تكنولوجيا الهاتف الجوال أو النقال أو المحمول هي اختراع بشرى مدهش لا يمكن إنكار دوره المؤثر في استثمار الوقت، وانجاز الأعمال، وتقريب البعيد، إضافة إلى خدمات ترفيهية وعلمية باتت ملك يمين حائز تلك التكنولوجيا.
بيد أن هنالك جانباً مخيفاً أفرزه تطوير الهاتف المحمول من خلال تزويده بوظيفة « البلوتوث »، وهى الوظيفة التي سهلت إرسال واستقبال مقاطع الصوت والصورة بين عدة أجهزة في حيز واحد وفى وقت واحد وبلا أدنى تعقيد، والخطر الذي أقصده هنا يكمن في الضرر يصيب الناحية الأخلاقية والنفسية جراء استخدام هذه الوظيفة خاصة من قطاع الشباب الذين يمرون بمرحلة المراهقة !!.
فلا أسهل من أن يتم تصوير أو نسخ مشهد « لا أخلاقي » عن طريق كاميرا الموبايل، أو طريق النقل من على شبكة الانترنت، ثم يتم تصدير هذا المشهد إلى الأصدقاء، أو المعارف، أو الزملاء.. فتنتشر الرذيلة والمشاهد الفاضحة عبر تلك التقنية الخطيرة، الأمر الذي يصيب عفة أولادنا وبناتنا في مقتل.
ومع انخفاض أسعار أجهزة التليفون المحمول زاد الأمر خطورة، حيث انتشرت تلك الأجهزة في أيدي طلاب المدارس بشتى مراحلها التعليمية، فبات الموبايل في حقيبة الطالب مثل الكتاب والكراسة والقلم، بل لقد تفوقت جاذبية المحمول على جاذبية الكتاب و تحصيل العلم، ولا أسهل من يخرج التلميذ تليفونه المحمول أثناء الحصة فيتجول بين وظائفه وقوائمه منشغلاً بذلك عن مدرسه داخل الفصل الدراسي وهو لا يعلم.
ولقد عاينت بعيني رأسي تلاميذ يتناقلون ما لديهم من مقاطع فيديو في الطريق العام حتى وصل انشغالهم بما يصنعون إلى عدم شعورهم بالطريق أو بالمارة الذين ينظرون إليهم، وكأن سحراً قد أصابهم فانقطعوا بكل جوارحهم نحو ما تفعله هذه الآلة العجيبة، فمن المسئول عن تعلق هذا الشباب الغض بتلك الأجهزة؟ وما هي الضرورة الملحة التي تفرض استعماله من قبل هؤلاء الصغار؟ وأين دور الأسرة والمجتمع والمؤسسات التربوية من تقنين استخدام هذه الآلة.
إن الأمر يتطلب وقفة جادة وصادقة قبل تفاقم المصيبة وذلك من أجل وضع حلول عملية لاستخدام أجهزة التليفون المحمول على الأقل من جانب طلبة المدارس في آلية متكاملة تنظم استخدام التلميذ لهذه التكنولوجيا.
« أولاً » لماذا لا يتم تخصيص أجهزة بمواصفات ووظائف معينة للتلاميذ، إن كان لا مفر من استخدامهم لها من أجل التواصل مع الأسرة والأصدقاء، على أن يتم إلزام الشركات البائعة الموبايل بتلك المواصفات؟.
« ثانياً » لماذا لا تمنع المدارس استخدام التليفون المحمول أثناء اليوم الدراسي، من باب توجيه تركيز الطلاب نحو تحصيل دروسهم بلا شاغل؟.
« ثالثاً » لماذا يرضخ ولى الأمر لإلحاح ولده فيشترى له التليفون المحمول بلا ضرورة، ومن هي الطريقة التي تضمن حسن رقابة ولى الأمر على حسن استخدام ولده لهذه التقنية؟.
يجب أن لا تتخلى الأسرة والمؤسسات التربوية عن دورها في التوجيه والرقابة لضمان استخدام التقنية الحديثة فيما ينفع، خاصة وأن اعتزالها ليس بالأمر الممكن أو المقبول، في ظل ثورة تكنولوجية يجب أن نتفاعل معها بحكمة ومسئولية.
إعداد:عبد القادر مصطفى عبد القادر (بتصرف)