مقدمة

  يواجه المعلم بعض الصعوبات أثناء ممارسته عملية التعليم الصفي ، وتشكل هذه الصعوبات مشكلات عامة يواجهها المعلمون كافة بصرف النظر عن خبرته وعدد سنوات خدمته ، ونوع المادة التي يقوم بتدريسها .
 
ومما يزيد من حدة هذه المشكلات التقدم التقني السريع والمستمر والثروة المعرفية الهائلة في مختلف التخصصات، الأمر الذي يفرض على المعلم ضرورة مواجهة هذه المشكلات وإيجاد الحلول لها .
ويعتبر علم النفس التربوي من المواد الأساسية اللازمة لتدريب المعلمين ، لأنه يزودهم بالأسس والمبادئ النفسية الصحيحة التي تتناول طبيعة التعلم المدرسي لكي يصبحوا أكثر قدرة ومرونة في مواجهة مشكلات العمل المدرسي ، ولكن ماذا يفعل المعلم في حالة غياب مثل هذه المبادئ ؟
في حالة غياب هذه المبادئ السيكولوجية سوف يلجأ المعلم إلى إتباع أحد البدائل الثلاثة التالية :

الاعتماد على القواعد التربوية التقليدية ، أو تقليد معلميه القدامى وزملائه ذوي الخبرة، أو قد يقوم بعمليات المحاولة والخطأ وذلك للوقوف على المبادئ التي تحكم عملية التعلم المدرسي .
 *
بالنسبة لاتباع القواعد التربوية التقليدية : فإن هذه القواعد لا تكون صحيحة على الدوام ، وفي معظم الأحوال وتحت كل الظروف والشروط ، وإنما يفترض أنها تتغير من جيل إلى جيل بتغير الشروط التربوية وتغير الأهداف التعليمية . ولذلك فالمعلم في حاجة إلى المبادئ السيكولوجية الصحيحة التي يزوده بها علم النفس التربوي عوضاً عن التطبيق الأعمى لقاعدة تربوية تقليدية واحدة.

 * أما اللجوء إلى تقليد معلم قديم أو زميل خبير : فقد ينطوي على نوع من الحكمة، ويؤدي إلى الاطمئنان والاستقرار وبخاصة عند المعلم حديث العهد بمهنة التعليم، أو غير المؤهل تربوياً، إلا أن أسلوب التقليد يستلزم وجود نموذج جيد ، وإلا أصبحت عملية التقليد عائقاً يحول دون التقدم المهني للمعلم ، ومهما كان النموذج جيداً فما زال خطر التقليد الأعمى لهذا النموذج قائماً، ولن يكون النموذج بديلاً عن المبادئ السيكولوجية السليمة التي يزوده بها علم النفس التربوي عند مواجهة مشكلات التعلم .

 * البديل الثالث هو اللجوء إلى أسلوب المحاولة والخطأ : وهذا الأسلوب يعتبر عملاً عشوائياً وضياع للوقت والجهد دون أية فائدة مرجوة، وذلك لأن المبادئ السيكولوجية الصادقة تستبعد كافة المحاولات التي لا تستحق الاختبار ، لعدم اتفاقها أصلاً مع المبادئ النفسية التي أكدت البحوث صدقها .
أهداف علم النفس التربوي :
يسعى علم النفس التربوي إلى تحقيق هدفين أساسيين :
 ♦ الأول :توليد المعرفة الخاصة بالتعلم وتنظيمها على نحو منهجي بحيث تتضمن نظريات ومبادئ ومعلومات ذات صلة بالطلاب والتعلم ، وهو هدف نظري يعتمد على عدد من مناهج البحث مثل الملاحظة والضبط والتجريبي .
 ♦ الثاني :هو صياغة المعلومات بصورة تسهل استخدامها وتطبيقها وهو هدف تطبيقي، وهنا يعمل علماء النفس التربوي على تطبيق ما يصلون إليه من معارف ونظريات ومبادئ في المواقف التعليمية المختلفة، وتعديل هذه المعارف في ضوء ما تسفر عنه نتائج التطبيق .
وبهذين الهدفين لعلم النفس التربوي، يتم تجاوز مشكلة سد الثغرة بين النظرية والتطبيق، فعلم النفس التربوي لا هو علم نظري بحت  ولا هو تطبيقي محض ، بل يحتل مركزاً وسطاً بينهما، مع الإشارة إلى أن علم النفس التربوي قد استفاد من فروع علم النفس الأخرى مثل علم النفس النمو، علم النفس التجريبي، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفس الكلينيكي .
المشكلات التي يواجهها المعلم :
 
يواجه المعلم عادة عدداً من المشكلات التي ترتبط بالعملية التعليمية ـ التعلمية تؤثر في أدائه المهني، ويمكن تصنيف هذه المشكلات في خمس فئات أساسية هي :
- 1
  المشكلات المتعلقة بالأهداف :
يجب على المعلم أن يبدأ نشاطه التعليمي بتحديد ماذا يريد أن يتم إنجازه ؟ أي الأهداف التي يتوقع من الطلاب إنجازها ، وهنا سيواجه مشكلة اختيار الأهداف وصياغتها ، وطرق تزويد طلابه بها .

2 - المشكلات المتعلقة بخصائص الطلاب :
يختلف الطلاب عادة في كثير من الخصائص الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية وهذا الاختلاف يفرض على المعلم مواجهة مشكلات التنوع في قدرات الطلاب واستعداداتهم ونقاط القوة والضعف لديهم ، وذلك لتحديد مدى قدرتهم على إنجاز الأهداف التعليمية المرغوبة .

 3 - لمشكلات المتعلقة بالتعلم :
 
سوف يواجه المعلم مشكلة اختيار مبادئ التعلم التي تتفق مع طبيعة المواقف التعليمية ـ التعلمية التي تفرضها عليه شروط النشاط التعليمي الذي يقوم به والسبب في ذلك تنوع وتعدد أنواع السلوك التي يمارسها الطلاب .
 - 4  
المشكلات المتعلقة بالتدريس :
 
تختلف طرق التدريس باختلاف المواد الدراسية وخصائص الطلاب، ويواجه المعلم مشكلة اختيار طريقة التدريس والوسائل التعليمية الأكثر فعالية، فهل يستخدم مثلاً طريقة المحاضرة أم المناقشة ؟ أم غير ذلك من الطرق ؟ وهل يستخدم لوحات إيضاحية أم فيلماً تليفزيونياً .. ؟ 
 - 5  
المشكلات المتعلقة بالتقويم :
 
