
 
  هذه القراءة هي جد مهمة  لأنها قد تولد فيه سلوك القراءة، لاسيما إن كررت . علينا أن نلتفت إليها داخل القسم ونرسخها وأن نكثر منها وأن لا نقفز عليها نحو هاجس تحقيق هدف الحصة خوفًا من عدم إتمام المقرر، إلخ. القراءة الفردية كمرحلة موالية هي جد مهمة. لنترك المتعلم يقرأ. ربما هي الفرصة الوحيدة التي تمنح له من أجل القراءة. لنساعده على  قراءة تحترم مخارج الحروف وتكون مولدة فعلا للرغبة فيها (لذة القراءة). لم لا تخصيص ورشات خاصة بالقراءة؟.
 
  في كثير من الأحيان أتساءل ما المانع من تخصيص حصص برمتها للقراءة داخل القسم والمدرسة ومكتبتها وبشكل مخطط له ومنظم ؟. ما المانع من تربية المتعلم على القراءة والكتاب؟. ما المانع من تعليمه ثقافة ومنافع الصبر على القراءة ؟. نحن نعاني من ضعف القراءة والترويج للكتاب وطبعه ونشره وشرائه !!. كيف من الممكن التغلب على كل هذه المعضلات بمعزل عن المدرس والمدرسة ؟. لا السياسي ولا الإداري ولا غيرهما يمكن أن يصلح آفات القراءة بمعزل عن مدرس مدرك لقيمة القراءة ومولد لهذه القيمة في نفسية وسلوك المتعلم!.
 
  لازلنا نضحك حينما نكون في أمسيات شعرية والشاعر يقرأ قصيدته أو زجله. لم تتم تربيتنا في طقوس القراءة. لنترك المتعلم يتصالح مع فعل القراءة بطريقة صامتة وفردية وجماعية أيضا، بل لنجتهد ونفكر في تطويع هذه الرقميات الحالية لجعلها تساعدنا في تحقيق لذة القراءة كان نحفز المتعلم على أن يقرأ في بيته ( قراءة مقطع)،  ويصوره أحد أفراد عائلته ونقوم بعرض ذلك في القسم مثلا. سنبقى دومًا من البلدان التي فيها أرقام ضعيفة للقراءة بالمقارنة مع ما لدى الدول المتقدمة ما لم نطوع درس القراءة في القسم وجعله نشاطًا مستقلًا بذاته.
 
 القراءة الفردية جد نادرة في القسم دون نسيان قيمة القراءة النموذجية التي تكون من لدن المدرس. عليه أن يثمنها وان يستحضرها ضمن تعلماته. القراءة في القسم والإكثار منها وتحقيق الإشباع لدى المتعلم فيها، خطوة حقيقية نحو تحقيق المصالحة معها!. 
بقلم: الحبيب ناصري