والمقصود بها مجموع الصفات والخصائص والسمات التي تكون شخصية المتعلم كفرد متميز، ومنها القدرات العقلية ومستوى الذكاء والخصائص المزاجية- الوجدانية والمهارات والاستعدادات والقابليات ومستوى النضج.

إن السلوك الإنساني يتناغم بصفة مستمرة مع الظروف الداخلية والخارجية التي يتعرض لها الفرد، فنحن لا نستطيع أن نفهم السلوك الإنساني ببساطة متناهية بالرجوع مثلا إلى الظروف والعوامل الخارجية فقط. غن السلوك يتسم بدرجة عالية وملحوظة من التناسق والوحدة. إن كل فرد يحمل استعدادات طبيعية تجعله يفكر ويعمل بشكل معين، والدليل على ذلك اننا قد نجد أشخاصا تستثير غضبهم مواقف معينة، في حين لا تستثير هذه المواقف أي ذرة من الغضب عند أفراد آخرين. وقد يرجع علماء النفس الإكلينيكي السبب في استثارة سلوك الغضب عند أفراد معينين وعدم استثارته عند غيرهم، في نفس المواقف، غلى الاختلاف القائم أصلا في الخصائص الشخصية.

وبناء عليه، ومهما كان ترجيحنا للمحدد الاجتماعين فإننا نؤكد أنه بدون فهم عميق وواع لطبيعة شخصية الفرد، فإننا لا نستطيع أن نفهم سلوكه بدرجة كافية، لأن الشخصية" هي ذلك التنظيم المتكامل من الصفات والمميزات والتركيبات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تبدو في العلاقات الاجتماعية للفرد، والتي تميزه عن غيره من الافراد تمييزا واضحا. ويعني هذا أن مفهوم الشخصية يشمل دوافع الفرد وعواطفه وميوله واهتماماته وسماته الخلقية والخلقية وآراءه ومعتقداته. كما يشمل عاداته الاجتماعية وذكائه ومواهبه الخاصة ومعارفه، وما يتخذه من أهداف ومثل وقيم اجتماعية.".
إن هذا التنظيم في بناء الشخصية هو الذي يكسب التلميذ القدرة على تنظيم سلوكه وتوجيهه نحو هدف معين وكفه عن النشاط في مجال آخر. وفي هذا السياق، يمكن القول إن تشخيص التعثر الدراسي يستلزم دراسة الشخصية في أبعادها الثلاثة :
1 - البعد المعرفي- العقلي :
ويتعلق الأمر في هذا المجال "بجميع أشكال النشاط الفكري لدى الإنسان، وخاصة العمليات العقلية من حفظ وفهم وتحليل وتركيب وتقويم..." أو بعبارة أخرى " بدراسة النمو العقلي – المعرفي في مستوياته التصاعدية التي تبدأ بالإدراك الحاسي وتنتهي بالذكاء.". ويدخل في هذا المجال الرحب مجموعة من العمليات التي لها علاقة مباشرة بالتحصيل الدراسي السوي أو المتعثر.
2 - البعد الوجداني :
يعتبر الوجدان حالة نفسية معقدة ترتبط ارتباطا مباشرا بطبيعة نمو الفرد وبعالمه الخارجي المحيط به... وهكذا يتأثر وجدان الفرد بمستوى ذكائه واستعداداته العقلية.وكذلك بنوع العلاقات السائدة في بيئته الاجتماعية.
ويظهر أثر الوجدان على السلوك التعلمي للتلميذ حينما نتكلم عن مواقف المتعلمين وميولهم وإقبالهم وعزوفهم... بالنسبة لمادة دراسية معينة. وقد يكون لذلك أثر في التعثر الدراسي.
3 - البعد السيكوحركي :
رغم أن هذا البعد لا يحظى بالأهمية التي تولى بالبعد المعرفي ومن بعده البعد الوجداني، فإنه يلعب دورا كبيرا في توازن واتساق الشخصية، ذلك أنه يهيئ الفرد لاكتشاف العالم الخارجي وتكييفه والتعامل معه. وهذا بالذات هو ما دفع المحدثين من المربين وعلماء النفس غلى اعتبار لغة الأداء عند الطفل أكثر من اعتبار لغة اللفظ عنده.
ونظرا لأهمية هذا البعد، فقد اهتم به العديد من البيداغوجيين من مثل هارو الذي خصص لهذا المجال صنافة ظهرت سنة 1972، اعتبرت، ولحد الآن، من أهم صنافات الأهداف السيكو-حركية.
ويكتسي الاهتمام بالنمو السيكو-حركي أهميته في كون الحركة مظهرا قويا من مظاهر نمو الطفل، وهي تخضع في تطورها لكل ما تخضع له مظاهر النمو الآخر " (العقلي، اللغوي، الوجداني...)، وتقوم في جوهرها على اسس علمية صحيحة.
ومن الملاحظ أن التربية الحديثة بدأت تتجه إلى تهيئة الجو الصالح للطفل قصد انفاق طاقته الزائدة في اللعب قفزا وعدوا، قبل أن تطالبه بالهدوء والسكون.

المصدر: سلسلة التكوين التربوي؛ خالد المير وإدريس قاسمي (بتصرف)

أضف تعليق


كود امني
تحديث