1- الأساس الفكري للبنائية:
"إن الأساس الإنشائي لأي هيكل جديد من الممكن تحقيقه من خلال النضج والوعي والتجربة". بدايات ظهور الفكر البنائي:
* أول بيان رسمي فلسفي يعبر عن الفكر البنائي صدر في بدايات القرن الثامن عشر (1710م) في مقولة الفيلسوف الإيطالي Giambattista" إن الإله يعرف العالم لأنه هو الذي خلقه، وما يستطيع الكائن البشري أن يعرفه هو ما صنعه بنفسه فقط".
* في عام (1778م) كتب الفيلسوف الألماني Emmanuel Kant في كتابه الشهير " نقد العقل الخالص" يقول " يستطيع العقل الإنساني أن يفهم فقط ما أنتجه هو نفسه وفقًا لخططه الخاصة به".
البنائية في المعجم الدولي للتربية:
"هي رؤية في نظرية التعلم، ونمو الطفل، قوامها أن الطفل يكون نشطًا في بناء أنماط التفكير لديه نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة".
ويؤكد الكثيرون على أن البنائية نظرية في التعلم وليست مجرد مدخل تدريسي حيث يتمكن المعلمون من تدريس طلابهم بطرق توصف بأنها بنائية إذا كانوا على وعي ودراية بالكيفية التي يتعلم بها هؤلاء الطلاب.
وتعبر البنائية في أبسط صورها وأوضح مدلولاتها عن أن المعرفة تُبنى بصورة نشطة على يد المتعلم ولا يستقبلها بصورة سلبية من البيئة.
أبرز منظري البنائية: - جان بياجيه - جون ديوي - فايجوتسكي - إرنست فون جلاسر فيلد.
2 - المقولات الرئيسة في نظرية البنائية ومبادئها الأساسية:
* "يبني الفرد الواعي أو المطلع معرفته الذاتية في عقله اعتمادًا على خبرته ولا يستقبلها بصورة سلبية من الآخرين".
* "المعرفة وسيلة نفعية وظيفتها هي التكيف مع العالم التجريبي (المحسوس) وخدمة تنظيم العالم التجريبي".
* "المعرفة تكون جيدة طالما تؤدي إلى تسيير أمور الفرد معرفيًا عند تعامله مع عالمه المحس".
3 - المبادئ الأساسية للبنائية كنظرية في التعلم المعرفي:
- المتعلم لا يستقبل المعرفة ويتلقاها بشكل سلبي لكنه يبنيها من خلال نشاطه ومشاركته الفعالة في عمليتي التعليم والتعلم.
- يحضر المتعلم فهمه المسبق إلى مواقف التعلم ويؤثر هذا الفهم في تعلمه للمعرفة الجديدة.
- إن معرفة الفرد دالة لخبرته. (فالمعرفة دائمًا قرينية أو سياقية بمعنى أنها لا تنفصل عن العارف بها، ولا عن مواقف الخبرة المنبثقة عنها).
- يبني المتعلم معنى ما يتعلمه بنفسه بناء ذاتياً، حيث يتشكل المعنى داخل بنيته المعرفية بناء على رؤية خاصة به، فالأفكار ليست ذات معان ثابتة لدى الأفراد.
- المعرفة ليست موجودة بشكل مستقل عن المتعلم، فهي من ابتكاره هو وتكمن في عقله (دماغه) ومن ثم فهي تصبح أساس نظرته إلى العالم من حوله وعلى أساسها يفسر ظواهر هذا العالم وأحداثه.
- المعرفة "عملية" وليست "نتيجة".
4 - مفهوم التعلم وخصائصه من منظور البنائية:
مفهوم التعلم من منظور البنائية: "عملية بناء إبداعية مستمرة يعيد خلالها الفرد تنظيم ما يمر به من خبرات بحيث يسعى لفهم أوسع وأشمل من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات السابقة".
خصائص التعلم من منظور البنائية:
- التعلم عملية بنائية نشطة ومستمرة وغرضية التوجه.
- تتهيأ للمتعلم أفضل الظروف للتعلم عندما يواجه بمشكلة أو مهمة حقيقة.
- تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخرين.
- المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء التعلم ذي المعنى.