عملية التقويم تمكن المعلم من معرفة ما تحقق من تقدم في مجال انجاز الأهداف التعليمية، وهي النشاط التعليمي الأخير، والمشكلة هنا إعداد الاختبار وتطوير الإجراءات التي تساعد على معرفة هذا التقدم .
وبتأمل المشكلات السابقة التي تواجه المعلم في عمله نرى أنها تعكس المجالات الأساسية التي يهتم بها علماء النفس التربوي، كما أنها تمثل المكونات الأساسية لعملية التعلم والتعليم التي تحظى باهتمام الباحثين في مجال علم النفس التربوي .
موضوع علم النفس التربوي :
يصعب تحديد موضوع علم النفس التربوي بدقة تامة وذلك بسبب تباين الباحثين وتباين وجهة نظرهم ، وتباين موضوعات علم النفس التربوي ، والمشكلات الناتجة عن العملية التعليمية وتنوعها، وقد مرت عملية تحديد موضوعات علم النفس التربوي بنوع من التطور يمكن تلخيصها على النحو التالي :
*   
في الثلاثينيات من هذا القرن : اتجه علماء النفس التربوي إلى الاهتمام بموضوعات مثل سيكولوجية التعلم والمواد الدراسية مثل القراءة والحساب ، ثم امتد هذا الاهتمام إلى بعض المفاهيم مثل الصحة النفسية والعلاج النفسي.

*   في الخمسينات : اتجه الاهتمام إلى موضوعات التعلم، دون الخوض في ما يتعلق بسيكولوجية المواد الدراسية التي تركت للمختصين .
*   
في عام 1980 م يروي فؤاد أبو حطب وآمال صادق أهم الموضوعات التي اشتملت عليها كتب علم النفس التربوي من خلال مراجعة النتائج التي توصل إليها " بل " وتبين أن أكثر هذه الموضوعات تواتراً هي :

 - 1   النمو الجسمي ، الانفعالي ، المعرفي ، الاجتماعي ، والخلقي .
 - 2   التعلم ونظرياته ، وطرق قياسه والعوامل المؤثرة فيه .
 - 3   انتقال أثر التعلم ، والاستعدادات ، طرق التدريس وتنظيم المواقف التعليمية .
 - 4   الذكاء والقدرات العقلية وسمات الشخصية وقياسها .
 - 5   التحصيل وأسس بناء الاختبارات التحصيلية والنفسية والتربوية .
 - 6   التفاعل الاجتماعي بين الطلاب وبين الطلاب والمعلمين .
 - 7   الصحة النفسية والتكيف الاجتماعي والمدرسي .
 
وبالطبع فإن كل موضوع من الموضوعات السابقة يحتوي على عدد كبير من الموضوعات الفرعية ، والتي قد تنتمي بدورها إلى فروع أخرى لعلم النفس، الأمر الذي حال دون تحقيق رؤية واضحة ودقيقة لموضوع علم النفس التربوي.
*   
أما أوزوبل Ausubel فيلخص أهم موضوعات علم النفس التربوي فيما يلي :

 - 1    الجوانب المؤثرة في عملية التعلم والمؤثرة في اكتساب المعلومات والاحتفاظ بها .
 - 2    التحسن الطويل المدى للتعلم، والقدرة على حل المشكلات .
 - 3    دراسة الخصائص الشخصية والمعرفية للمتعلم الأكثر ارتباطاً بعملية التعلم ودافعية المتعلم
 - 4    معرفة أكثر الطرق كفاءة في تنظيم المواد التعليمية، وتقويمها .

ويتضح منها مدى ارتباط موضوعات علم النفس التربوي بالعملية التعليمية ـ التعلمية ، وهو تصور واضح إلا إنه لا يعطى تصوراً متكاملاً للمكونات الأساسية لهذه العملية يكشف عن تفاعل هذه المكونات مع بعضها ولهذا السبب ظهر مفهوم " المنظومة " أو " النموذج " ليبرز هذا التكامل والتفاعل وذلك بهدف تحديد أدق لموضوع علم النفس التربوي .
 
ويشير مفهوم المنظومة أو النموذج إلى مجموعة من العلاقات المنظمة والمتفاعلة فيما بينها بشكل مترابط يكون كلاً موحداً ومتكاملاً .
والاعتماد على تحديد موضوعات علم النفس التربوي على أساس فكرة المنظومة أكثر دقة ، حيث وضع جودين و كلوزماير هذه المنظومة لتفي بهذا الغرض .
منظومة العملية التعليمية ـ التعلمية عند جودوين و كلوزماير:

   وهذه المنظومة تؤدي عدداً من الأهداف الهامة منها ما يلي :
 - 1   تحديد المكونات الأساسية لموضوعات علم النفس التربوي وهي : الأهداف ومدخلات الطلاب وعمليات التعلم ، والتقويم .
 - 2   تبين مدى تداخل وتفاعل هذه المكونات فيما بينها .
 - 3   تكشف عن العملية العقلية التي يتناول بها علم النفس التربوي موضوعاته مبتدئاً بتحديد الأهداف ومنتهياً بتقويم هذه الأهداف .
 - 4   توفر للمعلم أسلوب منظم يساعده على إدراك المفاهيم والمكونات الأساسية لعملية التعلم .
وفيما يلي مناقشة لكل من المكونات الأربعة التي تشتمل عليها المنظومة والتي تمثل الموضوع الرئيس لعلم النفس التربوي.

 1 -  الأهداف التعليمية :
 
من المفترض ألا يبدأ المعلم إلا بعد تحديده للأهداف التي يرمي إلى تحقيقها أي يحدد مسبقاً التغييرات التي يسعى إلى إحداثها في طلابه، وعلم النفس التربوي يساعد المعلم في عملية وضع الأهداف من حيث مصطلحاتها وطرق صياغتها، وأنواعها، وطرق تصنيفها وتقويمها .
  -  2 
مدخلات الطلاب :
 
يجب على المعلم أن يتعرف على خصائص طلابه المعرفية والوجدانية والشخصية ، وكذا المستوى الاقتصادي والاجتماعي ، ومستوى الدافعية والتحصيل ، والميول والاتجاهات ، وغير ذلك . وعلم النفس التربوي بما يملكه من أدوات يساعد المعلم على التعرف على هذه الجوانب . ولاشك أن اختيار الأهداف لا ينفصل عن مدخلات الطلاب ، ويؤكد ذلك السهم المتجه من الخطوة الثانية إلى الخطوة الأولى في المنظومة التعليمية   .  
  - 3  
تخطيط النشاط التعليمي وتنفيذه :
 
يمثل ذلك المكون الثالث للمنظومة التعليمية ـ التعلمية ويتمثل في أنه يجب على المعلم أن يكون قادراً على اختيار أسلوب التعليم المناسب للمادة الدراسية ولقدرات الطلاب وخصائصهم حيث يقوم علم النفس التربوي بمساعدة المعلم على اختيار أكثر أساليب التعلم فعالية في تحقيق الأهداف التعليمية مما يسهل العملية التعليمية بالنسبة للمعلم والطالب على حد سواء .
 
