من أعقد وأصعب الإشكاليات المطروحة في مدارسنا وفي إصلاحنا التربوي ككل، ما له صلة باللغة. اليوم، العديد من الباحثين والمهتمين والمتخصصين يعون جيدا، طبيعة تسييس الحقل اللغوي وما يطرحه من تبعات كلما اقتربنا من أسئلة الإصلاحات الديداكتيكية اللغوية ككل. لنبق بمعزل ولو بشكل مؤقت عن هذا التعقيد الإصلاحي المطروح في مجال سياسة اللغة في بلادنا وفي معظم البلدان التي عرفت الاستعمار وكبلت يداها بطرق عديدة، لاسيما في المجال التعليمي والتربوي والبحثي والتكويني ليرخي بظلاله على بقية المجالات. مقال اليوم يطرح طريقة تدريس الدرس اللغوي ( نحو وبلاغة، الخ.. )، في مدارسنا.

  الدرس اللغوي مورد من موارد مادة اللغة العربية. طرق عديدة تتبع لتدريسه وتعليمه. فهل علينا تخصيص حصص معزولة لتدريس هذا المكون ، كما هو جارٍ ومنذ سنوات ، ام ومن موقع تغميس المتعلم في مادة اللغة العربية، علينا حذف هذا المورد ومحاولة إحضاره أثناء بناء تعـلمات المتعلم في بقية الموارد الأخرى ؟. أم البحث عن طريق وسط جامع بين الطريقتين السابقتين؟. لازال الدرس اللغوي، يدرس والى يومنا هذا بشكل معزول، عن بقية الموارد الأخرى . ندرسه للمتعلم وكأنه يريد أن يتخصص في النحو او البلاغة ، الخ، مع العلم أنه مطالب أن ينغمس في مكونات أخرى كالقراءة وتعلم الكتابة والتعبير، إلخ، مع إحضار معالجة التعثرات اللغوية، كلما دعت الضرورة دون الغوص فيها وفي تفريعاتها التي عادة ما تنفر متعلم اليوم.

 هذه وجهة نظر العديد من المختصين في الشأن التربوي الإصلاحي . مهما اتفقنا او اختلفنا، فلابد من مراجعة مورد الدرس اللغوي ( نحو وبلاغة، إلخ..)، في أفق تبسيطه وإبعاد المعقد منه والصعب، وجعله، لاحقًا، في متناول من يريد ان يتخصص في الدراسات اللغوية او اللسانيات، الخ. متعلم التعليم الأولي والابتدائي والإعدادي والثانوي، عليه أن يتقن فعل القراءة والتعبير والكتابة وموقعة نفسه في الزمكان الثقافي العربي والإنساني ككل وتملك لذة كل هذا ، طبعًا، مع استحضار معالجة التعثرات اللغوية في حدها البسيط دون جر المتعلم إلى هذا الدرس اللغوي وتفاصيل التفاصيل والتي عادة ما تجعله ينفر من تعلم اللغة العربية ككل. تحفيز المتعلم على الارتجال اللغوي الشفهي والكتابي، مع مواجهة الصعوبات بتدخل المدرس بشكل محدود لتوضيح التعثر اللغوي في حينه، مدخل مهم، لتعميق بناء تعـلمات موارد اللغة العربية التي عليها أن تقدم بشكل متداخل وليس بشكل معزول .

                                                     بقلم: الحبيب ناصري