* كيفية تحليل الموضوع التربوي:
تحليل الموضوع التربوي ينبني بالأساس على خطوات منهجية منتظمة و مضبوطة، تكون فيها الأفكار متسقة ومطردة ومترابطة بعضها البعض، ولهذا من الضروري التحكم في الربط بين الأفكار و الفقرات و في نوعية الأسلوب المستعمل، والذي يجب أن يكون علميا مسترسلا وسلسا، حيث أن كل مرحلة من مراحل تحرير الموضوع يجب أن تأخذ في الاعتبار إنجازات المراحل السابقة.
أساسيات منهجية:
* القراءة الأولية:
في البداية، يجب العمل على فهم الموضوع التربوي المطروح، ولهذا فإنه من الضروري قراءة وإعادة قراءة الموضوع عدة مرات إذا لزم الأمر، لتحليل المفاهيم الأساسية وتسليط الضوء على الكلمات المهمة والروابط المستعملة في أفق تحديد الإشكالية المحورية و بالتالي الصياغة الأولية لتصميم الموضوع. و عند القراءة الأولية للموضوع، من المستحسن تحديد المفهوم أو المفاهيم المهمة والتي تتناسب تماما مع الإشكالية. ومن الممكن الإشارة إلى الأفكار الهامة وتحليل الكلمات المفاتيح التي تساعد على فهم الموضوع.
* أهمية مسودة الإجابة
يجب أولا تنظيم الأفكار بورقة التسويد كعمل تحضيري، وترتيبها بالنظر لعلاقتها لبعضهما البعض، و هذه خطوة أولية ضرورية. ومن المهم أيضا أن لا نقع في الخطأ الشائع و المتعلق بمحاول الإجابة على الموضوع مباشرة، دون الرجوع إلى الاشتغال على المسودة. كذلك، يستحسن عدم البداية بتحرير المقدمة في المسودة، فمن الأفضل وضع الأفكار المتعلقة بالمقدمة بعد إنجاز التصميم للموضوع الذي سيتم الإعلان عنه في المقدمة.
* ضرورة وضع التصميم:
لا يعير المرشحون عادة أية أهمية لوضع التصميم، اعتقادا منهم أنه لا منفعة ترجى منه و أنه هدر للوقت و الجهد . و الحقيقة أن وضع التصميم يعد بمثابة خطة للعمل، فهو من جهة، يساعد المرشح على تنظيم و تأطير إجابته مما يجعله في مأمن من الخروج عن الموضوع، و من جهة أخرى، يمكن من احترام التناسق والانسجام والتوازن بين أهم العناصر المكونة لهيكل الموضوع (مقدمة، عرض، خاتمة).
* الصياغة و التحرير:
من المتعارف عليه أن صياغة و تحرير موضوع تربوي تخضع عادة للثلاثية الكلاسيكية: مقدمة، عرض، خاتمة. فالمقدمة تعتبر تمهيدا و مدخلا لبسط الإشكالية المحورية للموضوع، أما العرض ففيه تبدأ المعالجة الفعلية للموضوع عن طريق تحليله و تفكيكه عناصره و مناقشة أفكاره، و الخاتمة عبارة عن خلاصة مركزة للاستنتاجات و النتائج المتعلقة بالموضوع المعالج.
1 - المقدمة:
عند كتابة المقدمة يتعين في المقام الأول، بدء الأعمال التحضيرية و التي ترتكز أساسا على قراءة و فهم و تحليل الموضوع. فالمقدمة لا ينبغي أن تكون ملخصا و لا عرضا للموضوع، بدلا من ذلك عليها أن تبرز بالأساس الإشكالية المحورية.
وعندما ننتهي من ضبط و تفكيك المفاهيم الرئيسية للموضوع ، ننتقل لصياغة المقدمة على مرحلتين: من جهة يجب أن نبحث عن المبدأ الموجه و الخيط الناظم لوضع المنهجية التي تؤدي إلى فهم الموضوع. ومن جهة أخرى ينبغي أن تكون صياغة المقدمة موجزة قدر الإمكان مع تجنب الخوض في التفاصيل. كما يجب أن تكون المقدمة متسقة وبسيطة ومباشرة.