  - 4 التقويم :
 
يمثل ذلك المكون الرابع والأخير من العملية التعليمية ـ التعلمية ، ويتناول معرفة مدى تقدم الطلاب من حيث تحقيق الأهداف ، أي معرفة المعلم لما طرأ على سلوك طلابه نتيجة التعلم. إلا أن هذا لايعني أن التقويم يرتبط بالأهداف فقط، بل ترتبط أيضاًَ بالمكونين الآخرين وهما: مدخلات الطلاب وتخطيط النشاط التعليمي وتنفيذه ( راجع المنظومة وما تتضمنه من أسهم ) لأن التقويم عملية مستمرة [ قبل التعليم ، وأثناء التعليم ،وبعد التعليم ]. ويساعد علم النفس التربوي في توفير صورة واضحة لدى المعلم تمكنه من القيام بعملية التقويم، ومعرفة أنواع التقويم المناسبة في المواقف التعليمية المختلفة وكذا أدوات القياس المختلفة التي تتلاءم مع هذه المواقف .
 
إن التعرف على طبيعة هذه العلاقات المتداخلة، يزود المعلم بالمعلومات الضرورية التي تساعده في أداء مهام عمله التعليمية على النحو الأفضل، كما تمكنه من إيجاد الحلول الملائمة لما قد يعترضه من مشكلات أثناء قيامه بعمله .
الأهداف التعليمية:
 
هدف العملية التعليمية ـ التعلمية إلى إحداث تغيير في سلوك المتعلم إما بإزالة هذا السلوك أو إكسابه أنماط سلوكية جديدة، حيث يكون التعليم فعالاً بقدر نجاحه في إحداث التغير المقبول والمرغوب فيه في سلوك المتعلم .
وما لم يقم المعلم بوضع أهداف واضحة ومحددة وإخبار طلابه بها فقد ينصب اهتمامه في اتجاه آخر يحقق أشياء وأمور أخرى غير تلك التي يقصدها ويهدف إليها، وبذلك يسيء المعلم توجيه جهود طلابه بدلاً من توجيهها نحو الأهداف المطلوبة .
*
دور الأهداف في العملية التعليمية ـ التعلمية :
 
وضع الأهداف يشكل الخطوة الضرورية الأولى في أية عملية تعليمية، وتعتبر الموجه الرئيس لكل من المعلم والمتعلم على حد سواء .
فعلى المعلم أن يعرف ماذا يريد من طلابه أن يتعلموا ، وكيف يجب أن يسلكوا بعد التعليم . وعلى المتعلم أن يعرف الأداء الذي يجب عليه القيام به بعد التعلم . وتتضح أهمية دور الأهداف في ثلاثة مجالات هامة هي : المنهج ، والتعليم ، والتقويم .
 ـ من حيث المنهج :فالأهداف تساعد القائمين على أمور التربية بوضع المناهج التي تحقق الغايات التربوية على النحو الأفضل . وما يطرأ على المجتمع من تغير يصاحبه بالضرورة تغير موازي في أهداف التربية، الأمر الذي يتطلب تعديل المناهج القائمة وتصميم مناهج جديدة تناسب تلك الأهداف ، وبذلك يتبين دور الأهداف كموجه لعملية وضع المناهج وتطويرها .
 ـ من حيث التعليم :تساعد الأهداف المعلم على اختيار الوسائل والطرق والإجراءات المتعلقة بتخطيط وتنفيذ العملية التعليمية ـ التعلمية وذلك يساعد بدوره في توجيه جهود كل من المعلم والمتعلم نحو جعل العملية التعليمية أكثر فعالية ونجاحاً وعدم بذل الكثير من الجهد والوقت في نشاطات لاتتطلبها العملية التعليمية .
 ـ من حيث التقويم :تساعد الأهداف على الوقوف على مدى فعالية التعليم ونجاحه في تحقيق التغير المطلوب في سلوك المتعلم، ومالم توضع الأهداف فلن يستطيع المعلم من القيام بعملية التقويم وبالتالي لن يتعرف على مصير الجهد الذي بذل في عملية التعليم، سواء كان هذا الجهد من جانب المعلم أو المتعلم أو من جانب السلطات التربوية الأخرى ذات العلاقة .
مستويات الأهداف.
يميز التربويون بين فئتين من الأهداف هما :

 - 1    فئة الأهداف التربوية :وتشير إلى الغايات القصوى للعملية التربوية وتهدف إلى التأثير في شخصية الفرد لجعله مواطناً صالحاً يتسم باتجاهات وقيم معينة .

-2    فئة الأهداف التعليمية :وتشير إلى الأغراض التي تهدف إليها العملية التعليمية ـ التعلمية ، والتي تتضح في عملية اكتساب الفرد أنماط سلوكية أدائية معينة من خلال المواد الدراسية وطرق التدريس التي تحدث من خلال المواقف المدرسية .
وتعتبر عملية تحويل الأهداف التربوية إلى أهداف تعليمية مهمة رئيسية من مهام علم النفس التربوي . فالأهداف التعليمية هي تحديدات سلوكية أو أدائية للأهداف التربوية ، فالفرق الحقيقي بين الأهداف التعليمية والأهداف التربوية يكمن في درجة العمومية والتخصيص التي تتصف بها هذه الأهداف، وبناءً على ما سبق يمكن تصنيف الأهداف إلى ثلاثة مستويات هي :

  . 1    المستوى العام للأهداف :

 في هذا المستوى تكون الأهداف شديدة العمومية والشمولية والتجريد ، وهي تصف المحصلة النهائية لعملية تربوية كاملة ، أو الأهداف الواسعة النطاق التي تهدف إليها مرحلة دراسية أو مراحل دراسي، ومن أمثلة هذه الأهداف :

  • تنمية القيم الدينية والخلقية .
  • تنمية المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب .
  • تنمية المواطنة عن طريق اكتساب المعلومات والمهارات والاتجاهات المرتبطة بقضايا الوطن والأمة .
  • تعلم الدور الاجتماعي المناسب لجنس التلميذ ( ذكر أو أنثى ( .
  • إعداد الفرد مهنياً بحيث يصلح لأداء عمل معين بعد التخرج .
    ويضع هذه الأهداف غالباً لجان أو هيئات وطنية تضم رجال الدين والعلم والفكر والسلطة والسياسة.