- الهدف من عملية التعلم الجوهري هو إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة الفرد.
مفهوم التدريس من منظور البنائية: عملية تنظيم لمواقف التعلم في غرفة الصف وغيرها بما يمكن المتعلم من بناء معرفته بنفسه مع قليل من التوجيه والإرشاد من قبل المعلم.
5 - العوامل المؤثرة في التعلم من منظور البنائية:
- الاستعداد والقابلية للتعلم.
- الطرق التي يمكن أن تُعد بها مجموعة من المعارف التي يمكن أن يستوعبها المتعلم.
- التسلسل الأفضل الذي يمكن أن تُقدم به المادة الدراسية.
- طبيعة الثواب والعقاب وتوقيت كل منهما.
6 - مبادئ التدريس البنائي:
- التأكيد على التعلم لا على التدريس.
- التفكير والنظر في التعلم على أنه عملية.
- التأكيد على السياق الذي يحدث فيه التعلم.
- أخذ النموذج العقلي للمتعلم في الاعتبار.
- تشجيع وقبول ذاتية المتعلم ومبادراته.
- النظر إلى المتعلمين على أنهم أصحاب إرادة وغرض.
- أخذ طريقة تعلم المتعلمين في الاعتبار.
- أخذ معتقدات المتعلمين واتجاهاتهم في الاعتبار.
- دمج المتعلمين في مواقف تعلم حقيقية.
- التأكيد على الأداء والفهم عند تقييم التعلم.
7 - مراحل التدريس البنائي:
* التنشيط، وفيها يقوم المعلم بـ : إثارة الدافعية لتعلم موضوع الدرس، التعرف على ما لدى الطلاب من أفكار أولية مسبقة حول موضوع الدرس، طرح المشكلة/ السؤال المطلوب البحث عن حل أو إجابات عنه.
* الاستكشاف،وفيها: يتوصل الطلاب بأنفسهم إلى الحلول/الإجابات للمشكلة/السؤال موضع الاستكشاف، ممارسة الطلاب لعمليات البحث العلمي.
* المشاركة: تبادل الأفكار بين أفراد الصف فيما وصلوا إليه من إجابات وحدوث تعديلات في أبنيتهم (تراكيبهم) المعرفية.
* التوسيع، وفيها يتم: إثراء معرفة الطلاب عن موضوع الدرس، تطبيق ما توصلوا إليه من معلومات في حياتهم العملية، استخدام هذه المعارف في اتخاذ قرارات في القضايا الشخصية والمجتمعية.
8 - التدريس الفعال من منظور البنائية:
"هو التدريس الذي يخاطب البنية المعرفية للمتعلم، ويواكب النمو المعرفي لديه، ويلائم نواتج تعلمه، ويساعده على تحقيق درجة أعلى من المعالجة للمعلومات والاكتشاف القائم على شبكة مفاهيم في عقله".
موضوع النشاط: أدوار المعلم والمتعلم وسمات كل منهما في التدريس البنائي
أدوار المعلم:
- تنظيم بيئة التعلم.
- توفير أدوات التعلم بالتعاون مع طلابه.
- دمج الطلاب في خبرات تتحدى المفاهيم أو المدركات السابقة لديهم.
- تنمية روح الاستفسار والتساؤل لدى طلابه.
- تشجيع المناقشة البنائية بين طلابه.
- إشراك طلابه في عملية إدارة التعلم وتقويمه.
- استخدام أساليب وأدوات متنوعة في التقويم تتناسب مع مختلف الممارسات التدريسية.
أدوار المتعلم:
- اكتشاف ما يتعلمه من خلال ممارسته للتفكير العلمي.
- بناء معرفته الذاتية بنفسه.
- البحث عن معنى لخبراته مع مهام التعلم.
- مشاركة زملائه في إنجاز مهام التعلم.
- مشاركة المعلم والزملاء في إدارة التعلم وتقويمه.
سمات المعلم:
- معلم متعلم.
- يفصل بين المعرفة واكتسابها.
- ذكي في انتقاء أنشطة التعلم.
- يسمح بوقت انتظار بين السؤال والإجابة.
- يقبل ذاتية المتعلم ومبادراته.
- يغذي الفضول الطبيعي لدى طلابه.
