ينظر إلى البراغماتية بوجه عام باعتبارها وليدة الفلسفة الأمريكية. والواقع أنها ترتبط بالتراث التجريبي البريطاني الذى يؤكد أننا لا نستطيع أن نعرف إلا خبراتنا الحسية. أما من حيث ما تنادى به من تغيير فإنها ترجع فى ذلك إلى هرقليطس أحد الفلاسفة اليونانيين الذى عاش قبل سقراط.
أما زعماء دعاتها المعاصرين فهم ( تشارس بيرس و وليم جيمس وجون ديوى ). وهم يختلفون إلى حد كبير فى طرائقهم واستنتاجاتهم. فنظرة بيرس عن البراغماتية موجهة إلى الفيزياء والرياضيات .أما نظرة ديوى فتنجه إلى العلم الاجتماعي وإلى علم الأحياء. ومن جهة أخرى نجد أن فلسفة (وليم جيمس) شخصية وسيكولوجية وتحركها اعتبارات دينية.
والبراغماتية لها تأثيرات إلى حد أبعد من الواقعية أو المثالية بالأحداث المعاصرة. فخلال فترة التدهور أو الانهيار الاقتصادي فى أمريكا، ركزت اهتمامها الأول على الفردية ودعت إلى شعور اجتماعي أكبر. ومن الرواند التى تأثرت بها البراغماتية ( نظرية التطور لداروين والنظرية النسبية لأينشتاين ).
أمّا المبادئ الرئيسية لهذه الفلسفة فهي :
1 - ديمومة التغير أو التغير المستمر ( أن التغير في جميع مجالات الحياة مستمر ولا يتوقف).
2 - نسبية القيم ( أي أن القيم لا تبقى ثابتة لا تتغير بل هي قابلة للتبدل والتغير).
3 - دراسة الطبيعة الاجتماعية والبيولوجية للإنسان .
4 - أهمية الديموقراطية كطريقة فى الحياة.
5- أن قيمة الذكاء الناقد تكون فى جميع السلوك الإنساني .
موقف البراغماتية من الميتافيزيقا والتربية :
يرفض كل البراغماتيين اعتبار الميتافيزيقا ( عالم ما بعد الطبيعة العالم غير مرئي) ميدانا مشروعا للبحث الفلسفي. فالواقع فى نظرهم يتحدد بخبرات الفرد الحسية. وأن الإنسان لا يستطيع أن يعرف شيئا أبعد من خبراته. ومن ثم فإن التساؤلات حول الطبيعة المطلقة للإنسان و الكون لا يمكن الإجابة عليها؛ لأنها تتعدى حدود خبرات الفرد وتفوق قدراته .
إنّ الفلسفة البراغماتية شأنها شأن الفلسفة المثالية مدرسة أحادية .إلا أن البراغماتية تؤمن بالوجود المادي وحده فى حين أن الفلسفة المثالية تؤمن بالوجود الروحي وحده. ويرفض البراغماتيون البحث في المشكلات الميتافيزيقية.
ويعتبرون البحث فيها مضيعة للوقت. لأن أية نتائج يتوصل اليها أي باحث فيها ليس لها معنى. لأنها لا تعدو أن تكون مجرد تخمينات أو تكهنات لا يمكن التحقق من صحتها . وليس للدنيا معناه الا إلى الحد الذي يكون الإنسان عنده قادراً علي قراءة معناه الخاص به فيها . أي أن الدنيا وإذا ما كان للكون ذاته معنى أعمق؛ فإنه يظل مخبوءاً عن الأنسان ولايمكن أن يكون جزءا منه. والبراغماتية إنسانية فى مزاجها وتؤيد المبدأ اليونانى القديم القائل ( بأن إنسان مقياس كل شئ ) .
والفرق بين براغماتية (جيمس ) وبراغماتية ( بيرس و ديوى ) هو أن (جيمس) أكد حق الفرد فى خلق الحقيقة الخاصة، بينما أعلن الأخيران أن وقائع الحقيقة أريت بادئ ذي بدء على أيدي العالم الطبيعي .
يجب أن تستهدف التربية فى ظل البراغماتية تعليم الفرد كيف يفكر حتى يستطيع أن يتكيف مع مجتمع دائم التغير.ويجب على المدرسة أن تُعـد لدى التلميذ تلك الخبرات التى تساعده على أن يحيا حياة سعيدة.
وهذا يتطلب فى المدرسة الاهتمام بالنواحي التالية :
1 - الصحة الجيدة.
2 - المهارات المهنية.
3 - الاهتمامات والهوايات من أجل وقت الفراغ.
4 - الإعداد للأدوات الاجتماعية.
5 - القدرة على التعامل بكفاءة مع المشكلات الاجتماعية .
وبالنسبة لطريقة التدريس فإنها يجب أن تعتمد على طريقة حل المشكلات وطريقة التعلم بالاكتشاف.
وهذا الطريقة تتطلب من المعلم أن يكون متحلياً بالصفات الآتية :
1 - أن يكون متسامحا- واسع العقل - متكبر- متحمسا.
2 - ان يكون صديقا- مرشدا – متيقظا – صبوراَ .
3 - أن يكون متعاونا ومخلصا- على وعي اجتماعي.
ويجب على المعلم ألا يصب المعلومات فى عقل التلميذ لأن مثل هذه الطريقة عديمة القيمة فى نظر البراغماتية. بل يجب أن يتعلم التلميذ وفق احتياجاته واهتماماته ومشكلاته, وبمعنى آخر فإن محتوى المعرفة ليس هدف فى حد ذاته. لكنه وسليه لغايه.
ومن ثم يجب على المعلم القيام بالأمور الآتية :
1 - ان يقدم الخبرات التى تستثير التلميذ وتثير اهتماماته و ذلك من خلال الرحلات والأفلام و التسجيلات و الضيوف الزائرين.
2 - أن يساعد التلميذ على تحديد المشكلة وأن يساعده أيضا فى تحديد أهدافه .
3 - أن يخطط مع الفصل الأغراض الفردية والجماعية التى توضع لحل المشكلة.
4 - أن يساعد التلاميذ فى جمع المعلومات المرتبطة بالمشكلة من خلال المصادر المختلفة كالكتب والأفلام والتسجيلات والزيارات والرحلات وغيرها.
5 - ان يشرك التلاميذ فى خبرات تعلم نواتجه.
إعداد : مؤيد بركات حسن