بيداغوجيا التعاقد من الاتجاهات الحديثة في مجال التربية و التعليم، و التي تهدف إلى طرح بدائل تربوية للعقاب بكافة أنواعه، و إيجاد حلول المشكلات الصفية التي يصادفها المعلمون في فصولهم الدراسية. فما هي إذن بيداغوجيا التعاقد؟و كيف يمكن تطبيقها في الفصول الدراسية؟
1 - تعريف بيداغوجيا التعاقد:
* تعريف أول: يداغوجيا التعاقد هي تنظيم لوضعيات التعلم عن طريق اتفاق متفاوض بشأنه بين شركاء (المدرس و المتعلمون)، يتبادلون بموجبه الاعتراف فيما بينهم قصد تحقيق هدف ما، سواء كان معرفيا أو منهجيا أو سلوكيا.
* تعريف ثان: عرف بيداغوجيا التعاقد بكونها اتجاها بيداغوجيا يقوم على مبدإ تعاقد المتعلمين و مدرسهم و اتفاقهم على الالتزام بأداء مهام أو تحقيق مشاريع معينة، تسهم في تطوير الممارسة التربوية من جهة، و توطيد العلاقة الوجدانية الانفعالية بين المدرس والمتعلمين، وبالتالي الابتعاد أكثر عن العنف والممارسات اللاتربوية.
* تعريف ثالث: التعاقد البيداغوجي حسب العالم التربوي "MIALARET" ميالاري إجراء بيداغوجي مقتبس من ميدان التشريع والصناعة، يقوم في إطار اتفاق تعاقدي بين طرفين هما المدرس و التلميذ، و ينبني هذا الاتفاق على مفاوضة بينهما حول متطلبات المتعلم وأهداف التعليم و واجبات كل طرف و حقوقه، و أهداف و مرامي عملية التعليم و التكوين.
2 - أسس بيداغوجيا التعاقد:
يندرج التعاقد البيداغوجي ضمن ما يسمى تيار استقلال الإرادة في التعليم، و يمكن اختصار أسسه في النقط التالية:
- الحرية : و نعني بها حرية الاقتراح والتقبُّل والرَّفض، حيث لا يمكن إكراهُ المتعلِّمِ على إنجازِ عملٍ ضدا على رغبته.
- الالتزام: شكلٌ من أشكال تبادلِ الاعتراف قصدَ تحقيقِ أهدافٍ معيَّنة: معرفية - وجدانية - ومهارية . وهو الأساس الذي يعطي القوة والمشروعية للتعاقد البيداغوجي، ويحفز المتعلم على تطبيق بنود العقد.
- التفاوض: حول بنود العقدِ التَّعليمي – التعلُّمي بين الشُّركاء: المعلِّم من جهة، باعتباره المنشِّطَ، والمتعلِّم من جهة ثانية باعتبارِه الشَّريكَ التَّربويَّ.
الانخراط المتبادل في إنجاح التعاقد: ويهم شعور الطالب بانخراطه الدائم طيلة مدة التعاقد لأن التعاقد يمنحه فرصة لتجريب استقلاليته بتحمله للمسؤولية. كما يجب أن يبدي المدرس نفس الالتزام والانخراط في وثيقة التعاقد.
3 - أهداف التعاقد البيداغوجي:
يهدف التعاقد البيداغوجي باعتباره من الطرق الحديثة في تدبير التعلمات، إلى تحقيق ما يلي:
- تشجيع المتعلم على التعبير والتصرف ضمن حدود حريته الشخصية، و في احترام تام لحرية الآخرين و حقوقهم.
- تطوير آليات التفكير الإبداعي لدى المتعلم في إطار قواعد و آليات الحياة المدرسية.
- استثمار الخطأ باعتباره أساسا للمعرفة، و معالجته ضمن إطار علمي تعاقدي.
- تحقيق التنمية الذاتية : فالتعاقد يشجع التعلم الذاتي، مما يفجر القدرات و الطاقات الابداعية خلال مسار التعاقد و يساهم في بناء الثقة في النفس والشعور بالأمان.
- تحقيق التوافق الاجتماعي وتدريب المتعلمين على التعايش وحل المشكلات عن طريق آليات الحوار و الاقناع.
4 - تطبيقات بيداغوجيا التعاقد:
عند تطبيق بيداغوجيا التعاقد، ينبغي مراعاة التوافق و التراضي حول البنود، و استحضار القوانين المؤطرة والمناهج والمقرَّرات والتوجُّهات الرَّسمية، و التحلي بقدر كبير من الإبداع و الابتكار و التطوير. توظف بيداغوجيا التعاقد لحل المشكلات الصفية التي تمس مجالين رئيسيين من مجالات الحياة المدرسية: مجال صعوبات التعلم و مجال السلوك.
إعداد : الحسين أوباري