يجد بعض الصغار صعوبة في حفظ المعلومات، التي يتلقّونها بشكل مكثف في ساعات اليوم الدراسي، إذ يمضون وقتهم في التنقُّل بين الرياضيات والجغرافيا والعلوم والتاريخ والعلوم الإجتماعية واللغات وغيرها من المواد، إلى أنّ تستنفد طاقتهم الذهنية مع نهاية الدوام الدراسي، ويصبحوا في حاجة إلى تكتيك ما يُعيد النشاط إلى ذاكرتهم ويُبقيها متأهبة للتعاطي مع المسائل كلها. إليك الطريقة لمساعدة طفلك في تقوية ذاكرته كي يستوعب كل هذا الكم من المعلومات.
هل لاحظتِ أنه كلّما سألتِ طفلك عن يومه الدراسي مثلاً أو حاولتِ أن تستفسري منه عمّا جرى معه اليوم، يجاوبك بأنّه نسي؟ وحتى لو سألته عن أمور محددة، مثل: "ماذا فعلت في حصة الرياضة؟ يكون السكوت الجواب الدائم، لا تظني يا عزيزتي، أنّ طفلكِ يرفض التجاوب معكِ، بل إنّ تصرفه هذا يعني بكل بساطة أنّه يتذكّر فعلاً ما جرى معه في المدرسة.

تقول ليزا ديسينجر، بروفيسور في علم نفس الأطفال وإختصاصية في المسائل التربوية في أردمور بنسيلفينيا، إنّه من الطبيعي أن يفقد الطفل في نهاية يومه القدرة على الإستذكار وإستعادة الأحداث بشكل تبدو فيه ذاكرته كأنّها توقفت عن العمل. وتوضّح ليزا، أنّه في المرحلة ما قبل المدرسة، تتركز عملية تعليم الطفل على اللعب وتنمية مهاراته الإجتماعية، إلا أنّ الأمر يتغيّر مع دخوله المدرسة، حيث تنتقل عملية تعليمه إلى التركيز على معالجة نوع آخر من المعلومات وتخزينها في ذاكرته.

يُتوقَّع من الطفل بين عمر السنوات الست والثماني، أن يتذكر كل شيء، منذ لحظة استيقاظه حتى عودته لفراشه ليلاً. وهذا يعني إستعادة تفاصيل الروتين اليومي والمعلومات التي يتعلّمها في الصف. أمام الطفل، في هذه الفترة، مهمة شبه مستحيلة، بالنسبة إليه بالطبع، فهو يحتاج إلى تعلُّم الأرقام والحروف بشكل آلي، كي يتمكّن من القراءة وتهجئة الكلمات، وحل المسائل الرياضية، وتدوين تجربته الخاصة على الدفتر.

في هذه المرحلة وجب عليه إعطاء جواب لدى طرح أسئلة محددة عليه، بدلاً من الإكتفاء بسماع التفاصيل، كما كان يحصل في السابق. مع تزايد هذه المتطلبات الأكاديمية، يشعر بعض الأطفال بأنّهم غير قادرين على إستذكار كل ما يحتاجون إلى معرفته، لدرجة قد يصفون فيها أنفسهم بأنهم حمقى.
إذا كان طفلك يعاني هذه المشكلة، من المهم جدّاً، يا عزيزتي أن تُمطئنيه بأنّ الإستذكار مسألة مهارة، وأن في إمكانه تعلُّمها كأي مهارة أخرى.

 - تمرين الذاكرة:
الذاكرة عملية مُعقَّدة، والطفل، في هذه المرحلة العمرية، يكون في صدد تطوير إستراتيجيات تعينه على إستعادة المعلومات التي حفظها واستذكارها.
تتطلّب عملية الإستذكار قدرة على تخزين المعلومات لثوان، وهو ما يُعرَف بالذاكرة قصيرة المدى، تليها القدرة على تخزينها لدقائق عدّة، مع إنتهاء المعلومات وإستذكارها، وهو ما يُعرف بالذاكرة الناشطة. وأخيراً القدرة على حفظها مدة أطول، وهو ما يُسمّى بالذاكرة طويلة الأمد. مثلاً، عندما يقوم الطفل بنسخ الكلمات المكتوبة أمامه على اللوح، يجب عليه أن يتذكّر تسلسل موقع الحروف، ليتمكن من كتابة تلك الكلمات على الورقة، من دون أن يرغم على تمضية وقته في النظر إلى اللوح ومن ثمّ إلى الورقة. أحياناً كثيرة، يلجأ بعض الأطفال إلى إعتماد تكتيك ما، يساعدهم على حفظ الكلمات، مثل لفظ الكلمة بصوت خافت أو ترديد الحروف بصوت عالٍ، ليتسنّى لهم النجاح في مهمتهم. يشير الخبراء إلى أنّه كلّما زادت فرص تمرين ذاكرة الطفل، سهل عليه التعامل مع كمية المعلومات الهائلة التي تُعطى له في المدرسة. إليك بعض النصائح لمساعدة طفلك على تقوية ذاكرته:

