وتسعى بريطانيا لتعقب المدرسين ذوي الأداء الضعيف عقب تزايدهم بشكل لافت مؤخرا، حتى إن عددهم وصل لأكثر من 17.000 معلم من مجموع عدد المعلمين البالغ 441.200، بحسب وزارة التعليم البريطانية. ويعد قانون فصل المعلمين هذا واحدا من سلسلة قوانين وإجراءات صارمة أصدرتها وزارة التعليم للرفع من مستويات التعليم في المدارس التي يبلغ عددها في إنجلترا 25.000، ويقضي فيها التلاميذ نحو 190 يوما دراسيا. ومن هذه الإجراءات، الاستغناء عن أكثر من 50 صفحة من قانون المبادئ والتوجيهات الخاص بالتعليم «لم تعد ضرورية»، بالإضافة إلى إعطاء الصلاحيات لإدارات المدارس بفصل أسوأ المدرسين لديها بعد تقييم مدى قدرتهم على زيادة معرفة الطلاب وإدارة سلوكهم بشكل جيد، أو من لا يلتزمون بتطوير ذاتهم.

وتتزايد المطالبات في بريطانيا بإصلاحات شاملة في مختلف نواحي التعليم، ويأتي من بينها انتشار المعلمين غير المؤهلين ممن لا يحملون صفة «معلم مؤهل»، أي لا يحملون شهادة في هذا المجال، وهي شهادة تعطى بعد قضاء فترة تدريب أولية لمدة سنة يكتسب من خلالها الفرد المهارات الأساسية للتدريس التي تتطلبها المعايير التوجيهية العامة لمهنة التدريس.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فيشتكي مديرو المدارس من بيروقراطية هذه المعايير. مثلا، يضطر المسؤولون للانتظار 18 شهرا للتخلص من المعلمين الفاشلين، ولا يتم اتخاذ قرار فصلهم سوى بعد عدة تحذيرات مكتوبة وجلسات استماع رسمية. ومن ناحية مراقبة أداء المدرسين فيحظر رسميا مراقبة أداء المعلمين في الفصول الدراسية لأكثر من ثلاث ساعات في سنة دراسية واحدة، مما يعوق تقييم المعلمين باستمرار ومراقبة أدائهم. كل ذلك حدا بالوزارة لمنح إدارات المدارس الحرية الكاملة لتقييم أداء المدرسين على مدار السنة. كما سُمح للآباء من الآن فصاعدا بحضور الفصول الدراسية لمعاينة الطريقة التي يتم من خلالها التدريس لأبنائهم.

من جانب آخر، أثارت هذه القرارات غضب المعلمين في شتى أنحاء بريطانيا، معتبرين إياها هجوما صريحا على مهنيتهم. وباشرت البرامج الصباحية التلفزيونية والإذاعية نقاش هذا القرار وتداعياته على نظام التعليم الحالي والمعلمين. وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. ويرى المؤيدون أن هذه القرارات ستنعكس إيجابيا على مستقبل التعليم العام من خلال تحفيز المعلمين على إعطاء أفضل ما لديهم. فيما اعتبر المعارضون أن الواجب هو محاولة الحكومة تبني خطط لتحسين أداء المدرسين الضعيفين بدلا من السعي إلى اتخاذ تدابير لإقالتهم بهذه الصورة.
من جهته، دافع وزير التعليم مايكل غوف عن قراراته الأخيرة، قائلا «لا يمكن أن يتطور أي شخص عندما نتساهل مع طرق التدريس الضعيفة. كل لحظة يقضيها أبناؤنا في المدارس ثمينة، وكل عام يمضي وهم غير مشدودين ومتحمسين يجعل المدارس تبدو كآفات»، بحسب ما تناقلته عدد من الصحف البريطانية، مشيرا إلى أن مسؤولي إدارات المدارس ذاتها خاطبوه معبرين عن حاجتهم لصلاحيات جديدة من أجل التحرك لاستبعاد المعلمين غير الأكفاء.

ووصفت كريستين بلور، الأمين العام للاتحاد الوطني للمعلمين، عبر موقع النقابة، هذه التغييرات بأنها «شديدة القسوة»، وهددت النقابة بالإضراب عن العمل للحيلولة دون عرض هذا القانون عليهم. في حين قال كريس كيت، مدير الرابطة الوطنية لاتحاد مديري المدارس «إن التدابير الصارمة اليوم ليست ضرورية تماما، وليس هناك دليل على أن هناك مشاكل مع النظام الحالي»، بحسب ما نقلت صحيفة «ذا إيفيننغ ستاندرد» المسائية.

يذكر أن إنفاق الحكومة البريطانية على التعليم بلغ 8.7 مليار جنيه إسترليني عام 2011/2010. وعلى الرغم من ذلك، يواجه المعلمون مشاكل تتعلق بالمعاشات التقاعدية والحوافز المادية غير العادلة. ويبلغ متوسط معاش المدرسين المتفرغين 36.000 جنيه إسترليني سنويا. وتعاني فصول المدارس الحكومية من اكتظاظها بالطلاب، حيث يتجاوز عدد الطلاب في بعض الفصول 20 طالبا. وأشارت دراسة قام بها الاتحاد الوطني للمعلمين، حول أسباب انصراف المعلمين عن مهنة التعليم بعد قضاء فترة في ممارستها، أن حجم العمل المفرط، وسلوك التلاميذ، والأجور، بجانب عدم وجود الدعم، من أبرز العوامل التي تعوق أداء المعلمين وتصرفهم عن المهنة، حيث تشكل النساء 71 في المائة من المنصرفين عن مهنة التدريس بعد ممارستها، في حين يشكل الرجال 29 في المائة.

                                          المصدر : موقع الشرق الاوسط  (بتصرف)   

أضف تعليق


كود امني
تحديث