    - 2 المستوى المتوسط للأهداف :
 
وهو مستوى أقل عمومية وأكثر تخصيصاً من المستوى السابق حيث تتحدد فيه أنماط السلوك النهائي الذي يصدر عن التلاميذ الذين ينجحون في تعلم وحدة معينة من وحدات المقرر الدراسي ، أو مقرر كامل ، أو مجموعة من المقررات الدراسية ، وإذا أردنا تحويل الهدف العام السابق " تنمية المهارات الأساسية في القراءة والكتابة " إلى أهداف متوسطة ـ على سبيل المثال ـ فيمكن صياغتها على النحو التالي :
 •       
التعرف على الحروف الأبجدية وتسميتها .
 •       
كتابة عدد معين من الكلمات الواضحة المقروءة في وقت معين .
 •       
كتابة جملة أو فقرة قصيرة لا تزيد الأخطاء الإملائية عن عدد معين فيها .
 •       
قراءة وفهم بعض القصص التي تنشرها مجلات وكتب الأطفال .
ويضع هذه الأهداف بعض الهيئات والسلطات التربوية المسئولة عن وضع المناهج وتأليف الكتب الدراسية.

  - 3  المستوى المحدد ( الخاص ) للأهداف :
 
يشير هذا المستوى إلى الأهداف ذات الدرجة المرتفعة من التحديد والتخصيص . وهو مستوى تفصيلي كامل وتسمى بالأهداف السلوكية أو الأدائية وتهتم بوصف السلوك أو الأداء الذي يجب على المتعلم القيام به بعد الانتهاء من تدريس وحدة دراسية معينة ، وإذا أردنا تحويل أحد أهداف المستوى المتوسط السابق " التعرف على الحروف الأبجدية وتسميتها " إلى أهداف محددة ـ خاصة ـ على سبيل المثال ـ يمكن صياغتها على النحو التالي :
قدرة التلميذ على التمييز بين الحروف المتماثلة والتي يسهل الخلط بينها مثل الحروف ب ، ت ، ث ، والحرفين س ، ش و س ، ص والحروف ج ، ح ، خ ، والحرفين ف ، ق ، والحرفين ذ ، ز وهكذا ، ويضع المعلم هذه الأهداف وقد يساهم المدير أو الموجه والمشرف التربوي في صياغتها .
يهتم علم النفس التربوي بصفة خاصة بالأهداف السلوكية حيث تقع مسئولية إعدادها وصياغتها بالدرجة الأولى على عاتق المعلم .

الأهداف السلوكية:
 
تصاغ الأهداف السلوكية في صورة تعبير صريح أو في صورة مضمرة ، وفيما يلي أمثلة توضح أهدافاً سلوكية صريحة :
 •      
التعرف على الأجهزة الرئيسة في جسم الإنسان .
 •      
التمييز بين الفقاريات واللافقاريات .
 •      
تسمية الكواكب الرئيسية في النظام الشمسي .
وفيما يلي كذلك أمثلة توضح أهدافاً سلوكية مضمرة :
 •      
فهم شعر المتنبي
 •      
تذوق الفن الحديث .
 •      
تقدير إسهام الحضارة الإسلامية في المدنية الحديثة .
والفرق بين قائمتي الأهداف السابقتين هو المصدر اللغوي المستخدم، فالمصادر المستخدمة في القائمة الأولى من نوع : تعرف، تمييز، تسمية، وهذه جميعها أساليب أدائية يمكن ملاحظتها وقياسها وتقويمها. بينما مصادر القائمة الثانية من نوع: فهم، تذوق، تقدير وهي جميعها لا تخضع للملاحظة المباشرة لأنها تدل على حالات داخلية أو تكوينات فرضية لا يمكن ملاحظتها ملاحظة مباشرة. وبالطبع فإن الصياغة السلوكية الصريحة للأهداف أكثر وضوحاً من الصياغة السلوكية المضمرة رغم أن ّكلا النوعين له قيمته .

مكونات الأهداف السلوكية :
يرى ميجر Mager, 1975 أن الهدف السلوكي الناجح يتضمن مكونات ثلاثة أساسية هي :
  1
-السلوك أو ( الأداء ) الظاهري للمتعلم :
وتعتمد على التمييز بين السلوك الصريح والسلوك المضمر ـ الذي سبق الإشارة إليه ـ وبالتالي قد يكون الأداء النهائي من نوع ( تعرف ـ تمييز ـ تسمية ـ استدعاء ) سلوك صريح أو ( فهم ـ تذوق ـ تقدير ـ حكم ) سلوك مضمر .
إن عبارة سلوكية مثل " أن يدرك الطالب " أقل وضوحاً من عبارة مثل " أن يشرح الطالب " لأن كلمة مثل " يشرح " أكثر قدرة على تحديد السلوك الظاهري القابل للملاحظة والقياس من كلمة " يدرك "
 
 - 2 شروط الأداء : " وصف الظروف التي يتوقع حدوث الأداء فيها".

وتعني ضرورة وصف الظروف التي يتم فيها التعلم أو الأداء وذلك يتطلب تحديد ما إذا كان التعلم سيتم في ظروف القراءة أو الشرح أو الاطلاع على وسيلة تعليمية ، أو استخدام آلة أو جهاز أو أداة أو عرض مشكلة من نوع معين أو تقديم قائمة بحقائق أو تفاصيل ، وتحديد نوع الممارسة وطريقة التعلم وأساليب التعزيز .
  - 3   
مستوى الأداء المقبول : ( مستوى التمكن الذي يجب أن يصل إليه المتعلم).

يشير هذا المكون إلى مستوى التمكن الذي يجب أن يصل إليه الأداء ليصبح مقبولاً ، ويجب تحديد مستوى الأداء على نحو واضح ، كتحديد نسبة مئوية معينة من الدرجات أو الاستجابات الصحيحة كالقول " يجب على الطالب أن يحل سبع معادلات من عشر بشكل صحيح .(
وهكذا يصبح الهدف السلوكي أكثر وضوحاً وتحديداً ودقة وفعالية، وفيما يلي أمثلة لمجموعة من الأهداف السلوكية صيغت إجرائياً وتوافرت فيها الشروط الثلاثة السابقة :
  -
يستطيع التلميذ أن يميز جميع العضلات المخططة بعد إعطائه رسماً توضيحياً لعضلات الإنسان .
  - 
أن يكتب التلميذ خمسة جوانب للتشابه وأخرى للاختلاف بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي في مدة لا تزيد عن نصف ساعة بعد دراسة خصائص النظامين .
  - 
أن يستدعي التلميذ معادلة حساب معامل ارتباط الرتب دون أن يعطي أي مذكرات دون خطأ واحد
نشاط تدريبي ( ورشة عمل(
 
تشكيل مجموعات تضع ما تشاء من أهداف تربوية في صورة سلوكية إجرائية يشترط أن تتوافر فيها الشروط الثلاثة السابقة ، ولعل مما يحسن مهارتك أن تعرف كلمات الفعل المستخدمة في كتابة الأهداف السلوكية .
 
