أفادت دراسة دولية بأن الأشخاص الذين يقضون سنوات أطول في التعليم، أقل عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب بما في ذلك النوبات القلبية وقصور القلب. أجرى الدراسة باحثون في جامعتي لندن وأكسفورد في بريطانيا وجامعة لوزان في سويسرا، ونشروا نتائج دراستهم في العدد الأخير من دورية "بريتش ميديكل جورنال" العلمية. 
 
وللوصول إلى نتائج الدراسة، أجرى الفريق تحليلاً للمتغيرات الوراثية لـ 543733 رجلاً وامرأة في أوروبا، واختبروا 162 متغيرًا وراثيًا يرتبط بالاستمرار في التعليم. ووجد الباحثون أن قضاء 3.6 سنوات إضافية في التعليم -وهو ما يعادل فترة الحصول على درجة جامعية- يساهم في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 30 بالمئة. ووجد الباحثون أيضًا أن وجود استعداد وراثي لقضاء وقت أطول في التعليم ارتبط كذلك بانخفاض مؤشر كتلة الجسم، أي المؤشر الذي يربط وزن الجسم بالطول ويكشف الإصابة بالسمنة والبدانة أو النحافة. 
 
وقال فريق البحث إن زيادة عدد السنوات التي يقضيها الناس في النظام التعليمي قد تقلل من خطر الإصابة بمرض القلب التاجي بدرجة كبيرة في وقت لاحق. وأضاف أعضاء الفريق أن هذه النتائج يجب أن تحفز النقاشات حول زيادة التحصيل العلمي لدى عامة السكان لتحسين الصحة. 
 
ويحدث مرض القلب التاجي عندما تضيق الشرايين التاجية عن طريق تراكم تدريجي للدهون في تلك الشرايين، وتشمل أعراضها الرئيسية الذبحة الصدرية والنوبات القلبية وقصور القلب. 
 
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تأتي في صدارة أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم؛ حيث أن عدد الوفيات الناجمة عنها يفوق عدد الوفيات الناجمة عن أيّ من أسباب الوفيات الأخرى. دراسة سابقة أكدت على أهمية تعلم لغة ثانية حتى بعد التقدم في السن وبينت تأثير ذلك على القدرات الذهنية والإدراكية. وأضافت المنظمة أن نحو 17.3 مليون نسمة يقضون نحبهم جرّاء أمراض القلب سنويًا، ما يمثل 30 بالمئة من مجموع الوفيات التي تقع في العالم كل عام، وبحلول عام 2030 من المتوقع وفاة 23 مليون شخص بسبب الأمراض القلبية سنويًا. 
 
وتعليقا على هذه الدراسة نقلت الشبكة البريطانية، بي بي سي، عن تيم فرايلينغ، أستاذ علم الوراثة البشرية في جامعة إكستر، قوله "هناك روابط قوية بين الصحة والثروة، وهو ما يعني بالتأكيد وجود علاقة بين الصحة والتعليم". 
 
وأضاف "هذه الدراسة مهمة لأن الباحثين اعتمدوا طريقة عشوائية فعالة مع أشخاص يحملون مؤهلات تعليمية مختلفة، من خلال مقارنة ميلهم الجيني إلى قضاء فترة أطول في التعليم". 
 
وقال الدكتور مايك كنابتون، المدير الطبي المساعد في مؤسسة القلب البريطانية "هذا البحث يمكننا من إضافة تحسين صحة القلب إلى قائمة فوائد البقاء في التعليم لفترة أطول، فضلا عن دوره في الحصول على وظيفة والاستقلال المالي". 
 
وأوضح أن "هذه النتائج لا تمثل مفاجأة لأن قضاء المزيد من الوقت في التعليم يرتبط بانخفاض معدلات التدخين وانخفاض مؤشر كتلة الجسم، وهما من العوامل الخطيرة المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب التاجية"، مضيفا أن البحث ركز أيضا على تحليل التصرف الجيني للناس. 
 
وتابع "هذا أمر مثير للاهتمام حقا، فمن خلال النظر في كيفية تسبب الجينات في الإصابة بأمراض القلب، يمكننا أن نقترب خطوة واحدة لاكتشاف دواء جديد لعلاج أمراض القلب التاجية، وهي مسؤولة عن 70 ألف حالة وفاة في بريطانيا". 
 
وكانت دراسة سابقة قد أكدت على أهمية تعلم لغة ثانية حتى بعد التقدم في السن وبينت تأثير ذلك على القدرات الذهنية والإدراكية. فقد خلصت دراسة أجريت في جامعة إدنبرة الإسكتلندية ببريطانيا إلى أن تعلم لغة ثانية يمكن أن يؤثر تأثيرا إيجابيا على الدماغ، حتى وإن كان ذلك بعد مرحلة البلوغ. 
 
ولاحظ الباحثون في هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة "أنالز أوف نيورولوجي" (حوليات علم الأعصاب) المختصة بطب الأعصاب، وجود تحسن في القراءة والطلاقة في الكلام ومستوى الفهم في الاختبارات التي أجروها على 262 شخصا ما بين أحد عشر عاما وحتى أشخاص بلغوا العقد الثامن من عمرهم. 
 
وركزت الدراسة في جوهرها على ما إذا كان تعلم لغة جديدة من شأنه أن يحسن الوظائف الإدراكية لدى الإنسان، أو ما إذا كان باستطاعة الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات إدراكية أفضل أن يكونوا أكثر قدرة على تعلم لغة أخرى. وقال توماس باك، الأستاذ بمركز الشيخوخة المعرفية وعلم الأوبئة الإدراكي التابع للجامعة، إنه يعتقد أنه قد توصل إلى إجابة عن هذا السؤال.
المصدر: مجلة العرب

أضف تعليق


كود امني
تحديث