منذ أن تخصّص المخ البشري باللغة حيثُ المفردات التجريدية. تراجع استخدامه للنصف المتعيّن للاحساس بالجمال من المُخ. ولهذا صنفت الفلسفة الجمال بعد الحق والخير، ومارس البشر احتقاراً للجمال بأن جعلوه علاقة بين النعت والمنعوت. فلم تعد مفردةٌ بعينها كافيه لنقل الشعور والحدس بالجمال، ولما دخلت حياتنا السياسة مارسنا احتقاراً باسمها.
فالفن أصبح في خدمتها، ولم يكتفِ الساسةُ بذلك بل اعتبروه في خدمة الحرب أيضاً، وذهب المثقفون السياسيون إلى اعتبار الفن ليس بأهمية النقاشات حول الديموقراطيّة وانبرى المثقفون الحقوقيون لاعتبار العدالة أسمى من [تُرّاهات] الجمال، وما له قيمة، بل مارس الجميع احتقاراً أعلى له حين اعتبروا أن الجمال ثانويّ في الحياة، طالما أن لُقمة العيش سراب لايصله إنسان بسهولة. ومارست بعض أنواع من الأفكار الدينية احتقارات بالجملة للجمال عندما ربطته بالرذيلة. بل وألقت عليه حدّاً.
وكانت اللغة أكبر مضطهد ٍ للجمال لأن التعبيرات عنه طفقت لا تليق بالشعور، وتقلّل منه و لكن كانت لتعبيرات من نوع: أن الجمال ذاتيُّ التقييم-وهو صحيح-أقل من الشعور نفسه بالجمال.
واللافت أن الجمال كما كلُ شيئ في الحياة لايخضع لنفس المقياس لدى كل الناس فهو لا يُحقق الإجماع، ومع ذلك يُعتبر عدم التوافق عليه جُرماً لدى من يعتبر نفسه المرجعيّة. تماماً كما يفعلون في السياسة والايديولوجيا الدوغمائية، وهذا ما لايُطيقة الجمال. الأخطر أن يتم تحويل الجمال إلى نسب رياضية وتناسبات قياسيّة فيتم وضع مسطرة له تتحول إلى كما اللجام المحدد لرؤية الحصان.
الجمال باختصار هو الذي يجعل حياتنا أفضل، رغم كل الاضطهاد له، وهو الذي لايمكن استبداله بغيره... حتى ولو كان مُخدِّراً!
الجمال محض استمتاع شخصيّ يتحوّل أحياناً لاستمتاع جماعي الجمال هو أن تتوقف عن تعريفه... لتعيشه. ولتستمتع!
بقلم: عماد فوزي شُعيبي (بتصرف)