الأفعال التالية تتدرج من القابلية للملاحظة والقياس إلى عدم القابلية للملاحظة والقياس .
يضع علامة ، يضع دائرة ، يقرأ شفوياً ، يرسم ، ينظم ، يختار ، يجمع ، يلخص ، يعين ، يطبق ، يكتشف ، يتعلم ، يقدر ، يفهم .

تصنيف الأهداف التعليمية:

  يحاول المعلم إكساب طلابه مجموعة من أنماط السلوك المتنوعة فقد يرغب في تحقيق بعض الأهداف في الجوانب التالية :
  •
بعض المهارات الحركية : مثل الجري والقفز والقص والكتابة والرسم ...
 • 
بعض النواحي الانفعالية : مثل ميولهم واتجاهاتهم وقيمهم ومشاعرهم وانفعالاتهم ...
 •
بعض النواحي المعرفية : مثل أساليب التفكير وحل المشكلات وطرق التفكير الابتكاري واكتساب المفاهيم ...
ولذا ظهرت أهمية تصنيف الأهداف في فئات سلوكية تحدد نوعية السلوك المراد إكسابه للمتعلم أو ما يترتب عليه أداؤه بعد التعلم .
ـ تساعد عملية تصنيف الأهداف على تحديد أفضل الشروط التعلمية لأن كل مهمة تعليمية ترتبط بشروط معينة . فشروط تعلم التفكير ألابتكاري تختلف عن شروط تعلم المفاهيم أو عن شروط اكتساب بعض المهارات ، ولهذا اهتم عدد من المتخصصين في مجال القياس النفسي والتربوي بتصنيف الأهداف في ثلاثة ميادين مختلفة تناول معظم أنماط السلوك التي يمكن أن تتضمنها العملية التعليمية ـ التعلمية بهدف تغييرها أو التأثير فيها .
وهذه التصنيفات أبرزها فيما يلي

 - 1  تصنيف بلوم وزملائه في الميدان العقلي المعرفي عام 1956م ويهتم بالأهداف المعرفية مثل التفكير والإدراك والاستدلال.

 - 2  تصنيف كراثوهل في الميدان الوجداني الانفعالي عام 1964م ويهتم بالأهداف الانفعالية الوجدانية مثل الانفعالات والعواطف والاتجاهات والقيم والميول ...الخ
 - 3  
تصنيف كيللر وآخرون في الميدان النفسي ـ الحركي عام 1970م ويهتم بالأهداف المهارية الحركية مثل الكتابة والرسم واستخدام الآلة الكاتبة ... الخ
  4 - إلا أنه تجدر الإشارة إلى تداخل وتكامل الأنواع المختلفة من الأهداف في المجالات الثلاثة ، لأنها تعكس أنماط السلوك الإنساني في وحدته وكليته . حيث يتداخل التفكير والانفعال والنشاط الحركي في الموقف الواحد ، إلا أن التركيز على السلوك المرغوب إجراء تغيير فيه في ميدان واحد من الميادين أثناء الموقف التعليمي، يوفر جهداً كبيراً وذو فائدة قيمة في تسهيل عملية التعلم بالنسبة لكل من المعلم والمتعلم على حد سواء .

تصنيف الأهداف في المجال العقلي ـ المعرفي:

 
اشتمل هذا التصنيف على ستة مستويات ، مرتبة ترتيباً هرمياً وترتبط بمختلف العمليات المعرفية المتطلبة في العملية التعليمية ـ التعلمية ويشير الشكل الآتي إلى هذا التصنيف.
يتضح من الشكل الهرمي ، أن تصنيف بلوم يتضمن فئتين أساسيتين هما : فئة المعرفة ، وفئة القدرات أو المهارات العقلية (الفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم) ويسمى النوع الأول : أهداف الذاكرة بينما يسمى النوع الثاني أهداف التفكير.
والطبيعة الهرمية لهذا التصنيف تشير إلى طبيعة سيكولوجية التفكيرالإنساني والذي يبدأ من البسيط إلى المركب أو الأكثر تعقيداً .
يشير التصنيف كذلك إلى اعتماد كل مستوى من هذه المستويات علىالمستويات السابقة وبذلك يمثل التقويم أعقد المهارات والقدرات العقلية في هذا التصنيف أي أنه يجب تعليم الأهداف في المستويات الأولى قبل الأهداف في المستويات الأعلى، وفيما يلي مناقشة مستويات هذا التصنيف كلاً على حده .

أولاً : أهداف الذاكرة :
ويقصد بالمعرفة العمليات النفسية المعرفية الخاصة بالذاكرة وتنقسم هذه الفئة إلى الفئات الفرعية الآتية :

- 1 ذاكرة التفاصيل النوعية أو الخاصة : ويقصد بها استدعاء المعلومات في صورة فرعية ومنفصلة ، وتنقسم هذه الفئة بدورها إلى ما يأتي :
    أ‌) ذاكرة الرموز والمصطلحات الخاصة بالمادة الدراسية .
  ب‌) ذاكرة الحقائق النوعية ( المعلومات التفصيلية .(

 2- ذاكرة الطرق والوسائل : وتعني طرق جمع هذه المعلومات وتنظيمها وتنقسم إلى ما يأتي :
    
أ‌) ذاكرة التقاليد الشائعة في المادة الدراسية .
   
ب‌) ذاكرة العلاقات والعمليات والآثار ( أو النتائج .(
   
ت‌) ذاكرة فئات التصنيف التي تنقسم إليها الظواهر التي تتناولها المادة الدراسية .
   
ث‌) ذاكرة المحكات التي تستخدم للحكم على صحة الآراء أو المبادئ أو الحقائق التي تحتويها المادة
   
ج‌) ذاكرة مناهج البحث والدراسة في ميدان معين .
 -3
ذاكرة العموميات والتجريديات : ويقصد بها معرفة الأفكار الرئيسية التي يتناولها ميدان معين وتنقسم هذه الفئة إلى :
     
أ‌) ذاكرة المبادئ والتعميمات والقوانين في المادة الدراسية .
   
