هذه مجموعة من النصائح موجهة لجميع معلمي الرياضيات, ويستغرق تطبيق معظمها بعض الوقت في المناهج العادية، لذا عليك أن تأخذ القرار: هل أتجاهل هذه النصائح وأترك طلابي يعانون الملل وعدم الحماس في حصة الرياضيات أم أقضي بعض الوقت في تشويقهم للرياضيات وتحفيزهم للإجابة عن أي سؤال بأنفسهم؟
1 - اجعلها مفيدة:
تعاني معظم حصص الرياضيات من جهل المعلمين بالهدف من تدريس مواضيع معينة, وبما يتلقاه الطلاب في المواد الدراسية الأخرى. وكنتيجة لذلك لا يعرف الطلاب لم يدرسون تلك المواضيع، فيصبح السؤال المعتاد «لماذا علينا تعلم هذه الأشياء؟» منطقيًا. فهل لديك إجابة غير قول «لأنها ستدخل في الاختبار» أو أسوأ من ذلك «لأنها ستفيدكم»؟
من الطرق الممكنة لحل هذه المشكلة إيجاد المجالات التي يمكن أن يستفيد خلالها الطلاب من كل موضوع يتعلمونه (قد تكون حصة العلوم أو الهندسة)، فمن الجيد استخدام أمثلة واقعية من المواد الأخرى وتعريف الطلاب على المجالات التي سيحتاجون فيها إلى استخدام كل موضوع. وكذلك مساعدة الطلاب على الربط بين مواضيع الرياضيات والعالم الحقيقي، وإن لم تكن تعرف كيف يستفاد من تلك المواضيع في الواقع فقم ببعض البحث.
2 - ابدأ بأمثلة ملموسة - ودع المفاهيم المجردة لاحقًا:
تعد الرياضيات من العلوم التجريدية، لكن علماء الرياضيات انطلقوا لقرون عدة من التفكير بمشكلات حقيقية وإيجاد طرق عملية لحلها، قبل تعميم تلك العمليات وتقديم الحلول باستخدام معادلات جبرية.
فإن لم يكن لدى الطلاب معرفة بما تعنيه المشكلات العملية الأساسية فكيف سيتمكنون من فهم تلك المشكلات مجردة على شكل معادلات؟ بدلاً من بدء كل موضوع بوضع المعادلة، ابدأ بطرح أمثلة واقعية للمشكلة التي تم حلها باستخدام تلك المعادلة. ثم ساعد الطلاب على رؤية ما تقدمه النظرية الرياضية لحل تلك المشكلة من خلال عرض عمليات التفكير التي تسبق الحل.
وهناك أمر آخر يجب أخذه بالحسبان، وهو أن الطلاب في هذه الأيام أصبحوا يقضون وقتًا أقل في اللعب بالخارج كما كانوا من قبل، لذلك ليس لديهم خبرة كافية يستندون إليها لإدراك مفاهيم مثل السرعة والتسارع وفكرة تروس الدراجة وعمومًا كيفية عمل الأشياء. لذا عندما تقول «تخيلوا...» يجد الطلاب صعوبة في تخيل ما تتكلم عنه بسبب ضعف خبرتهم الواقعية المتعلقة بذلك المفهوم.
3 - ابدأ بمشكلة واقعية مشوقة (ويفضل أن تكون محلية):
يبدأ معظم معلمي الرياضيات بقول «هذه هي المعادلة الجديدة التي سندرسها اليوم، وهكذا نعوض القيم، وهذا هو الحل الصحيح» المشكلة في هذا الأسلوب أنه لا يحمل أي محاولة لتحفيز الطلاب، بينما من المفيد استفزاز فضولهم باستخدام صورة أومقطع فيديو قصير أو مخطط أو قصة طريفة أو رسم بياني، وهذه الآلية يجب أن تعرض مشكلة مثيرة في البيئة المحلية بحيث يشعر الطلاب بالارتباط بها والقرب منها، وبالطبع فإن الإشارة إلى المشاكل الواقعية العديدة لمساعدة الطلاب على التعلم تمنحهم فرصة المشاركة بتقديم الحلول.
4 - اترك العمل الصعب للحاسوب كلما أمكن:
تبدو كثير من حصص الرياضيات وكأن الهدف منها تدريس العمليات الحسابية بدلاً من زرع المفاهيم، بينما من غير المجدي في هذا العصر أن يقضي البشر الوقت في تعلم كيفية إجراء عمليات حسابية باستخدام طرق جبرية معقدة. يقول جون آلن باولوس: ليست الرياضيات عمليات حسابية بقدر ما أن الطباعة على الآلة الكاتبة ليست هي الأدب.