2 – العرض : تحليل و مناقشة الإشكالية العامة:
من المقرر في بادئ الأمر الرجوع إلى الإشكالية الأساسية وسؤالها المحوري، و إعادة صياغته و تفكيكه ودمجه في سياق المناقشة و التحليل. حيث يتعين أن تتطور مناقشة الموضوع تدريجيا وبشكل متساو. و في هذا الصدد، لا بد من إعادة تعريف إشكالية الموضوع مرة بعد أخرى، مع الأخذ في الاعتبار المنطلقات التي أسسنا عليها تحليلنا .
بالإضافة إلى ذلك، فشرح و تحليل الموضوع عادة ما يتم في جزأين أو ثلاثة أجزاء، اعتمادا على التصميم المعد في البداية. وهنا يجب دائما العودة إلى العمل التحضيري، و استحضار ما تم مراجعته من مراجع ووثائق تربوية، وإعادة النظر في كل سؤال من خلال الجواب بحيث يحصل لدينا اتساق بين التصميم الأولي و التقدم التدريجي في التحليل و مناقشة الموضوع.
ويستحسن كذلك، مناقشة الأفكار انطلاقا من الاقتباس من المراجع التربوية المتداولة أو من التجربة المهنية الميدانية، ومن المفترض أن تكون جميع الأفكار موضع تبرير وافي.
كما يتعين تجنب الاتفاق المجاني مع الأطروحة المقدمة في الموضوع، بل من الأفضل مناقشة الأفكار وطريقة تقديم الحجج و البراهين. كذلك، يتعين على المرشح إثبات وتوضيح منهجية اشتغاله وإبراز قيمة الموضوع، مع تجنب السقوط في العموميات والابتذال.
ويبقى وضع الأسئلة من بين أفضل المنهجيات المعتمدة في معالجة الموضوع التربوي: ( مستويات أهمية الموضوع، آثار والافتراضات للموضوع، مجالات الدراسة حيث للموضوع معنى...).
3 – الخاتمة:
تحرير الخاتمة غالبا ما يتم تجاهله لأنه يأتي في نهاية وقت إنجاز الموضوع التربوي. ففي الواقع ننظر إليها كعمل إضافي يثقل كاهل المرشح، في حين أن جهدا صغيرا قد يسمح له بسهولة بالقيام بهذا العمل. فينبغي أن لا ننسى أن أي موضوع بدون خاتمة هو عمل غير مكتمل. وبالإضافة إلى ذلك، فالهدف والغرض من الخاتمة هو تقديم الخلاصة العامة للموضوع، وكذا التذكير بالمقترحات التي تم تطويرها خلال العرض من خلال صياغتها و عرضها بطريقة مقتضبة و مختصرة.
وتأسيسا على ذلك، لا بد من التأكيد على أن التوازن عنصر مهم في تحرير الخاتمة. ولذلك، فإن وظيفة الخاتمة هو في هذا المعنى لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها تسمح بتلخيص الأفكار والاستنتاجات التي تم التوصل إليها خلال عمليتي التحليل و المناقشة. وإجمالا، فإن الخاتمة تلخيص كامل وليس ملخص، وفي نفس الوقت، فإنها تتيح المجال لطرح أسئلة وإشكاليات أخرى من شأنها توسيع نطاق البحث مستقبلا في الموضوع.
وأخيرا، هذه كانت بعض الأفكار والاقتراحات المرتبطة بمنهجية الإجابة على الموضوع التربوي والتي حاولنا أن نتقاسمها مع المرشحين المقبلين على اجتياز الامتحان المهني و التي نأمل صادقين أن تساعدهم في تدليل عقبات الامتحان، حيث نكون بذلك قد ساهمنا ولو بالنزر القليل في إفادتهم.
بقلم: عبد الغفور العلام (بتصرف)