توجيهات بيداغوجية في ممارسة أنشطة مادة الفلسفة.
أولا: الدّروس:
مهما كانت الاختلافات المنهجية الموجودة بين الأساتذة من درس إلى آخر، و في الدرس الواحد، فإن هناك في مجال التخطيط، ثوابت أو محطات لا يستقيم بدونها و بسهولة، الفهمُ و لا التفكير، منها:
1. مدخل إلى الدرس عن طريق أفكار تمهيدية، يسلم بها كل عقل، أو عن طريق مراجعة بهدف ربط السابق باللاحق، و بهدف تقويم المكتسبات التي يقع الانطلاق منها؛
2. وضع إشكالية (أو مشكلة) على رأس كل درس، و التذكير بها، في كل حصة تخدمها؛
3. التصريح بالأهداف التي تبرر الدرس أو الحصة، و يصاغ هذا التصريح بلغة الكفاءات؛
4. رسم خطة الدرس أو المشـروع، بحيث تكون ماثلة أمام التلاميذ المتعلمين، و تكون بمثابة الأرضية المحصِّنة لجريان الدرس في تحليله، و في مناقشته؛
5. الحرص على جعل كل خطوة من خطوات الدرس، خادمة لما ييسر تحقيق كفاءة جزئية أو خاصة؛
6 . استخدام لغة فلسفية مناسبة، ترعى الوضوح في الأسلوب، والدقة في الألفـاظ، و تضمن الفهم بـواسطة تحديد المفـاهيم و تعـــريف الكلمات المفتـاحية، و الاستشهادات الأمينة، والأمثلة المبينة، مع العلم بأن المثال لا يرقى إلى مستوى الحجة أو الدليل إلا في حالة التصريح به، بأنه كذلك ؛
7. إبــراز المنطلقات الفكرية للدرس في شـكل مسلمات أو افتراضـات، وإتباعها بالبرهنة على صدقها أو خطئها، بواسطة استدلال منطقي قائم على جملة من الحجج المرقمة؛
8 . الانتهاء من الدرس، باستنتـاج أو خاتمة، ينتظر منه، تحقيق الكفـاءات المنشودة في الوقت المخصص له.
ثانيا : النصوص:
وتيسيرا للتمرس على دراسة النص، بشكل عملي و وظيفي، فإننا نرى من المفيد، أن نجمل أهم الخطوات المنهجية في هذا الشأن، في هذه الكلمات الموجزة، بحيث لا بد من:
- تقديم النص في شكله التقني، تقديما يستجيب للمقاييس العلمية و البيداغوجية و الجمالية، كشكل الكلمات، و إبراز الأفكــار الأساسية أو الفـــرعية بالرجوع إلى السطر، و وضعه في متناول المتعلم بحيث تهون قراءته، و تسلم من جميع الأخطاء، و يرتقي بها فهمه، إلى التحكم في جميع أفكاره؛
- وتكليف المتعلمين بتحضير النص، مع تعيين المهمة في ذلك، و في إطار ما وصله من منهجية، كأن نلزمهم بقراءته قراءة سليمة، ومعبرة أو بتقديمٍ له، في السياق الفكري الذي يلائمه، وبطرح الإشكالية في صورة تشوِّق القارئ أو المستمع، للتعرف بكل إلحاح على الجواب، أو نلزمهم بتقديم موقف المؤلف، تقديما يقوم على اكتشاف البنية و مختلف عناصرها المنطقية من حجج وأدلّة.
- وتوجيه المتعلمين إلى تنـاول النص، بأسئلة منهجية و متدرجة ومتكاملة، كأن نسأل مثلا:
1 ـ ما هو الموضوع الفلسفي الذي يطرحه المؤلف، وكيف يمكن التعبير عن مشكلته؟
2 ـ ما هي إجابته أو موقفه أو أطروحته ؟
• ما هو منطقها ؟
• وما هي الأفكار التي يدافع عنها ؟
3 ـ هل يمكن أن نتبناها أو نرفضها؟ (في الفصل الأخير من السنة).
4 ـ ماذا نستنتــج؟
• رسم الإشكالية كما وردت على رأس النص أو الإشكالية المحتملة التي يقدرها القسم لتكون إطارا عاما للنص؛
• التثبت من تحضير المتعلمين للنص، قبل الشروع في دراسته و في أثنائه؛
• تطبيــق الطرائق التي سبق وصفها، تبعا للهدف الذي نسعى إلى تحقيقه و للكفاءات المقررة، كأن نقصد إلى مجرد تحليله أو إلى تحليله كمشروع لتحرير مقالة فلسفية أو للاستفـادة منه في الدرس، بغرض توضيح أو تكملة جوانب منه؛
• استثــمار النص استثمارا كافيا، بحيث يحقق الكفـاءات الخاصة بالدرس و بالنص، وبعض الكفاءات الخاصة بالمقالة.
ثالثا : المقــالات:
1 - يبدأ المتعلم في التمرس على تحرير المقالة تدريجيا، منذ بداية السنة الدراسية؛
2 - التدرب على وضع التصميم قبل الشروع في تحرير المقالة؛ مع ضرورة العمل على تكييفه مع تقدم تحرير المقالة والعكس بالعكس، لأن التقدم في معالجة المشكلة، يؤثر في التصميم الأولي ويتأثر به.