ومن المهم للغالبية العظمى من الطلاب (الذين لن يصبحوا في النهاية علماء رياضيات) أن يدركوا المفاهيم والعمليات التي تستخدم عند مواجهة المشاكل الواقعية العديدة، لذا عليهم تعلم استخدام النظم الجبرية الحاسوبية والآلات الحاسبة المتطورة لحل تلك المسائل.
حضرت مؤخرًا درس رياضيات أراد خلاله المعلم حساب الانحراف المعياري لمجموعة من النتائج، وبدأ بوضع المعادلة ثم طلب من الطلاب استخدام برنامج إكسل EXcel، حيث أراد منهم تطبيق المعادلة بأنفسهم (بدلاً من ترك إكسل يقوم بها تلقائيًا باستخدام الأمر "STDEV"، وهو ما قام به معظم الطلاب بالفعل). كانت المشكلة أن الطلاب لا يعرفون حتى ما يعنيه مصطلح الانحراف المعياري. وكانوا يدخلون الأرقام مع فهم قليل لما تعنيه، حتى تذكر أحدهم المنحنى المعياري الطبيعي وتمكن من شرح ما كانوا يفعلون. وكان ينبغي أن يتأكد المعلم من حصول الطلاب على فكرة عامة في البداية تشمل المعنى العام للبعد عن الوسط.
أيضًا عند إيجاد طول المنحنى باستخدام حساب التفاضل والتكامل, من غير الممكن الحصول على الإجابة باستخدام التكامل العادي (لأن التكامل غير موجود). لكن باستخدام نظام جبري حاسوبي يمكننا الحصول على الإجابة لمثل هذه المشكلات بسهولة وإعطاء وقت أطول لفهم المسألة والحل المعطى.
حاول الاستفادة من الأدوات المجانية المتاحة على الإنترنت مع طلابك مثل "WolframAlpha وGeogebra". ومن الأفضل أن يقوم الطلاب باستخدامها بأنفسهم، لكن إن لم يتوفر لديك عدد كاف من أجهزة الحاسب الآلي في الفصل فعلى الأقل اشرح لهم كيفية استخدامها.
5 - الإبداع والارتباط:
يشعر العديد من طلاب الرياضيات بقدر قليل من الارتباط بما يدور خلال الحصة, فليس لديهم الكثير مما يقال حول المواضيع التي تدرس (وهذا شائع في معظم مدارس التعليم الرسمي) والواجب المنزلي الذي يطلب من الجميع هو نفسه. لذا ليس من المستغرب ألا يكون هناك حماس تجاه منهج (مقاس واحد يناسب الجميع).
كلنا مبدعون ونحب الإبداع لكن في معظم أنظمة المدارس لا يجد الإبداع التشجيع، بينما هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تشجيع الإبداع في الرياضيات والتقنية أهمها. شجع طلابك على استخدام وسائل إبداعية لوصف المفاهيم الرياضية (مثل إعداد فيلم مرئي أو رسوم متحركة أو رسم تخطيطي أو ربما خريطة مفاهيم).
مثل هذه المهام الفردية تساعد الطلاب على التفكير بصورة أشمل, وتشجعهم على الإبداع وتولد لديهم الإحساس بالارتباط والمشاركة على عكس الواجبات الجماعية التقليدية.
6 - أشرك طلابك:
أشرك طلابك في الدروس, عندما تتحدث إليهم في حصة طويلة دون أن تشجعهم على أي نوع من المشاركة فلا تستغرب تبلدهم.
حاول أن تدفع الطلاب للقيام بنشاطات ذات فائدة في الفصل مثل: تمثيل أدوار المفاهيم, أوالقيام بمسابقات الذاكرة، خاصة تلك التي تساعدهم على تذكر المفردات والرموز، أوالمناقشة الجماعية لسؤال ذي مستوى أعلى حول المقارنة والتحليل...إلخ، أوالاستماع لآرائهم ومشاعرهم تجاه الموضوع المطروح (وهذا نادر في حصص الرياضيات، لذا سيرحبون بسؤالهم والحصول على إجابات لمخاوفهم).
استخدم وسائل التصويت الحديثة أو الطريقة التقليدية برفع الأصابع لتأخذ آراءهم حول أمور مثل السرعة التي يمضي بها الدرس إن كانت مناسبة لهم أم لا، ومناقشة طرق الحل الصحيحة للأسئلة التي يكثر فيها الخطأ.
