وعندما رجع إلى البيت بدأ يُفكر في حل المسألتين:
كانت المسألتان صعبتين للغاية، فذهب إلى المكتبة وأخذ يجمع المراجع الضرورية للحل. بعد أربعة أيام، استطاع الطالب أن يحلَّ المسألة الأولى وهو ناقم على الدكتور الذي كلفهم بهذا الواجب الصعب والمرهق.
لكن، لما جاءت المحاضرة اللاحقة في الرياضيات، استغرب كثيرا لكون الدكتور لم يطلب منهم تصحيح الواجب المنزلي؛ فسأل الدكتور قائلا: لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام كاملة، وفي الأخير حللتها في أربعة أوراق، لكنك لم تطالبنا بعرض الحلول لحد الآن. ما هو السبب إذن؟. استغرب الدكتور لما سمع وقال: عن أية مسألة تتحدث؟ أنا لم أطالبكم بذلك. أما إن كنت تتحدث عن المسألتين على السبورة، فهما لم تكونا سوى أمثلة عرضتهما على الطلاب لكونهما من النوع الذي عجز العلماء على حلهما لحد الآن. ذهل الطالب لما سمع من الدكتور. بعد لحظة تأمل قصيرة بادر وعرض عليه الحل. كم كانت دهشة الدكتور كبيرة بعد اطلاعه على الحل الصحيح للمسألة والتأكد منه رفقة باقي زملائه.
هذه قصة حقيقية. تعلمنا أن القناعة السلبية التي نحملها معنا حول بعض المواضيع، هي في الواقع مهلكة للفكر الحر، ومقبرة للإرادة الخلاقة والمبدعة. وبالتالي على الإنسان ألا يستسلم لتلك القناعات الجاهزة، ويعتبرها مسلمات لا جدال فيها أبدا.
والغريب في هذه الواقعة، أنه لازالت الحلول التي توصل إليها ذلك الطالب معروضة بالجامعة، شاهدة على الحدث لتذكرنا دائما أن ما نحمله في أذهاننا من مسلمات لا تعدو أن تكون نوعا من المعيقات التي تمنعنا من الانطلاق نحو المبادرة الخلاقة والاجتهاد المثمر.

                                               المصدر: الموسوعة تيوب