ب‌) ذاكرة النظريات.
ثانياً : أهداف التفكير :
وهي الفئة التي يسميها بلوم القدرات والمهارات العقلية ، وتنقسم إلى خمس فئات رئيسية ينقسم كل منها بدوره إلى عدد من الفئات الفرعية كما يلي :
1
الفهم :من أكثر الفئات شيوعاً في التربية ، ويعني قدرة المتعلم على استخدام الأفكار الرئيسية في المعلومات التي تعرض عليه ، وتنقسم هذه الفئة إلى ثلاث فئات فرعية هي :

   أ‌) التحويل أو الترجمة : وتعني الدقة في تحويل معلومات معينة من صيغة لأخرى وتستند الدقة على أنه إلى أي حد تم الاحتفاظ بالأفكار الرئيسة عند القيام بعملية الترجمة أو التحويل ، وتنقسم الترجمة بدورها إلى ثلاث فئات هي :
  -        
الترجمة من أحد مستويات التجريد إلى مستوى آخر .
  -        
الترجمة من صورة رمزية إلى صورة أخرى .
  -        
الترجمة من صورة لفظية إلى صورة أخرى .
 
ب(التفسير : ويقصد به القدرة على شرح أو تلخيص المعلومات ، وهذا يتطلب التعرف على الأفكار الرئيسية والتمييز بينها وبين الأفكار الثانوية ، مثل إعادة صياغة قطعة أدبية بلغة المتعلم الخاصة
   
ح‌) الاستكمال : ويقصد به التعميم الذي يتضمن الوصول إلى توقعات أو تنبؤات تعتمد على فهم الاتجاهات التي يضعها المحتوى كالتنبؤ بالآثار الناجمة عن تلوث البيئة ، أوتكاثر السكان أو البطالة .
 - 2
التطبيق :ويقصد به استخدام الأفكار العامة ، والمبادئ والنظريات في مواقف جديدة ، ولا بد من توافر شرطين في الموقف هما الجدة وعدم المألوفية ، وطبيعة المشكلة . مثل استخدام حساب المثلثات لمعرفة طول المئذنة ، أو استخدام مقياس الضغط للتنبؤ بالطقس .
 -3
التحليل :وهو عملية تجزئة المادة المتعلمة إلى عناصرها أو اجزائها الأولية المكونة لها ، وذلك لبيان طبيعة هذه المادة وأسس تكوينها ، وتنقسم هذه الفئة إلى ثلاثة جوانب هي :

 -    تحليل العناصر :وتعني القدرة على الفروض والإجراءات والنتائج لبحث علمي ، أو القدرة على التمييز بين الحقائق ووجهات النظر .
 -   تحليل العلاقات :وتعني القدرة على تحديد العلاقات والروابط الأساسية بين أجزاء المادة ، كالعلاقة بين الفروض والنتائج أو مثلاً العلاقة بين السلوك والدافع .
  
-  تحليل المبادئ :وهو أعقد مستويات التحليل وهو عملية تحليل الأسس والمفاهيم والمبادئ التي تجعل المادة بنية كلية منتظمة مثل تحليل أسس التعليم الفعال أو تحليل مبادئ استثارة دافعية الطلاب .

  - 4التركيب : ويقصد به التوليف بين العناصر والأجزاء بحيث تشكل بنية كلية جديدة لم تكن موجودة من قبل ، ويؤكد هذا المستوى على الإنتاج الابتكاري للمتعلم ، وينقسم إلى ثلاث فئات فرعية هي :

  أ ‌- إنتاج محتوى فريد : ويعني إنتاج الأفكار ونقلها للآخرين مثل كتابة قصة أو قطعة من النثر أو الشعر .
 ب‌--إنتاج خطة عمل أو مشروع : وهو إنتاج خطة أو مشروع تتضمن تفاصيل تنفيذ عمل أو واجب معين مثل وضع خطة بحث أو اقتراح مشروع رحلة أو وضع خطة لإدارة ميزانية المدرسة ..
 ت‌- إنتاج العلاقات المجردة : وهو عملية استنباط بعض العلاقات المجردة الجديدة ، والتي تؤدي حلولاً جديدة للمشكلات مثل استنتاج عملية التقسيم من عملية الجمع ، أو اكتشاف مساحة متوازي الأضلاع من مساحة المستطيل أو إيجاد حلول أصيلة لبعض المشكلات الملحة .
  - 5
التقويم :وهو أعلى وأعقد النشاطات العقلية المعرفية في تصنيف بلوم ويقصد به تلك العملية العقلية التي يصدر بها المتعلم أحكاماً حول قيمة المحتوى الذي يدرسه ، وهذه الأحكام قد تكون كمية أو كيفية لتحديد مدى ملاءمة المحتوى لمحكات معينة.
  *
تعقيب : تتضح أهمية تصنيف بلوم للأهداف المعرفية في أنه تصنيف هام في إعداد الأهداف وبناء الاختبارات ، لأنه يتضمن معظم أنواع النشاط العقلي ، كما أنه يوجه انتباه المعلم إلى بعض أنواع النشاط التي قد يسقطها من حسابه في أحيان كثيرة مثل التحليل ، التركيب والتقويم ، وهي نشاطات من الضروري تنميتها لدى المتعلم وعدم إغفالها .
ورشة عمل : تشكيل مجموعات تضع ما تشاء من أهداف سلوكية إجرائية في المجال المعرفي متضمنة المستويات المختلفة من تصنيف بلوم للأهداف المعرفية .

الفروق الفردية:
                                                                 

الاختلافات الفردية ظاهرة عامة في جميع الكائنات الحية ، والملاحظة الدقيقة كفيلة بأن تبرز ما لكل فرد من خصائص فردية. وقداهتم الإنسان في مراحل تاريخه في ملاحظة هذه الفروق والاختلافات ، كما شعر المربون ورجال السياسة والإدارة بالفروق وعملوا على ترتيبها وتنظيمها وتحديدها .
يقرر أفلاطون في كتابه ’" الجمهورية المثالية " وضع كل فرد في عمل خاص يناسبه كما يقرر أنه لم يولد اثنان متشابهان . فيصلح أحدهما لعمل ما بينما يصلح الآخر لعمل ثاني .
قسم أفلاطون في كتابة الأفراد إلى ثلاثة أقسام وطبقات : طبقة الفلاسفة أو الحكام ويتميزون بالقوى العاقلة ، وطبقة الجند أو الحراس وهم الأقوياء ويسيطر عليهم الانفعال ويتسمون بالقوة البدنية والغضبية ، وطبقة العمال وهم الفئة التي تمارس الأعمال اليدوية أي المنتجون .