7 - اطرح أسئلة أكثر تشويقًا:
«اقرأ العبارة التالية واختر الإجابة الصحيحة: يحمل زورق صخرة كبيرة ويطفو على سطح بحيرة، عند إلقاء الصخرة في البحيرة فإن الصخرة تغرق ومستوى ماء البحيرة:
- يرتفع؛
- ينخفض؛
- يبقى كما هو».
تأتي معظم أسئلة الرياضيات للطلاب من الكتاب المقرر أو من أوراق العمل, وكلها تسير عادة على هذا النمط «اقرأ المسألة، استخرج الأرقام، عوض بها في المعادلة المعطاة، أجر بعض العمليات الحسابية، ثم انتقل للمسألة التالية».
لكن من الأفضل أن تحث الطلاب على طرح أسئلتهم، خاصة الأسئلة الخيالية المشوقة بدلاً من الأسئلة التي تعتمد على حساب الأرقام، فالسؤال السابق يساعد على إثارة النقاش الجيد أكثر من أسئلة الكتاب التقليدية.
وهنا مثال آخر: «تخيل أنك تمارس القفز المظلي، الرسم البياني الذي يمثل سرعة هبوطك كدالة للزمن من لحظة قفزك من الطائرة حتى اللحظة التي تحقق فيها السرعة القصوى يمثل:
- مقعرًا لأسفل متزايدًا؛
- مقعرًا لأسفل متناقصًا؛
- خطًا مستقيمًا صاعدًا؛
- مقعرًا لأعلى متزايدًا»
مثل هذه الأسئلة ينتج عنها استيعاب أكبر للمفاهيم دون الحاجة لإجراء أي عمليات حسابية. ما إن يعتاد الطلاب على هذا المستوى من الأسئلة المفاهيمية، فإنهم يبدؤون بطرح أسئلة أكثر عمقًا وجدوى.
8 - دع الطلاب يكتبون الأسئلة:
يفهم الطلاب أكثر عندما يقومون بصياغة أسئلة من عندهم. إحدى الأفكار البسيطة لتشجيعهم على ذلك، أن تطلب منهم وضع أسئلة الاختبار الفصلي، يمكنك توزيع الطلاب في مجموعات صغيرة وتكليفهم باقتراح سؤالين أو ثلاثة في موضوعات فرعية محددة لكل مجموعة، من المدهش حقًا ما يكشفه ذلك من مستوى استيعابهم لما تعلموه، كما أنه يتيح لهم النظر للرياضيات من منظور أوسع.
بعد ذلك اطلب منهم مشاركة الأسئلة مع بقية الطلاب في الفصل ومناقشة حلولها، قد يكون بعضها مستحيل الحل، وهنا يمكن تحويل النقاش حول الخطأ في السؤال وتعديله. ويمكنهم استخدام محرر مستندات غوغل أو موسوعة ويكيبيديا فيكون هناك توثيق لعمليات التفكير والحل التي يقومون بها.
9 - كتابة المقالات:
قد تكون هذه الفكرة غريبة لأننا لم نتعود عليها في حصص الرياضيات, لكنها مع ذلك مفيدة جدًا في التعلم، فالتأمل عنصر أساسي للتعلم الفعال. ولن يدرك الطلاب قيمة الكتابة عن عمليات التفكير في الرياضيات في البداية، لكن بمجرد ما يرون كيف يمكنها مساعدتهم في توضيح شكوكهم فإنهم يتحمسون لاستخدامها أكثر.
10 - المشاريع:
من الطرق الفعالة لإشراك الطلاب تكليفهم بتصميم وصناعة شيء تدخل الرياضيات في إعداده. تطبيق هذه النصيحة سيدخل إلى حصة الرياضيات الجانب الإبداعي والتطبيق العملي، وهو ما تفتقر إليه عادة. وسيكون الأمر أكثر تأثيرًا إن كانت العناصر التي يحتاجون لصناعتها ترتبط بمواد دراسية أخرى، وهذا يساعد الطلاب على العمل بصورة شاملة والربط بين ما عليهم معرفته. ومن الأمثلة على ذلك:
- صناعة روبوتات من قطع الليغو؛
- تشكيل مجسم يشرح انحدار المنحنى عند نقطة محددة؛
- ابتكار أدوات لبرنامج الرياضيات جيوجبرا "Geogebra" تشرح بعض المفاهيم.
إعداد: موري بورن / ديمة المقرن (تتصرف)