لاشيء سـبّـب لـي الكـثـيـر مـن الأذى علــى مـدار سـنـوات عـمـري. مثـل الامتـحـان...
قـد يـظـنّ أحدكـم: أنّ الأمـر عـجـب، فـالامتـحـان يُـثـيـر الشّعـور بالـقـلـق، ويُـخـيـف صغــار الـسّـنّ فـقـط...!
وقـد يـرى آخـر: أنّـه شعـور مـألـوف لـدى عـامّـة الـنّـاس. لا يُـسـتـثـنـي منـه صـبـيّ ولاشـابّ ولا كـهــل...
أمّـا عـنّـي، وبعـد أن طـال الوقـت، وبـلَـغـتُ مـن العـمـر عِـتـيّـا. لازال أثـر هـذا الـبـلاء يُـؤرقـنــي ويَـحـيـا بداخـلـي... فـهـو يـزورنـي فـي الـمـنـام دومـاً دون اسـتـئـذان، لـيـعـود بـي شـريـط الـزّمـن... فــأرى نـفـسـي عـالـقــاً فـي شـراك الأسـئـلـة وفـخـاخـهـا، أقـلّـب أوراقــي البـيـضـاء المبعـثـرة، مُـحـاولاً الـقـيـام بـمـا يَـلـزم فـلا أصـل، بـيـنـمـا الـوقـت يـنـفـد، ويـكــاد يُـشـرف عـلـى الانـتـهـاء...
وكـكـلّ مـرّة، أجـد نـفـسـي غـيـر راض عـمّـا أنـجـزتـه،... فـأنـدم مـا يـكـفــي عـلـى شـيـئ لَـم أتـذكّـره، وأتـحـسّـر كـثـيـراً عـلـى أمـر آخـر لَـم أذكُـره...أنـا لا أفـضّـل زيــارة طـبـيـب لـيـشـفـيـنــي؛ لأنّـي أظـنّ أنّ حـالـتـه كـحـالـتـي... بـل إنّـي مـثـلـه أيـضـاً، أشـبـعـتُ تـلامـذتـي الصّغــار حُـقـنـاً من الامـتـحـان، فـبـرِعـتُ فـي جـعـل جُـرعـاتـهـا تـسـتـقـرُّ فـي زاويـة مُـظـلـمـة مـن روحـهـم...
وكـلّ مـا أخـشـاه الآن، أن أكـون قـد أصـبـتـهـم دون قـصـد بـلَـوثـتـي... فــأدعـو الله أن يـغـفـر لـي قـبـل أن يـعـلـو الـتّـراب جـثّـتـي..
يقلم: سعيد أولاد الصغير