3 - التركيز على محطات المقالة بالتدرج ومن ذلك مثلا،
أ - فهم المشكلة التي يطرحها السؤال وإدراك صعوبة معالجتها، والشعور بضرورة الإقدام على حلها؛
ب - تحرير المقدمات، وما تقتضيه هذه المقدمات من مراحل وشروط؛
ج - تحرير أكثر من مقدمة في المشكلة الواحدة أو الموضوع الواحد؛
د - فهم منطق الأطروحة في استدلالها وحججها واستنتاجاتها؛
ه ـ تحرير أطروحات في موضوعات شتى؛
و - فهم الخواتم وتحريرها وتنويعها في الموضوع والسؤال الواحد؛
ز - تحرير مقالة كاملة، انطلاقا من سؤال أو وضعية أو نص ( في الفصل الأخير).
وبغرض التوضيح، يمكن في الثلاثي الأول مثلا، اختبار المتعلم في فهمه لمشكلة أو أكثر من مشكلة، أو في تحريره لمقدمتين اثنتين لمشكلة واحدة. ويتدرج العمل ويتسلسل حسب الاحتياجات: فقد ينحصر في محطة واحدة أو محطتين أو في تحرير جزء من محطة، وهكذا... إلى غاية الفصل الثاني من السنة الدراسية؛
وعند التركيز على المحطة الوسطى، يجب تحويل الاهتمام نحو الأطروحة ومناقشتها فقط ـ من غير تجاوز أو تركيب ـ لأن هذه مرحلة تتطلب من المتعلم في السنة الثانية استعدادات أوسع، فتؤجل للسنة الثالثة.
رابعا : الإنتاج الفلسفــي:
كيف نتعامل معه ؟
من خطوات إحدى الطرائق التي يوحي بها، واقعنا البيداغوجي، نذكر ما يلي:
1 ـ من الضروري، كخطوة أولى، في التعامل مع الإنتاج، الانطلاق من قراءة إجمالية و تمهيدية، لكامل الإنتاج (أي رسالة المنقذ)، وهي قراءة شخصية، يقوم بها، المتعلم بعيدا عن جوّ القسم، وهذا، بغرض استئذان الإنتاج، وكمدخل افتتاحي يؤهله للولوج في مقاصد متنه شكلا ومضمونا؛
2 ـ كما أنه من المفيد تربويا، تسخير الساعة الأولى، من ساعات العروض الست، لعرض حياة المؤلف، وظروفها بالقدر الكافي الذي يناسب مضامين الإنتاج، ويسهل النفاذ إلى أطوائها؛
3 - السعي إلى تحديد إشكالية الإنتاج، وما تقتضيه من مشكلات جزئية، وتعيين النصوص الكاملة التي تعكسها وتناسبها؛
4 - وعلى ضوء هذه المنهجية، يتم انتقاء بعض النصوص المفتاحية القابلة للشرح، بقدر عدد المشكلات الجزئية، وعدد الساعات المخصصة للنشاط التعلمي، الغرض منه، مصاحبة المؤلف في أفكاره، والتغلغل في نسقه، ومشاركته معاناة التأمل، ومحنة التفلسف؛
5 ـ وينتهي التعامل مع هذا الإنتاج، بتخصيص الساعة الأخيرة، من ساعات العُروض، لاستخلاص نتائج دراسته، والوصول من ثمة، إلى حل إشكاليته.
خامسا : العـروض:
1. ما هو العرض الفلسفي؟
إن العرض الفلسفي هو نشاط تعلمي، يشارك فيه المتعلم بنفسه؛ و هو نشاط يتمثل في بحث يعالَج فيه موضوعٌ فكري ما، يتعلق بنقطة أو بجزء من مضمون البرنامج المقرر، و هو يُعرَض و يناقش أمام رفقائه المتعلمين؛ فقد يكون تلخيصا لفصل في كتاب أو رأيا شخصيا أو مقالا نقديا أو تأليفا تركيبيا لمسألة ذات دلالة، و هو مـوضوع، يختاره المتعلم نفسُه، و يوافق عليه الأستاذ، أو يقترحه الأستاذ ضمن قائمة، و يوافق عليه المتعلم. و غالبا ما يُنجَز هذا النشاط، مجموعاتٍ مجموعاتٍ، لا تتعدى الأربعة أفراد، و يشارك فيه الأستاذ بالتوجيه، فيقترح المصادر أو المراجع المفيدة التي يعوَّل عليها، و يسعى إلى العمل الفعلي في الميدان، و يدلي برأيه في إنجاز التصاميم، و يسهم بخبرته في عدد من مراحل النشاط، مع احترام حرية المتعلم. أما الوقت الذي يخصص لتقديم العرض، فهو ما يقارب العشرين أو الثلاثين دقيقة، و يخصص ما بقي من الساعة للمناقشة و الإثراء.
2 - كيف يتم تقويم العروض؟
يمكن تقويها من موقع الزوايا الآتية:
أ - حسن اختيار الموضوع بحيث يستجيب للجودة و الثراء و اهتمامات المتعلمين و خاصة، تلك الاهتمامات المتعلقة بالحياة الراهنة؛
ب - ثراء التوثيق و العلم باستثمار الوثائق البيبليوغرافية؛
ج - الأمانة العلمية و الصدق في نقل المعطيات المستقاة من مصادر البحث؛
د - يجاوب فعلي بين المتعلمين، و موضوع العرض؛
ه - سلامة اللغة و وضوحها و فصاحة أصحاب البحث و بلاغتهم، و طرافة الطرح و منهجية العرض و منطقه؛
و - كون العرض مصدر اندفاعية و تحمس و مصدر اهتمام يدعو إلى المناظرة و يثير المناقشة؛
ز - كونه يستوجب من أصحاب البحث مستوى عاليا من الجهد.
بقـلم: أوبلـيل .ح