خاطب القلبُ العقلَ فقـال

يا أبا الحكم سَلام ...
ماذا أقول لهمِّـك والنبضُ كـلام.
توقِـد فـيَ نـار الحُـرقـة... 
فأظل كرمـاد ينثـره غـلام... 
أمقـدّر أن تكون أنت الحُـر في برزخِك...
 وأنا العبـد، فأكـتم سرّك فـي ظـلام؟

ردّ عليه العقل فقـال:
ما هذا الضّيـم يا أبـا الغَـزل.
أمُذنِب من يحمـي أمواج شوقِـك من المَلـل؟
كيف تعاتبني، ولم تنـل يوما شرف عِلم الجـدل !؟
أنا لا أدري إن غاظـك أمْـري... أم أحزنك الطّلـل !
لكن، أبدا لن أركب معك فلـك الروح ...
 ما عدا زورق عُمري رصّعتُـه أنا بالأمل.

كانت العين ترقب كل هذا بصمت وهدوء، نطقت 
والدمع ينزل منها كقـطع زجاج تكسر ... وقـالت:
انطفأت منارة الرّشاد ...
واشتعلت رحلات الفتـن ...
فاحـترقت أشرعة الأفـق ...
لكنّني أنا الرّقيب... والنور عندي حيـاة...
لن أغمض جَفـني، حتى يعلـو الحـق فوق المنـبـر...
 فيعلم الكل، من هو أبُـو الحوت ومن هو جدُّ العـنبـر...

             .....................

    بقلم: سعيد أولاد الصغير (المغرب، 1916)