دومًا أطرح هذا السؤال على نفسي، كيف من الممكن أن نحقق للمدرسة "سلطة" جاذبيتها وسحرها وجعلها فضاء للفرح ؟. مهما تمكنا من كل المقاربات التربوية، ومهما حققنا العديد من الإصلاحات التربوية ومهما استثمرنا إمكانيات مالية مهمة في القطاع، ومهما حصنا مدارسنا امنيا وقانونيا وغيرنا العديد من محتوياتها التعلمية، الخ، فلابد من الاإجابة عن هذا السؤال :

  * ما السبيل لجعل المتعلم يقبض على لحظة فرح وهو يبني تعلماته صحبة مدرسه ؟.

كلما تقدم بنا العمر التربوي، ازددنا قناعة وثقة في كون المدرس على وجه الخصوص، هو العمود الفقري والأساسي في كل إصلاح !. وبالتالي لابد من خلخلة العديد من المفاهيم والتمثلات التي رسخت حول المدرس والمدرسة ومهنة التدريس !. لابد من وعينا جميعًا، كمدرسين ومهتمين ومسؤولين وباحثين، الخ، في المجال التربوي وما يرتبط به، بضرورة ربط التعلم بالعديد من حاجيات المتعلم لاسيما في زمن "رخو" كهذا الذي نعيش فيه، حيث الوباء وعولمة العالم اقتصاديا وعلميا وسياسيا وتقنيا وثقافيا، الخ.

 حياة جديدة تنتظر الجميع، مما يفرض على المدرسة إن تكون قوية وقادرة على تحقيق تعلم الفرح !. على مدرسي وأنا بين يديه كمتعلم، ان يساعدني على فهم ذاتي ومحيطي وعالمي و الآخر، وهو يسعى الى تطوير قدراتي وتحقيق الكفايات المنشودة أثناء تخطيطه وتدبيره وتقويمه لتعلمات ما !. عليه ان يربط بين بناء التعلمات وبناء ذات المتعلم . أن يتعلم المتعلم وهو في لحظة فرح، هي لحظة نفسية ، سيكون لها الأثر البالغ في جعله يقبل على التعلم بكل حمولاته !.

  لنعمق السؤال السالف بسؤال آخر. كيف من الممكن ان نجعل من المتعلم راغبًا في التعلم في زمن لا يخلو من عوائق عديدة معرقلة للتعلم، بل ،في عالم أصبح الترقي الاجتماعي يتم خارج المدرسة بعدما كان في القديم من الصعب تحقيقه خارجها !. على المدرس ان يكون فنانا موهوبا جميلا ، قبل أن يكون موظفًا.

 مدرستنا اليوم هي في المحك لخلق شروط نوعية وجديدة مساعدة لخلق ثقافة جديدة تستجيب لحاجيات عديدة للمتعلم عوض مراقبتها لمهمة "إفراغ" مجموعة من التعلمات في "رأس/ دفتر " المتعلم بشكل جاف ، دون مداعبة تربوية ونفسية ووجدانية و إنسانية !. لتحقيق جزء من هذا، فالكل مطالب بالبحث عن مفهوم جديد للمدرس والمدرسة ومحتوياتها التعلمية. مفهوم مرهون ومشتق من وظيفة الفنان الساحر المبهر لمن حوله والمفرح لذلك الطفل الذي يسير في الطريق وهو يبكي ، ما ان يشاهد البهلوان ، إلا ويغير لحظة بكائه بلحظة فرح ممتلكة للعالم كله. هي لحظة رقص تربوي تشكل حلمًا تربويًا وجب البحث مجددًا عنها!.

                                                           بقلم: الحبيب ناصري