1 - تـعـريـفـهـا:
هي اضطراب لغوي راجع الى إصابة دماغية ذات علاقة بمدى انتشار هذه الإصابة في المناطق العصبية اللغوية وغالبا ما تكون راجعة الى إصابة وعائية عصبية. وهناك أسباب عديدة قد تؤدي إلى إصابة مراكز اللغة في الدماغ منها: الجلطات، الأورام، والإصابات الخارجية المباشرة للدماغ.

إن إصابة الدماغ تؤدي إلى خلل في الوظائف اللغوية المختلفة بدرجات مختلفة مقارنة بشدة ومكان الإصابة. توجد المراكز المسؤولة عن وظائف اللغة في معظم الناس في الشق الأيسر من الدماغ وهو الشق المسيطر. إن حدوث تلف لمنطقة (بروكا)-وهي منطقة موجودة في النصف الأمامي من الشق الأيسر للدّماغ وهي مسؤولة عن إنتاج الكلام- سميت بروكا نسبة إلى العالم الذي اكتشفها- يؤدي إلى تدهور واضطراب في اللغة التعبيرية (Expressive aphasia) وبالتالي عدم قدرة الفرد على إنتاج اللغة. هناك منطقة أخرى تسمى (فيرنكي) نسبة إلى مكتشفها، وتقع في الفص الصدغي من الشق الدماغي الأيسر. إن إصابة هذه المنطقة يؤدي إلى اضطراب في قدرة الفرد على الاستيعاب (Receptive aphasia).

2 - أنـواعـهـا:
حسب ما جاء به الباحثون، هناك عدة أنواع من الحبسة و هي كالآتي:
حبسة بروكاBroka (الأفيزيا التعبيرية) (حبسة حركية): نسبة للعالم الذي اكتشفها و تتميز بفقدان كلي للكلام، وهي نوع يعاني فيه المصاب من الاضطرابات أو العجز في التعبير؛ ولكنه يظل قادراً علي فهم كلام الآخرين. ويلاحظ أن المصاب يكرر لفظ واحد مهما تنوعت الأحاديث أو الأسئلة الموجهة إليه. وقد سميت أفازيا بروكا الحركية (أفيميا) بمعنى عدم القدرة على الكلام بالرغم من وجود الكلمة في ذهن المصاب. وتختلف مدتها من شخص لآخر و حسب نوع الإصابة، و المنطقة المصابة هي التلفيف الثالث من الفص الجبهي الأيسر.

حبسة فيرنكيWernike (الأفيزيا الاستقبالية) (حبسة حسية): أيضا نسبة للعالم الذي اكتشفها و يتميز كلام المصاب بالسرعة و السيولة اللغوية الكبيرة لكنه عاجز على إيصال المعلومة للآخرين لعدم قدرته على الفهم كما يتميز كلامه بالرطانة و انعدام النغمة و اللاعروض، تحدث نتيجة لإصابة أو تلف الخلايا العصبية التي تساعد على تكوين الصور السمعية للكلمات (وينتج عن هذا التلف ظاهرة تسمى "العمى السمعي"، حيث يفقد المصاب بها القدرة على تمييز الأصوات المسموعة وإعطائها دلالاتها فيصبح كلامه مبهما)، ففي حين تكون حاسة السمع سليمة، تفقد الألفاظ معناها لدى السامع، كما لو كانت هذه الألفاظ من لغة أخرى لا يعرفها الفرد. ومن الجدير بالذكر أن المصاب بهذا الاضطراب لا يستطيع فهم الكلام عموماً.

وكلام المصاب بالأفيزيا الاستقبالية أكثر طلاقة من كلام المصاب بالأفيزيا التعبيرية، لكن ذلك يتوقف علي حجم الإصابة، فكلام المصاب بالأفيزيا الاستقبالية قد يتراوح بين أن يكون غريباً نوعاً ما إلي كونه خال تماماً من المعني. وغالباً ما يستخدم هؤلاء المرضي في كلامهم كلمات غير مألوفة أو غير معروفة. والمنطقة المصابة هي التلفيف الأول من الفص الصدغي.

 * الحبسة النسيانية: وهي نقص شديد في الكلام، عدم وجود إضرابات نطقية أو نغمية، استعمال جمل ناقصة أثناء الحوار. وهي عدم القدرة على تذكر أسماء الأشياء، فإذا طلب من المصاب بها تسمية شيء ما فهو إما يلوذ بالصمت أو يذكر الغرض الذي يستعمل فيه هذا الشيء بدلا من ذكر اسمه الذي نسيه.

 * الحبسة المختلطة: اختلاط في بعض أعراض حبسة بروكا و حبسة فيرنكي.

 * الحبسة الكليـة: اضطراب شامل على مستوى النطق و الفهم. و المنطقة المصابة عريضة جدا تمس كل من الفص الجداري، الصدغي و الجبهي. وهي من الحالات النادرة، حيث يعاني المصاب بها من حبسة حركية وحسية نسيانيه مع عجز جزئي في القدرة على الكتابة بسبب إصابة الدماغ بنزيف دماغي أو بجلطة دموية تؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية المؤدية إلى المخ.


 * الحبسة التوصيلية: تتميز بسيولة لغوية سليمة، الفهم عادي نسبيا و لكن المصاب غير قادر على إعادة الكلمات و الجمل، في حين تكون قدرة المصاب علي فهم الكلام المنطوق و الكلام المكتوب إلي حد كبير سليمة.

