يعرف مصطلح بارادايم Paradigm بأنه النموذج الإدراكي.. أو النموذج الفكري أو (نظارة العقل)، التي يصنعها كل إنسان لنفسه نتيجة تأثره ببيئته الثقافية، والتربوية، والنفسية، التي نشأ فيها، وتأثر وتفاعل بها ومعها...، فهناك تقسيم للأشخاص في علم البارادايم، كما حدده البعض، ويتمثل في الصور الآتية:
1- النمطيـون:  
وهم الجدليون (في الغالب)، يُطيلون الحوار لإثبات خطأ الفكرة الجديدة (في ضوء أطرهم وأفكارهم القديمة والمُستقرة لديهم) خاصة وأنهم يتقنون عملهم في ضوء البارادايم السائد.. وهم كما يصفهم جول باركر مُصابون بنوع من الشلل الإدراكي الذي يُعيقهم عن رؤية ما هو خارج البارادايم الخاص بهم، فهم أعداء التغيير، وهم آخر من يلحق بالركب، فلا يحبّون النقاش لأنهم يملّونه وليس لديهم تفاصيل وإثباتات، فهم (خارج منطقة التغطية - أحياناً).
2 - الـــرواد:
هم المحاورون، وهم أول من يلحقوا بالركب، ورواد البارادايم هم الحل، فهم الأفضل في الحوار.. ذلك أنهم يتمتعون بمرونة عالية تجاه البارادايم الجديد، وهم يتبعون الجديد انطلاقاً من الحدس مع شيء من المعلومات (الناقصة)، ويحرص الرواد على تحقيق معادلة صعبة هي دعم المبدع وتشجيعه والاستفادة منه .. وعدم خسارة أو فقدان النمطي الذي يملك ملاحظات ومهارات أيضاً تثري العمل والمسيرة عندما يقتنع أو يستوعب ما يطرحه المبدع.
3 - المبدعـون:
يبدعون في إقناع النمطيين والرواد بإبداعهم.. كما فعل أديسون عندما اخترع المصباح الكهربائي، إذ سأله صحفي: ماذا لو انطفأ المصباح؟ فرد أديسون ببساطة إبداعية: (نعود إلى الظلام الذي كنا فيه أصلاً).
ولذلك فإن نجاح الإنسان أو فشله بحسب نظام تفكيره (نظارة العقل)، وقد تكون الفرص أمامه ولكنه لا يراها لأنه لم يلبس العدسة المناسبة. ومن هنا أقدم – مقترح -   يتمثل في  
 (نموذج البارادايم التَفَكُّري)، والذي من خلاله يتم التعامل مع أي أمر أو (مشكلة) من خلال سياقات تَفَكُّرية متعددة، تتمثل في:
1 -  سيـــاق (التفكير المعرفي حول المشكلة):
 يتم التفكير المعرفي، من خلال الملاحظة الدقيقة للمشكلة، وجمع معلومات عنها ليكون الشخص على: (وعي كامل بها، والتركيز فيها، والإدراك لها، حتى يتم الوصول إلى الفهم الشامل للمشكلة). 
2 – سيـــاق (التأمل الوجداني لجوانب المشكلة):
 الاستكشاف العميق لجميع جوانب المشكلة وتتبع تطورها، وتشخيص واقعها. 
3 – سيــــاق (التدبر العقلي لحل المشكلة):
يتم تحليل المعلومات حول المشكلة بالنقد والتقييم في حيز الواقع، وفق مبادئ واعتبارات منطقية حقيقية، ويتم وضع فروض للحل، وتطبيقها، وتقييم ما تؤول إليه الأمور. 
 4 – سيـــاق (التَفَكُّر في حل المشكلة):
يتم تقويم حلول المشكلة، ومن ثم يتم التوصل إلى حكمة أو عبرة أو عظة، ومن ثم يتم اتخاذ القرار بتطبيقها في الحياة بصفة عامة، بحيث تنعكس قيمة تلك الحكمة أو العبرة أو العظة على السلوك الإنساني بشكل قيمي، وراقِ...  ومن هنا تأتي القدوة المُتَفَكِّرة التي تصنع التَفَكُّر فيمن حولها. 
    وأرى أن خلاصة القول يتمثل في العبارة التالية: ”تمر المعرفة الإنسانية في أي مجال بشكل منظومي من خلال مستويات: الأول (التفكير المعرفي الأولي)، والثاني (التفكير ما بعد المعرفي المتقدم) يتضمن: (التأمل الوجداني – التدبر العقلي)، والثالث (التَفَكُّر الحِكْمِي)، ومن هنا ينشأ التَفَكُّر الإبداعي أو التَفَكُّر الابتكاري أو التَفَكُّر الحِكْمِي بمعنى الوصول إلى حكمة أو عبرة أو عظة ما تحمل قيماً ترتقي بسلوك ومهارات الإنسان إلى الأفضل في أي مجال، ولاسيما مجال التعليم والتعلم ".

                                                        بقلم: عماد عبد الهادي محمد صديق

أضف تعليق


كود امني
تحديث