فابسم الاحترام المطلق للطفل ينتهي الأمر، كما يسجّل ميريو بانزعاج، باعتباره " الكائن المسكين المنذور للعزلة في مدرسة تقليدية تسيء معاملته في الأساس". باختصار هو تقويض سافر للتربية الوطنية. مؤسَّسة مضمونة لأنها، كما يصفها، تجارة تبشيرية بالتربية الإيجابية، في صورة مناهج من شأنها أن تتيح للآباء والمربّين، على حدّ سواء، تجنّب جميع أشكال المواجهة مع الطفل. ولكن، بالنسبة لفليب ميريو، إذا كانت أطروحة قابليى التربية الوطنية، أي الاعتقاد بقوة كامنة لدى الطفل، تعتبر الشرط اللازم لمُهمّة التربية، فإنّ إنكار المعيقات هو وهمُ يفتح ثغرة في وجه الانزلاقات الفردانية التي يتوجّب على المدرسة أن تحمي نفسها منها.
يناقش فليب ميريو بحماسة، في كتابه الأخير"التصدّي؛ la riposte" المسارات التربوية الحالية: المدرسة البديلة، العلوم العصبية، المناهج التقليدية الصالحة،... دون أن يُغفل مَوضوعتها في سياقها التاريخي، أو يتناسى أنّ التربية قضية أكثر تعقيداً من أن نقدّم أجوبة مبسّطة. هو موقف من حقيقة التربية، التربية كما يقول فليب ميريو ليست علماً، إنّها" فنّ الإنجاز" بالمعنى الذي يقصده " ميشيل دو سيرتو" هو فنّ هشّ، وإنساني بالأساس. اللقاء البيداغوجي هو شيء متفرّد، يستدعي تقييم الشخص، وقدرته على أخذ الآخر بعين الاعتبار. وهذا التفرّد لا رجعة عنه. إنّه يتضمّن، دائماً، قدراً من السّياق ومن القيم. بمعنى حمولة من القيم تشكّل دعامة مشروع المجتمع. ولكن الأسئلة الضمنية التي ما فتئت تناوشه في مجموع أعماله هي: لماذا نربّي...؟. وما المجتمع الذي ننشد بناءه...؟.
إعداد: رومينا رينالدي وهيلواز ليريتي ؛ ترجمة: طارق غرماوي