استعمال الهواتف الذكية أو الشاشات الذكية في سن مبكرة وخصوصا عند الاطفال، بشكل عام، له الكثير من الآثار و التبعات على الصحة العقلية للطفل كما هو مثبث بمجموعة من الدراسات الجدية ذات الطابع الأكاديمي، ولا زالت الابحات على قدم وساق في أرقى المؤسسات البحثية في العالم للحد من خطورة هذا الأمر.
  في دراسة على أطفال من سنتين إلى 17 سنة الذين يقضون ما يقارب من ست ساعات امام الشاشات الذكية يرتفع عندهم احتمال ظهور مجموعة من الأعراض المشابهة لبعض الاضطرابات الذهنية دات الطابع المعرفي والاجتماعي. الشيء الذي دفع ببعض الجهات الحكومية في الدول الغربية كوزارة الصحة الفرنسية إلى أخد موقف جاد لحد منع استخدام الهواتف الذكية أو اللوحات الإلكترونية للاأطفال أقل من 3 سنوات.
وتم كدلك ملاحظة أن دماغ الطفل يتاثر بدوره بالاستخدام المفرط للشاشات الدكية، وذلك باستخدام أجهزة قياس دقيقة لنشاط الدماغ عند مجموعة من الاأطفال، مما دفع ببعض المتخصصين إلى القول بوجود أعراض تدهور معرفي بنفس السيرورات الملاحظة في الشيخيخة المعرفية.
  وفي ما يلي سنستعرض مجموعة من الوظائف المتضررة عند الاطفال المفرطين في اشتخدام الهواتف الذكية وسنكشف في ما بعد على مجموعة من الطرق الوقائية الواجب اتباعها حفاظا على صحة أطفالنا.
* اظطرابات النوم :
  أشارت دراسة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إلى ظهور مجموعة من أعراض اضطرابات النوم عند الأطفال الذين ينامون مباشرة بعد استخدام الهاتف أو اللوحة الذكية، حيث إن الضوء الناتج عن الشاشات الذكية يحفز مئة مرة أكثر المستقبلات الحسية لشبكية العين مقارنة بالضوء الابيض الناتج عن المصباح مثلا، وكذلك فالتعرض للضوء الأزرق الناتج عن هذه الشاشات فبل النوم يؤثر مباشرة على مستويات الميلاتونين في الذماغ، الأمر الذي يؤخر ويؤثر بشكل سلبى على السيرورة العادية للنوم.
* تأخر النطق:
في دراسة سنة 2017 في جامعة تورونتو من طرف (كاثرين بريكن)، فيها ما يقارب من 900 طفل تتراوح أعمارهم بين ست أشهر وسنتين، حيث طلب من أولياء أمورهم الإبلاغ عن متوسط الوقت الذي يقضيه أطفالهم أمام الشاشات الذكية، ثمّ قام الباحثون في ما بعد بتقييم التطور اللغوي للمتطوعين الصغار باستخدام مقاييس سيكومترية دقيقة وخلصوا إلى أن في كل 30 دقيقة تقريبا أمام الشاشة 49% من الأطفال يرتفع عندهم خطر تأخر التعبيرات اللفظية. وأرجعوا السبب وراء تأخر النطق إلى قلة التواصل مع أفراد العائلة، الذي يعتبر بدوره من أهم عوامل تطور مهارة وسرعة النطق عند الاطفال.
* اضطراب ضعف الانتباه وفرط الحركة:
  إن اضطراب ضعف الإنتباه وفرط الحركة  هو حالة وراثية وفقا للمستجدات العلمية في هذا المجال، بالتالي لا يمكن القول بأن استعمال الهاتف الدكي يؤدي بشكل مباشر إلى الإصابة بهذا الاضطراب.
 بالنسبة للأطفال صغار السن يمكن أن تظهر لديهم أعراض مشابهة، الأمر الذي يرجع إلى ارتفاع الكلفة المعرفية والانتباهية للطفل الذي يقضي وقتا أطول نسبيا أمام الشاشات الذكية، الشيء الذي يضعف قدرة الانتباه الانتقائي لديه وخصوصا في الوضعية التعلمية. وكذلك الوقت المرتفع  الذي يكون فيه الطفل قليل الأنشطة الحركية مقارنة بأطفال من نفس عمره.
