برعـم الأمـل

 جلست تقلب في القدر طعام العشاء، تحكي لصغيرها الوحيد عن الحياة البسيطة لأهل قريتهم الهادئة... كانت تحاول أن تعينه على نسيان ذكريات أبيه المتوفى ... لترسم على وجهه لحظة فرح اختفى ... رمق الصبي سلة مركونة في زاوية البيت ... أجهش بالبكاء وصرخ: أبي كان يعدني بعناقيد لا تحصى ولا تُعد... وأنا الآن لم أفرح بها ولم أسعـد !؟

بسرعة، أخذت الأم المقهورة السلة واتجهت نحو الدالية الموجودة وراء الكوخ ... لما وصلت، أحست أن خطبا ما قد حدث ... فالأوراق شحبت ... وكل العناقيد اختفت ...... جثت على ركبتيها ... مَشدوهة تحَدِّق في أثر أقدام شبيهة بالحوافر... فجأة، ظهر أمامها شيخ القرية وهو يدير عودا للأراك بين شفتيه ... ثمل نشوان، لم تظهر جرعة ماء على وجنتيه ...تقدم نحوها وقال: سمعت العناقيد تسأل عنك الغصن والفنن ... بل حتى الأصنام والوثن ...فخفت عليك من الظنون ...وجئت لأفك عنك الشجن ...فاعتبريني سرّك ... أم يناسبك قولي في العلن؟ بهتت للحظة ثم زفرت وقالت: لمـن أشكو همّي، لمـن؟ ألمغتصب جاء يهتك جثتي وهي في كفن ...أم لمحتال يبيـع ستارة حزني بلا ثمـن ...لا، لا يشيخ الإفك... دع لإبليس ما لعن! ... فحتى لو بقي لي برعم يتيم ...سأحمل همي بين ضلوعي ... وسأمضي مع الزمن ...فلا أبالي، إن في صدري حنين ... أوفي نهدي لبن احتقن ...فو الله، لن أتسربل في ثوب المذلة والفتن ...حتى وإن صار التسول عندكم مهنة كباقي المهن ..

عادت إلى كوخ حلمها المرتهن ...ضمت برعمها الصغير فسكـن ...

بقلم: سعيد أولاد الصغير