عمومية الفروق الفردية :

  من الملاحظ أن أفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم اختلاف الأنواع بعضها عن بعض .
أشارت بحوث علماء النفس التي اهتمت بدراسة الفروق بين الحيوانات إلى أن أفراد النوع الواحد يختلفون في قدرتهم على التعلم وحل المشكلات والنواحي الانفعالية مثل الخوف والعدوان ومستوى النشاط العام لديهم .
 
لاحظ علماء البيولوجي أن أفراد النوع الواحد يختلفون تشريحياً وفسيولوجياً في كل خاصية يمكن قياسها فمعدل نشاط القلب والتنفس والغدد الصماء وغير الصماء تظهر فيها اختلافات واضحة .
 
ظاهرة الفروق الفردية تعتبر مجال اهتمام مشترك لعدد كبير من العلماء في مختلف التخصصات مثل علماء البيولوجي والأنثروبولوجي وعلم النفس وعلم الاجتماع ولكن يهتم علماء النفس بصفة خاصة بدراسة مشكلات الفروق الفردية .
 
فيما يتعلق بالفروق بين الحيوانات فقد نلمس ذلك لدى بعض الطيور مثلاً في ظاهرة الزعامة والخضوع والتي قد نعتقد أنها قاصرة على البشر .. فتلاحظ من بين الطيور طائراً يرغب في قيادة وزعامة المجموعة بينما يخضع له بعضها . وقد ينازعه آخرون ممن ينتمون إلى مجموعته . كذلك الحال في عالم النبات حيث تنتج بعض البذور إنتاجاً يفوق غيرها من البذور .

المعنى العام للفروق الفردية:

فطن العرب قديماً إلى معنى الفروق الفردية وأهميتها في بناء المجتمع ، فقال الأصمعي " لا يزال الناس بخير ما تباينوا ، فإذا ماتساووا هلكوا " ونادى العرب بالاعتدال في كل شيء حتى تستقيم أمور الحياة . ومن أقوالهم المأثورة في هذا المجال " خير الناس النمط الأوسط يلحق بهم التالي ويرجع إليهم العالي "
 
الفروق الفردية هي التي تعطي للحياة معنى ، وتحدد وظائف أفرادها ، فعندما لا نصلح جميعاً إلا لمهنة واحدة تنهار النهضة التكنولوجية للمجتمع الحديث . وعندما نولد بنسبة ذكاء واحدة ، يختفي مفهوم الذكاء نفسه لأنه لن يصبح صفة تميز بين فرد وآخر.

تعريف الفروق الفردية:

يمكن تعريف الفروق الفردية على النحو التالي :
 
" الانحرافات الفردية عن متوسطة الجماعة التي ينتمي إليها الفرد في أي خاصية أو قدر أو سمة مقاسة ".
 
" الدراسة العلمية لمدى الاختلاف في الصفات المتشابهة "
مظاهر الفروق الفردية :
تأخذ الفروق في النواحي السلوكية ثلاثة مظاهر هي :

 الأول : الفروق بين الفرد ونفسه : ويكمن هذا السلوك في أمرين :

  أ( الفروق بين الفرد ونفسه في مراحل نموه المختلفة حيث تحدث سلسلة من التغيرات في الوظائف الجسمية والنفسية من مرحلة لأخرى ونستطيع أن نميز بسهولة الفروق في مختلف جوانب الشخصية خلال هذه المراحل
 
ب) الفروق بين الفرد ونفسه في القدرات المختلفة . فقدرات الفرد المختلفة لا تكون واحدة لدى الفرد الواحد . فقد يكون مستوى القدرة اللغوية متوسطة بينما يكون ممتازاً في القدرة العددية ، وضعيفاً في القدرة الميكانيكية ، وهكذا الحال فيما يتعلق بالسمات الانفعالية مثل الميول والاتجاهات والقيم .

الثاني : الفروق بين الأفراد في الأداء :

  في حياتنا اليومية يسهل أن نلاحظ الاختلاف بين الأطفال في المدارس في مختلف الجوانب في التحصيل والقدرة على المناقشة و في إجاباتهم اللغوية التحريرية وفي قدراتهم الحسابية وفي ميولهم وأساليب نشاطهم المختلفة ، كما يمكن ملاحظة هذه الفروق كمًّا وكيفاً بين الكبار الذين يمارسون العمل الواحد.

 الثالث : الفروق بين الجماعات :

قد تختلف جماعة في متوسط الدرجات التي تحصل عليها في اختبار من الاختبارات التحصيلية أو الانفعالية أو العقلية عن جماعة أخرى . وهكذا .

الفروق الفردية في الشخصية:

  الشخصية هي " ذلك النظام المتكامل من السمات الجسمية والنفسية الثابتة نسبياً ، والتي تميز الفرد عن غيره ، وتحدد أساليب نشاطه وتفاعله مع البيئة الخارجية ، المادية والاجتماعية ".أو هي " ذلك النمط الفريد الذي يميز الشخص عن غيره "
ويمكن تصنيف السمات التي يختلف فيها الأفراد إلى مجموعتين رئيسيتين هما :

أولاً : مجموعة الخصائص الجسمية:

وهي : تلك التي تتعلق بالنمو الجسمي العام والصحة العامة والطول والوزن أو بعض العاهات الجسمية ، وبعض الخصائص الحسية والحركية .

ثانياً : مجموعة الصفات التي تتعلق بالتنظيم النفسي في الشخصية :

وينقسم التنظيم النفسي بدوره إلى بعدين أساسيين هما:

    أ‌) تنظيم عقلي معرفي : ويتضمن الاستعدادات والقدرات والذكاء العام والتحصيل .
  