- يشجع استفسارات الطلاب.
- يسمح بوجود قدر من الضوضاء إذا كانت هذه الضوضاء ناجمة عن الحركة والتفاعل والتفاوض الاجتماعي.
- نموذج يكتسب منه الطلاب الخبرة (التلمذة المعرفية).
- يمثل أحد مصادر تعلم الطلاب وليس المصدر الرئيس للمعلومات.
9 - أساليب تقويم التعلم في إطار البنائية:
ينادي البنائيون بتطبيق واستخدام ما يطلقون عليه " التقويم الحقيقي":
* التقويم الحقيقي: أسلوب يستخدم لفهم وتقدير المعرفة الموجودة لدى الطالب من خلال مواجهته بمشكلات العالم وتحدياته الحقيقية. ويتسم هذا الأسلوب بالاستمرارية والواقعية والانتقائية وكذلك التسلسل والموضوعية.
* أهداف التقويم الحقيقي:
- تنمية قدرة الطالب على الاستجابة وليس مجرد الاختيار من بين عدة اختيارات تم تحديدها مسبقًا.
- اختبار مهارات التفكير العليا بالإضافة إلى المهارات الأساسية.
- استخدام محاور متعددة لتقييم أعمال الطلاب.
- تقييم المشاريع الجماعية بشكل مباشر.
- تشجيع الطلاب على أن يقيموا أعمالهم بأنفسهم (التقويم الذاتي).
- تشجيع التعاون بين الطلاب من جهة وبين المعلم والطلاب من جهة أخرى.
- المزج بين التقويم والتوجيه: فالتقويم يجب ألا يعكس فقط مجرد معلومات دقيقة عن أداء الطلاب بل يجب أن يكون حافزًا لهم، ومسهمًا في تحسين عملية التدريس.
10 - أنماط التقويم الحقيقي في إطار الفكر البنائي:
- تقديرات الأداء: وتختص بقياس قدرات الطلاب في إنجاز المهام بتطبيقهم للمعرفة التي بحوزتهم، وبعرضهم لإمكانات استخدامها في حل المشكلات التي واجهتهم بصورة ذات مغزى.
- اختبارات الكتابة: وتختص بقياس كل من مهارات فنون اللغة وقياس المحتوى المعرفي لمجالات عدة، وذلك حين يطلب من المتعلم كتابة موضوع محدد أو أن يستخدم أنماطًا مختلفة من مهارات الكتابة " ككتابة تقرير أو مقال".
- سجلات الأداء: وهي عبارة عن سجلات للتعلم والتقويم تتجمع فيها عينات من أعمال المتعلمين (التي توضح: تحصيلهم، تقدمهم وجهدهم) وتشمل كلا من مخرجات التعلم، إلى جانب عملياته. وقد تركز على مجال دراسي معين أو أكثر من مجال.
ويشير نمو سجل الأداء إلى مدى مشاركة المتعلم في انتقائه للمواد المختارة، ويؤخذ في الحسبان التقويم الذاتي للمتعلم باعتباره أهم مكون في نمو سجل الأداء. وبما يسمح للآباء بالاطلاع على الأنشطة التي يمارسها أبناؤهم خلال عملية التعلم ومعدل نموهم.
- خرائط المفاهيم: وهي رسوم تخطيطية ثنائية البعد أو متعددة الأبعاد تعكس مفاهيم بنية محتوى النص، يتم تنظيمها بطريقة متسلسلة تتخذ شكلا هرميًا، إذ يوضع المفهوم الرئيس في قمة الخريطة وتندرج تحته المفاهيم الأقل عمومية في المستويات الأدنى، مع وجود روابط توضح العلاقات بين المفاهيم الرئيسة والفرعية.
- معالم بلوغ المنتهى: والتي تتطلب من المتعلمين عرض ما تعلموه من محتوى ومهارات أساسية في الفصل أو أمام مجموعة من الرفاق، وغرضها أن يظهر المتعلم تمكنه من التغلب على التحديات التي واجهته، والتي تطلبت تحليله البيني للمجالات الدراسية المختلفة، أو تحليله لمجال دراسي محدد.
المرجع: النظرية البنائية وتطبيقاتها التربوية