 - العناية بالتفاصيل:
أظهرت الدراسات مدى تأثير الأهل في عملية تطوير ذاكرة طفلهم، على المدى الطويل، من خلال طرحهم أسئلة محددة عليه ترتبط بمناسبة معيّنة، وخلق فرص للحوار والتحدُّث عن أنشطة أو مواقف حصلت معه في الماضي. مثلاً، إذا صَدَف أن أخذت طفلك إلى أحد المهرجانات، اسأليه، عمّا أحبه في هذا المهرجان، وعن أفضل ما حصل معه هناك. يمكنك أن تساعديه أيضاً وتذكريه ببعض الأمور أو التفاصيل، في حال نسيها.
- إختاري له الألعاب المنشطة للذاكرة:
من المهم جدّاً تمرين ذاكرة طفلك من خلال إختيار الألعاب المناسبة لمثل هذا الهدف. مثلاً، حاولي أثناء وجودكما في السيارة، أن تتشاركا في لعبة "أنا ذاهبة في رحلة وسوف آخذ معي..."، تتطلّب هذه اللعبة تعداد الأشياء التي يحتاج إليها الإنسان في رحلته، وعلى كل شخص أن يُسمِّي غرضاً واحداً، على أن تتم إعادة تسمية كل الأشياء عند إضافة غرض جديد إلى اللائحة.
 -  جزِّئي مهمته:
إذا طلب من طفلك أن يحفظ قصيدة قصيرة أو بعض السطور في إحدى المسرحيات، ساعديه في هذه المهمة من خلال تعليمه كيفية تقسيم مهمته تلك إلى أجزاء عدة، على أن يبدأ في حفظ الجزء الأصعب.

- التركيز على تمرين الذاكرة طيلة الوقت:

حاولي دائماً، أن تجدي له الفرص لتمرين ذاكرته من خلال الطلب منه إمتحان قدرته على تهجئة الكلمات أو تسميع جدول الضرب. كرري الأرقام على مسمعه لتسهيل عملية إستذكارها لاحقاً، وشجعيه على إعادة كتابة الكلمات الصعبة التي نجح في تهجئتها.
عندما يعي طفلك أنّ الذاكرة هي مسألة مهارة ويمكن تعلُّمها أو التدرُّب عليها، سوف يشعر بأنّه أذكى وسوف يكون أكثر ثقة بنفسه وبقدرته على التعامُل مع المعلومات الصعبة.

- تقنيات تسهل على الطفل عملية الحفظ والإستذكار:

* الأسلوب النظري: إذا قدمت لطفلك صورة لينظر إليها، سوف يحفظ ويتذكّر المعلومات التي تحتويها بشكل أسهل من مجرّد سرد المعلومات على مسمعه، مثلاً إذا كان يدرس الجغرافيا أعطيه خريطة البلد الذي يدرسه، اطلبي منه أن يقسمها إلى أجزاء ويُعيد جمعها تماماً كما يفعل في لعبة البازل.
* الأسلوب الشفهي: علِّمي طفلك حفظ حروف الأبجدية عن طريق الغناء، أو أي معلومات أخرى من خلال ربطها بقصة ما.
* الاعتماد على اليدين: يمكن للطفل أن يستعين بأصابع يديه في عمليات الطرح والجمع والضرب أو العد بصوت عالٍ. وتُعتَبَر عملية نسخ الكلمات من أفضل الوسائل لمساعدة الطفل في حفظ طريقة كتابتها.

 المصد: لبرسوناتي. كون