(نفسك. دعها تشعر. دعها تشفى)
هذه الطفلة التي تنتابها مشاعر الذعر والألم واليأس، فتلجأ لمن تفترض فيه عونا لها، فلا تتلقى منه سوى اللوم والتعنيف أحيانا. ما الذي سيحصل لها؟
أتخيل أولا رغبتها الشديدة في الانطواء والعزلة، وفي مرحلة ثانية ستفقد ثقتها بمن حولها، والأصعب من ذلك أنها ستفقد ثقتها بذاتها. وإذ يتعاظم الوجع أكثر تجد أن لا مفر من أن تخنق أحاسيس هي علامة الحياة عند البشر، فتحجم بشكل كلي عن التعبير عما ينتابها من هواجس في حياة تمنت لو أنها لم توجد فيها أصلا، ولنذكر هنا أن الناس لا يقتلون أنفسهم بسبب ذراع مكسورة، بينما ينتحر الآلاف بسبب كسر عاطفي، آلامه أشد من الألم الجسدي. يبقى لافتا في هؤلاء الذين قمعت عواطفهم بأنهم لن ينسوا، وربما تراود هذه الطفلة المقموعة مشاعر أنها قد تكون مجنونة حقا وفقا لما قيل لها، فتعيش في حيص بيص لو صح التعبير.
من هذا الباب قد يهتم من تقمع مشاعره بالأدب وبفنون وأفلام تمنحه استجابة عاطفية تعويضية من نوع ما. يبقى من الضروري أن يؤمن الواحد منا أن عواطفنا لم تخلق كي توضع في صندوق مغلق، ذلك أن المشاعر المكبوتة تبقى في الجسم كما قنبلة موقوتة معرضة للانفجار في كل وقت، حتى ولو توالى هروب صاحبها منها. وأخيرا وربما يكون من نافلة القول الاعتقاد بأن العواطف تلتئم حين تجد من يستمع إليها شريطة منحها لمن يستحقها، ذلك أن صاحبها الذي يمنحها لمن لا يستحق، سيكون فعله شبيها بمن يرمي لؤلؤة ثمينة إلى الخنازير، ولنا أن نتخيل كم تكون خسارته فادحة!
بقلم: د. رزان إبراهيم