* المظاهر السلوكية:
 تظهر مجموعة من التغيرات السلوكية للأطفال المفرطين في استخدام الشاشات الذكية فهم يكونون عرضة بشكل غير إرادي إلى استقبال محتويات غير مناسبة وغير قابلة في سنهم للمعالجة المعرفية بالطريقة السليمة كالإحاءات الجنسية والسلوكيات العنيفة مظاهر العلاقات الاجتماعية المتطرفة...
* على المستوى الاجتماعي:
 نشير إلى أن هناك مجموعة من الدراسات ذات النتائج المتضاربة بشأن ما إذا كان قضاء الوقت أمام الشاشات الذكية يؤثر سلبا على نمو المهارات الاجتماعية لدى الطفل. إلا أنه يمكنني التأكيد أن قضاء وقت أكبر أمام الأجهزة الذكية يعني قضاء وقت أقل في التفاعل مع المحيط من العائلة إلى الأصدقاء، الشيء الذي يؤثر ولو بشكل مباشر على المعرفية الاجتماعية للطفل وقدرته على معالجة المثيرات الاجتماعية والقدرة على فهم الحالات الذهنية للآخر وكذلك معالجة الوضعيات الاجتماعية بشكل سليم.
* العزلة الاجتماعية:
نقصد بها هنا ذلك الانفصال عن المحيط الاجتماعي للطفل بشكل إرادي أو غير إرادي، وقضاء أغلب وقته مع نفسه  الشيئ الذي يمكن بمجموعة من الأسباب المختلفة منها العلاقة بين الأبوين والوضعية الأسرية وبعض تجارب الطفل المبكرة... وهنا يمكن اعتبار انعزال الطفل وارتباطه المفرط بشاشاته الإلكتروني حدثا عرضيا أكثر منه سببا.
وهنا يمكن تعريف الطفل على بعض نماذج التفاعل الاجتماعي الإيجابية التي من خلالها يتعرف الطفل على سلوكيات الطفل المحبوب اجتماعيًا والسلوكيات السلبية التى تجعل الطفل غير مرغوب به، فمن المعروف أن تعرف الطفل أو رؤيته لنماذج أو أمثلة لما تعليمه هو واحدة من وسائل التعليم الناجحة.
* نصائح للآباء و المعايير الواجب اتخاذها للاستعمال الايجابي للهاتف:
  1. - ضرورة الابتعاد عن استخدام الهواتف الذكية  للأطفال أقل من عمر 18 شهراً وبالنسبة للأطفال من عمر 18 شهراً وحتى عامين يجب على الآباء الذين يريدون أن يستخدموا الجوال في تعليم أطفالهم أن يتم استخدام برامج عالية الجودة.
  2. - الأطفال من عمر عامين وحتى 5 أعوام. يجب ألا يزيد وقت استخدام الشاشات الذكية على ساعة واحدة طوال اليوم، كما يجب أن يشاهد الآباء البرامج والألعاب نفسها لتوضيح ما يراه الأطفال لهم وتعليمهم كما يجب أن تكون البرامج عالية الجودة أيضاً.
  3. - الأطفال أكثر من 6 أعوام. يجب أن يلاحظ الآباء نوعية البرامج والألعاب التي يلعبها الطفل دون تدخل مباشر منهم، كما يجب أن يكون هناك وقت كافٍ للرياضة والنوم وقضاء أوقات مع الأسرة بعيداً عن استخدام الجوال.
  4. - يجب ألا يكون الجوال في غرفة نوم الأطفال أو المراهقين لتجنب مخاطره الصحية.
   وكذلك بالنسبة للآباء وجب عليهم الحرص على برمجة فترة قصيرة في اليوم، يدخولون فيعا في تواصل مباشر مع أطفالهم والمداومة على هذه العادة.
بقلم: نصيري حمزة (بتصرف)