عندما سئل ألبرت أينشتاين، عالم الفيزياء الشهير، كيف توصل إلى اكتشافاته العظيمة؛ أجاب: «لم أكن قد فقدت بعد مرح الطفولة وطبيعة تساؤلاتها، كذلك لم أكن قد فقدت رهبتها وروعتها عند رؤية الأشياء الغريبة».
«مرح الطفولة» الذي احتفظ به أينشتاين قد يسعفنا في فهم واحدة من أشهر صوره التي ظلت متداولة حتى اليوم، ولا يظهر الرجل فيها بهيئة العالم الجاد، وربما المتجهم بعض الشيء، أو الصارم، كما نتوقع لعالم بأهميته، وإنما على العكس من ذلك تماماً، يظهر أينشتاين، في الصورة، ماداً لسانه الخارج من بين شفتيه، فيما تعابير المرح والشقاوة وخفة الظل ظاهرة على وجهه.
لهذه الصورة التي تعود للعام 1951 حكاية، حيث كان أينشتاين بين زملائه في معهد دراسات تابع لجامعة برينستون الأمريكية في نيوجرسي، يحتفلون بعيد ميلاده في الرابع عشر من شهر مارس/ آذار، وكما هي الحال مع المشاهير، منذ ذلك الوقت، كان رجال الصحافة ينتظرون خارج المبنى مغادرة أينشتاين المكان ليقتنصوا له صوراً، أو ينتزعوا من لسانه كلمة أو تصريحاً، بمناسبة بلوغه الحادية والسبعين.
عرف عن أينشتاين مقته للظهور الإعلامي، وكان يضيق ذرعاً بملاحقة الصحفيين له، لكنه ما إن أصبح في السيارة محاطاً بزوجته ومدير المعهد الذي يعمل فيه، حتى تدافع نحوه الصحفيون، وكان يقول لهم بتذمر: «يكفي كل هذا»، عندما خاطبه أحدهم: «ابتسم رجاء. أريد أن ألتقط صورة لك».
وهذا ما كان.. لم يكتف أينشتاين بأن ابتسم، وإنما أخرج لسانه، مستعيدأً «مرح الطفولة»، ومظهراً روحه الساخرة، وفي تلك اللحظة ضغط الصحفي على زر كاميرته، لتصبح الصورة على صدر جرائد اليوم التالي. والمدهش أن ما جعل هذه الصورة باقية هو أينشتاين نفسه، فبعد أن رآها منشورة طلبها من المصور، وقام بتقطيعها ليظهر وحده فيها ماداً لسانه، من دون مدير المعهد وزوجته مارين، اللذين كانا ظاهرين في الصورة الأصل.
حسب موقع «دي. دبليو»، فإن أينشتاين قال لصديقته، يوحنا فانتوفا، ممازحاً «لساني الممدود في الصورة يكشف عن موقفي من السياسة العالمية». والشيء بالشيء يذكر، فأينشتاين أحد أصحاب العقول الكبيرة الذين كانوا ممتعضين من سياسة ملاحقة الفنانين والمثقفين والأدباء التي اتبعها الجنرال مكارثي، والتي عرفت بالمكارثية نسبة إلى اسمه.
أينشتاين الجامع بين الطفولة والحكمة، بين العقل المتقد والجنون والمشاكسة، ما جعل منه أعظم عقل في القرن العشرين، هو نفسه القائل: «لا يمكن التغلب على حكم الأغبياء، لأنهم كثيرون جداً».
بقلم: حسن مدن