"مقتطف من حوار مجلة "لوبوان" "Le Point" سنة 2016 مع "أندرياس شليشر" "Andreas Shleicher" المسؤول عن البرنامج العالمي لتتبع مكتسبات التلاميذ "Pisa" الذي يقيس الكفاءات والعروض التربوية ل 80 دولة حول العالم، حوار يرتكز حول النظام التربوي الفرنسي في مقارنة مع الأنظمة التربوية حول العالم، قمت بترجمته، ونُشِرَت الترجمة بمجلة أفكار عدد ماي 2018، اخترت هذا الجزء لتجديد التساؤلات..

أندرياس شليشر متحدثا عن بعض نقط قوة الأنظمة التربوية الآسيوية:

في اليابان، عندما يواجه طفل مشاكل مع الشرطة، لا يتم الاتصال بالآباء بل بالمدرس. أن يتواجد 50 تلميذا في فصل ما لا يشكل قلقا: المدرسون يستطيعون تعبئتهم في مجموعات صغيرة، أو استقبالهم واحدا واحدا.. في الصين، الأمر مشابه. الأساتذة لا يدرّسون سوى إحدى عشرة ساعة في الأسبوع، وفي بقية الوقت يستقبلون الآباء أو التلاميذ بشكل منفرد، أو يحضرون دروس أساتذة آخرين، يأخذون وقتهم في تطوير ثقافة تشاركية للتربية، يهتمون للمشاريع المبتكِرة التي ستمنحهم تسميات جديدة وتُسَرِّع في مسارهم المهني.

- الدول الآسيوية متطلبة جدا وهذا له آثار على التلاميذ: انتحارات، اكتئابات، ضغوط ...، هل هذه أسطورة؟

شليشر: للأسف، هذا يوجد في أوربا بدورها، حيث النتائج ورغم ذلك أقل ارضاء. في 2006، ضمن الاختبار Pisa ، طلبنا من التلاميذ في فرنسا تفسيرا لكون أحدهم جيدا في الرياضيات. أغلب طلاب الاعداديات أجابوا ب : "الموهبة". بالنسبة لهم، الأمر فطري. نفس السؤال طرحناه في الصين واليابان، تسعة أطفال من عشرة أجابوا بأنهم لو اشتغلوا بجد، وساعدهم أساتذتهم، سيبلغون الجودة المنشودة


- لا ينبغي إذا إصلاح البرامج بل العقليات...لماذا يعتبر تغيير هذه الأشياء معقدا في فرنسا؟

شليشر: النظام الفرنسي يعزل الأساتذة. هذا نوع من التنظيم الصناعي، الذي يشتغل على غرار مصنع. الوزارة تكتب البرامج في لجان صغيرة والمدرسون يجب أن ينصاعوا لها. الزيادة في أجرة مدرس مسألة سن ليس أكثر، دون تحفيز إطلاقا. في سنغافورة، التي تلتف حول صدارة التصنيف منذ عدة سنوات، لا شيء يُطبق دون المدرسين. لا يعلن أي اصلاح إلا بعد شرحه في كل المدارس. في فنلندا، يقضي الأستاذ ثلثي وقته في العمل لدى السلطات المحلية...يجب وضع الثقة أكثر في الأساتذة، إعطاؤهم مسؤوليات أكثر فأكثر. الصين تحفز أصحاب الدروس الأكثر تداولا بين الزملاء. في انجلترا، كنت عضوا في لجنة تحكيم تكافئ أفضل المشاريع لتحقيق مدرسة أكثر مساواة. الأساتذة يحملون أفكارا نيّرة لم يفكر أبدا فيها أي من الحكومات المتعاقبة.

- الاصلاح الجيد إذن يمر من الأساتذة؟

شليشر: جودة نظام تربوي لا تتجاوز أبدا موهبة مدرسيه. في شنغهاي، إن أراد المدرس الموهوب في مدرسة للمتميزين التقدم مهنيا، يجب، أن يبين أولا ما يستطيع القيام به في مدرسة صعبة، نفس الشيء في سنغافورة، في كندا وفي فنلندا. هذا يسمح باستخراج أحسن الديناميات. لأن الإنصاف لا يعني توفير أكبر عدد من المدرسين للتلاميذ في وضعية صعبة بقدر ما هو منحهم الأفضل من بينهم.

 - في فرنسا، الحكومات مشلولة بسبب النقابات...؟

شليشر: يحصل كل بلد على النقابات التي يستحق. اذا كان النظام التربوي على غرار النظام الصناعي، تعيد النقابات إنتاج نفس البنية وتقاتل مثل نظيراتها لدى العمال من أجل الأجور و القوى العالمة. وعلى العكس من ذلك، اذا كان النظام التربوي مرتكزا على البيداغوجيا، تحذو النقابات حذوه.

- هل يحتاج النظام الفرنسي أهدافا واضحة؟

شليشر: هذا هو عمق المشكل، فعليا، هذه حالة عديد البلدان. ما هي الأهداف المتوخاة؟ من أجل أية نتائج؟ جميع الحكومات يجب أن تكون قادرة على الإجابة بدقة على هذه الأسئلة. يجب تثبيت نموذج مثالي مرتفع. تتوفر السويد وفنلندا على مدارس متشابهة جدا. ولكن، عندما حددت فنلندا مواصفات قياسية للتفوق، اكتفت السويد بتثبيت حدٍ أدنى للتعلمات. ومنه، على مستوى النتائج، حتما سنلاحظ بوضوح أن فنلندا تُرتب قبل السويد."

بقلم: عواد إعبدون

أضف تعليق


كود امني
تحديث