ب‌) تنظيم انفعالي وجداني : ويشمل العادات والدوافع والاتجاهات والانفعالات والقيم والعواطف والميول .
الأنواع الرئيسية للفروق الفردية :

هل تعتبر الفروق الفردية فروقاً كمية أو نوعية ؟ بمعنى هل الفرق بين شخص وآخر ينحصر في أن أحدهما يمتلك قدرات أو سمات لا تتوافر بالمرة في الشخص الآخر ، أم أن جميع هذه السمات وتلك القدرات متوفرة في كل فرد وأن الفرق ينحصر في مقدار توفر السمة أو القدرة في كل فرد ؟
 
لا يمكن تقسيم البشر في أي سمة نفسية أو قدرة عقلية أو خاصية جسمية تقسيماً ثنائياً حاداً إلى " من يمتلك " ومن " لا يمتلك " فالجميع يملك فالفروق الفردية فروق كمية حيث تتفاوت من شخص لآخر موزعة على مقياس كمي متصل . أي أن الفروق الفردية تتبع النسق المتدرج في توزيع الخصائص والقدرات والسمات .
إذن الفروق بين الأفراد هي فروق في الدرجة وليست في النوع . فالفرق بين الطول والقصر هو فرق في الدرجة . كذلك الحال في الذكاء فالفرق بين العبقري وضعيف العقل فرق في الدرجة ـ حيث توجد درجات متفاوتة بينهما ولأنهما يقاسان بمقياس واحد .
وإذا كانت الفروق تتوزع كمياً ، فهل توجد درجة الصفر في هذا التوزيع ؟ وهل درجة الصفر على أي اختبار تمثل الدرجة المطلقة لانعدام وجود السمة ؟ وهل معنى أن الشخص الذي حصل على درجة صفر في اختبار للقدرات أو السمات، إنه لا يمتلك أي قدر من هذه القدرة أو السمة ؟
 
الحقيقة أن الصفر ليس صفراً مطلقاً وإنما صفراً نسبياً يتعلق بمستوى صعوبة وسهولة كل اختبار نستخدمه للكشف عن مدى الاختلافات والفروق .

توزيع الفروق الفردية:

  يلاحظ على توزيع الفروق الفردية أن غالبية الأفراد يقعون في منتصف المدى ( متوسط ) وكلما اقتربنا من طرفي التوزيع يقل عدد الأفراد بانتظام مستمر والمنحنى الذي يمثل الفروق الفردية متناسق الطرفين بحيث لو قسم بخط رأسي عند المنتصف نحصل على نصفين متطابقين تقريباً ، ويسمى هذا المنحنى بمنحنى التوزيع الاعتدالي أو المنحنى الجرسي ، وقد ابتكره عالمان من علماء الرياضيات هما لابلاس وجاوس .
 
يتميز هذا المنحنى بأن حوالي 68% من الأفراد يقع في المستوى المتوسط ، بينما عدد الأفراد في المستوى فوق المتوسط 14% وكذلك الأفراد في المستوى دون المتوسط 14% أما الحالات المتطرفة في الطرف الموجب 2% ، وكذلك نفس العدد في الطرف السالب 2% ، ويوضح الشكل التالي كيفية توزيع الفروق الفردية وفقاً لمنحنى التوزيع الاعتدالي :

العوامل المؤثرة في الفروق الفردية :

  الفروق الفردية حقيقة واقعة وليست مجال خلاف بين أحد من العلماء ومجال الخلاف والتساؤل هو : لماذا يختلف الأفراد واحداًَ عن الآخر ؟ أو ما هي العوامل التي ينشأ عنها الاختلاف ؟
 
أسباب هذه الفروق والعوامل المؤدية إليها كثيرة ومتشابكة ، ولكنها على اختلافها تكمن في مجموعتين من العوامل هي :

               أ) العوامل الوراثية .

               ب) العوامل البيئية.

  الوراثة والبيئة قوتان مختلفتان تؤثران على استجابة الفرد لأي مثير خارجي أو داخلي ويختلف علماء النفس فيما بينهم في مدى أهمية كل عامل من هذين العاملين بالنسبة للعامل الآخر .
  
يقصد بالوراثة مجموعة من الصفات تتحدد عندما يتحد الحيوان المنوي بالبويضة ، حيث تعمل المورثات على نقل الصفات الوراثية خلال الأجيال المتعاقبة من الآباء للأبناء ومن السلف للخلف . ومن الأمراض ذات الطبيعة الوراثية مرض السكر وبعض أنواع السرطان وتصلب شرايين المخ وعمى الألوان . وقد تحمس عدد كبير من العلماء إلى دراسة أثر الوراثة في إحداث الفروق الفردية ، العديد من الدراسات والأبحاث التي تؤكد وجهة نظر هؤلاء العلماء في إظهار أهمية ودور الوراثة في الشخصية والسلوك والفروق الفردية .

  أما بالنسبة للبيئة فتعني جميع العوامل التي لا ترتبط بالمورثات ، ويبدأ تأثيرها منذ لحظة تكوين الجنين داخل رحم الأم ، وتعني البيئة جميع المؤثرات المناخية والطبيعية الجغرافية والسيكولوجية التي يتعرض لها الجنين منذ كونه بويضة مخصبة وبعد ميلاده وطوال حياته وحتى الموت .

ولقد ثبت أهمية البيئة في مرحلة ما قبل الميلاد فتغذية الأم ونظام إفرازات الغدد والشروط الفيزيقية المحيطة بالأم ذات تأثير عميق في نمو الجنين . وقد اهتم عدد آخر من العلماء بدراسة أثر البيئة ودورها في الشخصية والسلوك والفروق الفردية وثبت من نتائج العديد من الدراسات أهمية الدور الذي تلعبه البيئة في تشكيل شخصية الفرد حيث تناولت هذه الدراسات العديد من المتغيرات مثل أثر الاتجاهات الوالدية على شخصية الأبناء والعلاقة بين مستوى تعليم كل من الأب والأم وبين ذكاء الأبناء ، وأثر المنطقة السكنية على ذكاء الأطفال ( ريف – حضر ) وكذلك تأثير الحرمان الثقافي ، وحالات الأطفال الذين ولدوا في الغابات .
وهكذا يبدوا أحياناً أن البيئة ذات التأثير الهام ، ويبدوا أحياناً أخرى أن الوراثة ذات التأثير الرئيسي ، ولكن الحقيقة لا وجود لأحدهما دون وجود للآخر وأنهما متفاعلان تفاعلاً كاملاً . وأن الشخصية الإنسانية دالة لحاصل ضرب الوراثة في البيئة .
الشخصية = الوراثة × البيئة، وأن أثر الوراثة قد يكون أكثر ظهوراً في الجانب الجسمي عنه في الجانب العقلي عنه في الجانب الانفعالي والاجتماعي للشخصية. أما أثر البيئة فهو أكثر ظهوراً في الجانب الانفعالي والاجتماعي عنه في الجانب العقلي عنه في الجانب الجسمي .

                                          للاستزادة حول الموضوع، يمكن الرجوع إلى ما يلي :

    - أحمد زكي صالح : علم النفس التربوي . القاهرة : مكتبة النهضة المصرية ، 1972.
    - سليمان الخضري : الفروق الفردية في الذكاء . القاهرة : دار الثقافة ، 1975.
    - يوسف الشيخ ، جابر عبدالحميد : سيكولوجية الفروق الفردية . القاهرة : مكتبة النهضة العربية ، 1964.

أضف تعليق


كود امني
تحديث