 - الأفيزيا الممتدة (أو العابرة لمناطق القشرة): ويحدث هذا النوع من الأفيزيا نتيجة إصابة المنطقة القشرية، ولكن هذه الإصابات تبقي علي مراكز أو مناطق اللغة وكذلك المسارات الموصلة بينها سليمة، ولكن هذه الإصابات- في الوقت نفسه- تعزل هذه المراكز أو المناطق عن بقية المخ.

3 - أسبابها و زمن ظهورها:
تظهر الحبسة عند الطفل و الراشد و المسن لأسباب نذكر منها ما يلي:
- الأمراض الوعائية الدماغية.
- الانسداد الوعائي.
- النزيف الدماغي الداخلي.
- سرطان الدماغ.
- الأمراض التطورية.
- الأمراض التعفنية.
- الصدمات الدماغية.
- الأورام الدماغية منها الخبيثة و الحميدة.

قد تظهر مجموعة من الأعراض المرضية على مريض الحبسة الكلامية مثل: عدم القدرة على استعادة الكلمات من الذاكرة، عدم القدرة على تسمية الأشياء، بعض الأفراد قد يحاولون التغلب على عدم مقدرتهم على تسمية الأشياء فيبدأون بوصف الشيء فإذا لم يستطع المريض تسمية " القلم " قد يقول "شيء نكتب به". قد يبدو الكلام مُتعباً وشاقاً على المتحدث، كما قد يشعر المريض بالإحباط لعدم قدرته على الكلام بشكل طبيعي وسلس. عندما لا يستطيع المريض قول الكلمة المناسبة قد يستخدم كلمه تبدو مشابهة لها، فبدلاً من أن يطلب من زوجته " قهوة " قد يقول " صهوة " وبدلاً من "راح" يقول "صاح". بعض المرضى قد يستخدمون كلمات ذات معنى قريب من المعنى للكلمة المرادة. فمثلاً بدلاً أن يقول "ابنتي" قد يقول "ابني"، بدلاً من "ليل"، "نهار"، بدلاً من "ورقة" "قلم". وهنا تشكل الكلمات التي ترتبط مع بعضها البعض بشكل متكرر مشكلة بالنسبة له، فيختار الكلمة الخاطئة من ذلك الزوج من الكلمات. في بعض الأحيان قد يستخدم المريض كلمة من إبداعه الخاص ليس لها أصل في اللغة، مثل مريض ينظر إلى جهاز كمبيوتر. ويقول "شبمير":  كما قد يقوم بحذف كثير من الكلمات التي تقوم بوظائف لغوية معينه كأدوات الربط وحروف الجر والضمائر وأسماء الإشارة وأدوات التعريف. من الأعراض الأخرى التي قد تصاحب الحبسة الكلامية وجود شلل في الجزء الأيمن من الجسم وهو إما أن يكون بسيطاً أو شديداً اعتماداً على شدة الإصابة ومكانها في الدماغ.

4 - العلاج:
فمن ناحية يوجد اعتقاد خاطئ لدى بعض أطباء الأعصاب بأنه ما من علاج ناجع للأفيزيا كونها ناتجة عن إصابة في الدماغ و إصابات الدماغ لا تشفى أو أن الأفيزيا قد تتحسن تلقائياً من دون علاج.
ومن ناحية أخرى فإن أخصائيو التأهيل يؤكدون تحسن مرضى الأفيزيا الذين يتلقون علاجاً لغوياً. وفي الحقيقة فإن المراجعة الموضوعية لنتائج الأبحاث في السنوات المنصرمة تبين أن إصابة الدماغ يمكن أن تشفى وهذا مثبت بأدلة علمية قاطعة لا يتسع الموقف لذكرها هنا.
أما عن التحسن التلقائي للأفيزيا فإن الأبحاث دلت على أن المرضى الذين يتلقون علاجاً لغوياً يتحسنون بمقدار الضعف على الأقل مقارنة بالذين لا يتلقون علاجاً و هذا المقدار من التحسن يتضاعف كلما قدم العلاج أسرع أو بشكل مكثف.

وختاماً فإن علاج الحبسة الكلامية (الأفيزيا) ممكن و بشكل كبير(خلافاً لاعتقاد العديد من أطباء الأعصاب) لدرجة أن كل أطباء الأعصاب الموضوعيين يجب ألا يحرموا مرضى الأفيزيا لديهم من هذه الإمكانية. وكذلك الأمر بالنسبة لذوي هؤلاء المرضى فعليهم واجب عرض مريضهم على أخصائي النطق و اللغة كي يتسنى علاجه.

5 - نصائح وإرشادات:
عند الحديث مع مريض يعاني من حبسة كلامية، لابد من توفير أجواء خاصة خالية من عوامل التشتت، ومن المفيد التحدث مع المريض ببطء ووضوح. إذا كان المريض يعاني من مشكلة في الاستيعاب، حاول أن تستخدم جمل قصيرة ووقفات قصيرة بين الجمل. حاول أن تستخدم الإشارات ولغة الجسم مقروناً بالكلام لزيادة قدرته على فهم الرسالة، أعطه فرصة كافية للإجابة وإذا أردت الاستفسار عن أمر معين حاول أن تستخدم أسئلة تكون إجاباتها "نعم" أو "لا" أو كلمة مفردة. تذكر أن المريض الذي يعاني من حبسة كلامية لم يفقد قدراته الذكائية والعقلية وإنما يعاني من مصاعب في التخاطب.

إعداد: رؤى العلي

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث